باتت المناطق الأثرية بمحافظة بني سويف ومنها منطقة ميدوم أبو صير الملق بمركز الواسطي شمال المحافظة، ومدينة "إهناسيا"، والحيبة بمركز الفشن، ودشاشة بمركز سمسطا مهددة بالشطب من منظمة اليونسكو نتيجة للنهب الذى تعرضت له والتعديات التى تمت على مساحات هائلة من أراضيها من قبل أهالى حولوها لحفر هاوية ومنازل عشوائية فى غيبة تامة من الأجهزة المعنية.
تلك المناطق الأثرية توجد بها مقابر الأسرتين الوسطى والحديثة ويكاد لا يخلو متر فيها من وجود آثار، إلا أن المستكشف منها وفقا لخبراء أثريين مصريين وأجانب لا يزيد على 30% فقط من مساحات هذه الأراضى.
وتعرضت تلك المناطق الأثرية للنهب، خاصة إهناسيا وأبو صير الملق، إضافة إلى تدمير منطقة الحيبة الأثرية بالفشن، والتى توجد بها بقايا مدينة وقلاع وحصون عسكرية ترجع للعصرين اليونانى والرومانى، فضلا عن عمليات التنقيب العشوائية عن الآثار بباقى المناطق، والتى وصلت إلى حفر مئات الآبار بلغت قمة المأساة فيها حيث لقي العديد من المواطنين الباحثين عن الثراء السريع عن طريق التنقيب عن الآثار مصرعهم أثناء عمليات التنقيب.
أما عن الخريطة الأثرية لمحافظة بني سويف، فتعد منطقة إهناسيا الأثرية، عاصمة مصر قبل توحيد مينا للقطرين، هي الأقدم والأهم قاطبة، حيث كانت إهناسيا عاصمة مصر القديمة في الأسرتين التاسعة والعاشرة، والإقليم العشرين قبل توحيد القطرين، وعثر بها على مجموعة من المقابر من عصر الأسرة 22 وبها نقوش مختلفة، ومازالت بقايا أعمدة المعبد الروماني موجودة حتى الآن بالمنطقة، وخرجت من المنطقة مجموعة كبيرة من الآثار الصغيرة المتمثلة في الأواني الكانوبية أواني حفظ الأحشاء، عند تحنيط الموتى، والتمائم، والأواني الفخارية، والحلي الموجودة في متحف بني سويف ومتحف إهناسيا حاليا.
وتضم المنطقة الأثرية العديد من بقايا المعابد، وعثر على مجموعة كبيرة من الآثار أهمها تمثالان من الكوارتز لرمسيس الثانى والمدينة العظيمة ذات طبيعة دينية خاصة في التاريخ الفرعوني القديم، وكانت مسرحا للأسطورة الفرعونية القديمة "هلاك البحرية"، وكانت مقرا لإقامة المعابد خلال الأسر التاسعة والعاشرة والثانية عشرة وخلال عصري الدولة الحديثة واليوناني الروماني.
وعلى الرغم من الزيارة القريبة التي قام بها الدكتور خالد العناني، وزير الآثار، للمحافظة، إلا أن يد التطوير لم تمتد إلى جميع مناطق المحافظة قاطبة.
واختفت ملامح معبد رمسيس خلف حشائش «الحلفا والعاقول» وغطت الحشائش وجه رمسيس بالكامل، وتحولت المنطقة إلى مسرح مفتوح من كل الجوانب، وإلى مرعى للمواشي والماعز، حيث يستخدمها الأهالي في تغذية الماشية التي يتم ربطها في المعابد والمسلات الفرعونية، كما يتجه إليها الرجال والنساء لاستخدام في فك السحر وإنجاب الذكور، بينما غرقت بقايا المعبد في المياه الجوفية التي ضربت المنطقة بأكملها، دون وجود أي ملامح لتحرك مسئولى المحافظة ووزارة الآثار لإنقاذ المعابد التي تغرق في المياه الجوفية، خاصة بعد فشل مشروع شفط المياه من المنطقة، الذي كبد ميزانية الوزارة أكثر من 26 مليون جنيه.
أما منطقة "أبو صير الملق" شمال المحافظة كانت مرتبطة بمدينة "أهناسيا" عاصمة مصر الشمالية في العصر الانتقالي الأول، وكانت تسمى فى العصر اليونانى الرومانى" بوزيريس" المشتق من الاسم الفرعونى القديم " بر- أوزير" ومعناه بيت الإله "أوزوريس"، وهو ما تطور إلى اسمها الحالي أبو صير.
المنطقة مساحتها أكثر من 400 فدان، بها آثار تخص مرحلة ما قبل الأسرات حتى العصور الرومانية، وهي ليست استثناء للتجاوزات وإنما يجرى عليها ما يجرى على أغلب المواقع الأثرية فى مصر الآن.
