الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هل الحزن له صديق؟


جاءت بها الأقدار اليه لتراه وجها لوجه، شخص ملموس ماثل أمامها بكل ملامحه المتعارف عليها من القصص والروايات والشعر والشعراء، حدقت فيه وحاولت أن تلمسه لتعرف ماهيته وطبيعته وملمسه، فوجدته كائن عادى ملمسه لا يختلف عن ملمس البشر وأن كان جلده جافا خشنا من قلة موارد السعادة فيه، عيناه حزينتان -وهذا طبيعى- فقد اعتادت على البكاء وهطول الدموع، شفتاه مجعدتان لا تتبسمان -وهذا ايضا طبيعى- فقد اتخذت موضع النحيب، وجهه كله مكرمشا منطويا متألما لأنه لم يعرف طعم السعادة.

بدأت حديثها معه بالسلام، فرده مرغما، وشعرت أنه لم يعد يهوى الكلام واكتفى بالصمت واحتواء آلامه ومعاناته، التقت عيناها فى عينيه فأصابتها مما فيهما نصيب أضيف الى ما تحمله من مآسى، حاولت أن تسحب منه كلمات أو اعترافات عنه وعن حاله، ولكنه اكتفى بالعبرات والدموع، ل،ن هذه الكنوز هى ما يملكه بنهم.

سألته عن وقته كيف يقضيه؟ فأجاب بمحاولة أن ينهى حزنه أو أن يجد من يشاركه همه، سألته عن عمره كيف يقضيه وسط كل ما يحمله من مشاعر حزينى وآلام تصاحبه وتلازمه طوال نشأته وحتى مماته؟ فأجابها بانه اعتاد حياته وكل ما فيها أصبح مكملا للهدف من وجوده على هذه الدنيا، سألته وهى قلقة من هم أصدقائك؟ وصعقت عندما وجدته يضحك ويقول لها للاسف أنا الوحيد على ظهر هذه الأرض الذى يعرفه معظم البشر وعايشوه وعاشوا معه، فأنا المسيطر على سمة الحياة لأنها كما قال الرحمن كبد، وأنا ممثل لهذا الكبد.

وشجعها اعترافه على سؤاله هل لك صديق مقرب؟ فقال كل من يعيشنى صديقى.. فقالت له هل تحبهم؟ فرد متساءلا هل يحبوننى هم؟ وحاولت أن تخرج من حوارها معه بقيمة أو بحكمة فسألته كيف نتغلب عليك؟ فضحك مستهزءا بأن هذا مستحيل لأن الهروب منى وقتى، والعودة لى حتمية وطويلة المدى، وعقب قائلا: ولكنى استطيع أن أقول لكى أن القرب من الله يجعلك متفهمة لطبيعتى وراضية بقضاء الله مقتنعة بما عليه حالك بانه ابتلاء له أجر.

جاءته حزينة وتركته أكثر حزنا لأنها أضاعت من عمرها عمرا لم تكن راضية بأن مافيها نعمة تؤجر عليها وترفع درجاتها فى الجنان العلا، وسألته نفسها ألست جديرة بأن أكون للحزن صديقة؟!.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط