قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

أردوغان الخاسر دوما!!

×

قبيل ثورة ٢٥ يناير، وأثناء قضاء إجازة لي بمصر، لاحظت انبهارا كبيرا بتركيا، من خلال تلك الجلسات التي جمعتني ببعض الأصدقاء الذين يمكن وصفهم، دون غلوِّ، بالمثقفين، وكان لي رأي مخالف لأصدقائي هؤلاء، ذلك الرأي كان نابعا من قناعاتي التي رفضت أن تقبل الحركة البهلوانية التمثيلية من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في منتدى دافوس، في يناير من العام ٢٠٠٩، حينما ترك المنصة اعتراضا على رئيس الوزراء الإسرائيلي، آنذاك، شيمون بيريز، ذلك المشهد الذي رأيته لا يتسق وذلك التعاون التركي الإسرائيلي على كل المستويات.

الانبهار بتركيا، قبيل ثورة ٢٥ يناير، لم يكن فقط متملك تلك الدائرة الصغيرة من الأصدقاء، ولكنه كان منسحبا على قطاع كبير من الشعب المصري، وكذلك صنَّاع الرأي العام، إن جاز التعبير، من كتاب ومفكرين وإعلاميين، ذلك الذي لم أر له مبررا، ربما بحكم إقامتي في الغرب الأوربي، ذلك الذي أضع من خلاله تركيا موضعها الصحيح، بعد أن أُفَلْتِرُ تلك النظرة من ذلك التاريخ العدائي بين أوربا وتركيا.

ولقد أيقنت، بما لا يدع مجالا للشك، أن تلك الصورة المُضَخَّمَة عن وعي وقصد لتركيا في أذهان الشعب المصري، كانت جزءا من مخطط كبير يستهدف المنطقة وفي القلب منها مصر، وكانت محاولة مستميتة لتسويق التجربة التركية الأردوجانية، باعتبارها نموذج يحتذى، وقع في ذلك شخصيات مصرية كبيرة نذكر منهم، على سبيل المثال، المهندس نجيب ساويرس الذي خرج علينا ذات مرة، ليتمنى أن توصِلنا ثورة الخامس والعشرين من يناير إلى النموذج العلماني التركي، لا النموذج الباكستاني!، وكأنه لابد أن نختار ما بين خيارين كليهما علقم!!.

ولأن، حسب قناعاتي، كانت تركيا الأردوجانية أحد أدوات المخطط في المنطقة، فلم يتخل أردوغان عن دوره الذي تجاوزه الزمن بعد قيام الشعب المصري بثورته المجيدة في الثلاثين من يونيه، لقد أدرك مَنْ هم يستعملون أردوغان أن المشروع قد انهار على أعتاب مصر، نعم إنهم لم يعترفوا بذلك منذ الوهلة الأولى، ولا بتصريح واضح قاطع، حيث أنهم لم يعلنوا، في الأصل أنهم المُخَطِّطُون، ولقد حاولوا الوقوف في وجه الثورة المصرية، ولم يكن لديهم من بديل تبتكره عقولهم، غير ذلك القالب الذي يتم استدعاؤه كلما حاولوا تركيع دولة أو شعب، بإلصاق كلمة انقلاب، على ثورة شعبية جارفة، هذه المرة لم تجد هذه الفكرة لهم نفعا، حيث التف الشعب المصري حول جيشه وقيادته، كما حمى الجيش الشعب في ثورته، فكان التكامل الذي أعاد الفكرة التآمرية المُعَلَّبَة إلى حيث كانت.

أدرك المُخَطِّطُ أن اللعبة قد كُشِفَتْ، وأن الخطة قد أُجْهِضَت، وأن المبارزة شارفت على الانتهاء، وأن الهزيمة محققة، فانسحب، مُرغَمًا، بعد مباراة خسرها، ومعركة هُزِمَ فيها ولكن الأدوات، لأنها بلا عقول استمرت، وأخذت تقوم بدور المُخَطُِطِين، وتُقَدِّم نفسها العالم وكأنها وقد نبت لها رأس وتُدَبِّر أمرا وتدير عملا، وتنفذ خططا هي ما صنعتها، وأصبح واضحا جليا أن هؤلاء الأدوات غير مدركين للأحداث، وأنهم يعبثون عبثا لا طائل من ورائه لِما كان يُدَبَّر للمنطقة، وأن نتائجه، بكل تأكيد عكسية، ستعود عليهم، وقد عادت.

تخيل أردوغان أن لديه أوراقا يستطيع أن يضغط بها؛ ليس في المنطقة فحسب، بل في دوائر تلك العلاقات المتشابكة، بين الإقليمية والدولية، وتخطى حدوده وإمكاناته، بصلفه العثماني، وعدم معرفته الدقيقة لما يملك من قدرات، فتطاول على مصر وقيادتها، فخسر، وتجرأ على روسيا بوتين القوية فركع، وعلى أوربا المتحدة، فحوصر، وعلى إيران اللاعب القوي في المنطقة، فتراجع.

لم يخض أردوغان معركة واحدة وأكملها منتصرا، يستطيع القارئ الكريم أن يعصر زناد فكره، الذي لن يدله على انتصار كامل لأوردغان، إلا ذلك الذي يملأ أذهان دراويشه الذين يصنعون له تمثالا في خيالهم، سيصحون حتما، لو امتلكوا إراداتهم، ليتأكدوا أنهم من شمع صنعوه، وجاءت نار الأحداث الملتهبة فانصهر ولم يعد له وجود.