تم العثور فى هذا الموقع على شواهد لعصر "نقادة" الثاني والعصر "الصاوي" والعصر المتأخر، والعصر اليوناني الروماني والعصر القبطي، كما عثر على "دفنات" للهكسوس تعود إلى الأسرة 17، كما أن بعض المخطوطات المكتوبة باللغة اليونانية تشير إلى هذا الموقع بالتحديد من القرن الثالث قبل الميلاد، وحتى القرن السادس الميلادي، وفى العصر الأموى ارتبط الموقع بوفاة الخليفة مروان ابن محمد الجعدي (744- 751هجريا)، حيث كتب أنه توفى بالقرب من دير بأبوصير المغلق، ويقال إن شاهد قبره ما يزال موجودا حتى الآن.
وهو ما يعني أن لهذا الموقع الأثرى أهمية كبيرة، باعتبار تلك الجبانة واحدة من أكثر الجبانات الأثرية تنوعا وقدما فى التاريخ المصري.
وفي منطقة ميدوم بالواسطي تضم المنطقة الهرم والمعبد الجنائزي والطريق الصاعد ومصاطب الأمراء، والهرم بدأ بنائه الملك حوني آخر ملوك الأسرة الثالثة وأتمه الملك سنفرو مؤسس الأسرة الرابعة، وكان الهرم مكونا من سبع درجات لم يبق منها إلا أربعة حاليًا بارتفاع 45 مترا.
كما توجد المصطبة رقم 16 وهي عبارة عن مصطبة كبيرة من الطوب اللبن مغطى بطبقة من الحصى يظهر في جدرانها المشكاوات، وأهمها لوحة "أوز ميدوم" الموجودة حاليًا بالمتحف المصري بالقاهرة.
وفي منطقة آثار دشاشة بمركز سمسطا هي عبارة عن جبانة فرعونية مميزة وتقع أعلى الجبل الغربي على ارتفاع 40 مترًا من سطح الأرض وتعود إلى الأسرة الخامسة وتحتوي على مقابر قطعت في الصخر، أشهرها مقبرتا أنتي وشدو، وعثر بالمنطقة على تمثال من الحجر الجيري لشخص يدعي نن خفتيك.
أما في الحيبة بمركز الفشن جنوب المحافظة، فيوجد تل آثار الحيبة من التلال الأثرية المهمة وبه جبانة تعود لعصر الانتقال الثالث، كما أنه غنى بآثار لفترة تاريخية مهمة من الأسرة العشرين وحتى الأسرة الـ22 وهي من الفترات التاريخية المهمة، وكانت بمثابة البلد الحدودية بين كهنة آمون في طيبة وملوك مصر في تانيس، وبني بها سور ضخم ختم بأختام كهنتها.
منذ 2001، أصبحت الحيبة مركز لعمليات تنقيبات مستمرة من قبل فريق علماء آثار جامعة كاليفورنيا، بركلي، ومع ذلك، ونظرًا لحالة عدم الاستقرار التي تشهدها البلاد منذ قيام ثورة 25 يناير 2011، فقد تعرض الموقع لعمليات نهب منهجي للموقع، وتم حفر مئات الحفر، وانتهكت المقابر، وتدمرت الجدران، وتركت الرفات البشرية متناثرة.
أما عن متحف آثار بني سويف فحدث ولا حرج أكثر من 3 آلاف قطعة أثرية فرعونية، حبيسة مخازن الآثار، منذ دخول متحف الآثار ببنى سويف في أعمال تطوير في عام 2008، والتي تمتد حتى يومنا هذا، بسبب عدم وجود تمويل لإنهاء أعمال التطوير وعرض هذه القطع الأثرية الثمينة على الجمهور.
المتحف أنشئ عام 1981 وتم افتتاحه عام 1997 على مساحة 4860 مترا مربعا ويضم مجموعة من الآثار التي ترجع للعصور الفرعونية واليونانية والقبطية والإسلامية والعصر الحديث، والتي تشمل تماثيل حجرية وبرونزية وفخارية وأواني مختلفة الأشكال والمواد والأحجار والعقود المختلفة والتوابيت واللوحات والعملات الفضية والذهبية والأقمشة التي تمثل التاريخ المصري القديم والحديث.
فالمتحف ويحتوي على قطع أثرية نادرة، استخرجت من مناطق أبوصير وإهناسيا والحيبة الأثرية، وتنوعت ما بين الإسلامي والقبطي والفرعوني، ونظرًا لتجاهل وسائل الإعلام للمتحف افتقد قيمته كمزار سياحي وتجاهلته أيضًا الوزارة فأصبح الآن عرضة للانهيار؛ وأدخلته الوزارة في مراحل التطوير بسبب تآكل جدرانه بأملاح المياه الجوفية والرطوبة، فضلًا عن ردائة وسائل عرض القطع الأثرية، التي تجذب الزائر على الاستمتاع بأثريتها.
تم إخلاء المتحف وتغليف وتشوين القطع الخاصة به داخل صناديق، وتم تشوينها بالمخزن الموجود بالبدروم، منذ 2012 بناءً على موافقة رئيس قطاع المتاحف، فهو يضم أكثر من 3 آلاف قطعة أثرية أصبح معظمها عرضة للإبادة والتآكل.