الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مذاق السعادة كيف يكون؟


يبدو أن أحدًا أخبرها بما كتبته عن الحزن وعن تساؤلى هل له صديق؟ ومؤكد أن أحدهم أخبرها بحوارى الطويل مع الحزن ووصفه وكل ما ينعت به.. لأنها جاءت لى من وراء جدر، ودوامت الطرق على أبواب عمرى الصماء التى لم تستطع من كثرة ما سمعت من أصوات حزينة أن تميز وتتعرف على صوتها، لذا فقد داومت الطرق حتى استطاعت أذنى أن تخبرنى أن ثمة هاتفًا يريدني، وبما إننى منذ سنين عدة قد اعتدت على ملازمة الحزن فقد كنت متأكدة أن توابعه هى من تطلبنى وتحرص على دوام الصداقة والمحبة فقمت متثاقلة مترقبة للمزيد من الآهات والدموع ولكننى خيب ظنى لأن الطرقات كانت تحمل صدى آخر وصوتًا جديدًا جعل قلبي ينتفض بطريقة مغايرة لانتفاضاته المتراكمة على صدرى منذ زمن بعيد.

فسألت من الطارق وهممت أن أفتح وأزيل جدر الحزن للتعرف على من بالخارج إلا أن الصوت الطارق بادرنى بألا افتح لأنه لن يدخل، وأخذنى الاندهاش وسألته مادمت لن تدخل فلماذا تطرق على باب عمرى؟ فجاء صوته عذبا جميلًا سرى بين أوصالى وكأنه مياه باردة صبت صبا على رأس محموم.

وقال لى صاحب الصوت لقد أتيت فقط لأسجل غيرتى من الصفات التى منحتيها للحزن، ومن كونك صديقته ورفيقة دربه.. ولم يعطنى فرصة لأسأله عن هويته.. واستكمل حديثه وقال إذا كان الحزن بكل ما فيه من آلام قد صار صديقك وسعدتى به واعتبرتيه بوابة عبور للجنة ولكونك من الصابرين فمابالك لو كنت أنا صديقك.. هل كنتِ ستسعدين بى وترتقى دراجتك إلى الدرجات العلى من الجنة مع الصابرين والأبرار؟ وكلما تحدث استعذب صوته وأبذل مجهودًا كى افتح الأبواب وأراه وأتخيل ملامحه وأتحسس ملمسه وأتعرف على مواطن الجمال التى تؤسرنى اسرا لمجرد سريان صوتها فى جنبات منزلى وانتشارها فى جدر عمرى

ولكننى كلما حاولت أن أكسر هذه الأبواب أو حتى افتحها لا أستطيع حتى اعيتنى المحاولة وكسرنى وهزمنى الفشل فاكتفيت بالمكوث خلف الجدار وبسماع صوت هذا الجميل غير المعروف الهوية، وهو يقول لى أنا من يعشقنى الجميع وأنا مقياس البهجة وأنا لغة الاغنياء وطبيعة عيش الامراء، وأنا من يعبرون به عن الرفاهية والرخاء.. أنا من يسعى كل المحبين لجلبه الى من يحبون.. أنا الحب المترجم فى عبارات ولمسات وهمسات.

أنا من يقاوم ويصلب ويسعى بكل ما أوتى من قوة محبيه لمواجهة ومجابهة صديقك (الحزن) أنا من يتمنى الكل أن يعيش معه وبه وله عمر أنا بسمة طفل فرحة فتاة عند لقاء أول حب لها.. أنا لحظة تفانى عندما ترى ام وليدها عندما يأتى من رحمها الى الدنيا.. أنا التقاء ابن عائد لوطنه بعد طول غياب.. أنا حضن أم لابنها الذى اعياه السفر واضناه البعاد. أنا اب يحضن وحيده ويبعد عنه كل عذابات الحياة.. أنا نظرة رضا وكلمة شكر ومعنى جميل يعيش عليه الأوفياء.. أنا لا أقتحم الابواب ولا ادخل بدعوة من اصحابها ولا مرافقا لأي كان.. أنا صناعة ربانية اختص بها بعضًا من عباده وأعطاه لآخرين فتنة وامتحانًا.

أنا من اذا ملأ المنازل والقلوب كان لابد ان يلازمنى فراق وشدائد وازمات.. فأنا جنة الكافر وجحيم المؤمن.. أنا كلمة مفردة ولكن معانيها تفسر بكل معانى الحياة.. أنا وإن عز استمرارى الا اننى اذا ما اشرقت لصبح واحد غيرت فيه معالم الحياه.. انا الفرح.. انا السعادة.. أنا من مستلزمات الحياة..
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط