أعمارنا كيف نقضيها

لو عاش الإنسان خمسة وسبعين عاما في المتوسط، كيف يقضيها ؟ ماذا يفعل فيها.. كم يأخذ من الدنيا وكم يعطيها ؟..

قام باحثون أمريكيون وأوروبيون بمراقبة حياة الإنسان وحساب أنشطته لحظة بلحظة ويوما بيوم طوال عمره، وخرجت أبحاثهم بنتائج مهمة وأعدوا ما يشبه "كشف حساب" لكيفية قضاء هذه الأعوام الخمسة والسبعين بأيامها ولياليها.

ثلثي عمر الإنسان تقريبا يمضي في سبعة أمور شائعة: النوم والأكل والعمل ومشاهدة التلفزيون والإنترنت ونظافة المنزل وقيادة السيارة (أو السفر)، وذلك على النحو التالي: يقضي الإنسان ثلث حياته كاملا (أي خمسة وعشرين عاما) في النوم، يحلم فيها 150 ألف مرة، ويقضي سبع سنوات أخرى مستلقيا على السرير إما للراحة أو في انتظار النوم نفسه.. عشر سنوات يمضيها في العمل، وعشر سنوات أمام التلفزيون، خمس سنوات ونصف أمام الانترنت، أربع سنوات كلام في التليفون..أربع سنوات ونصف يقود السيارة أو يسافر.. أربع سنوات في الأكل، وعامين ونصف في الطبخ ، أربعة أشهر في حلاقة ذقن الرجل وثمان سنوات يذهب فيها للتبضع، أما المرأة فتقضي عشر سنوات من حياتها في التبضع.. يمضي الرجل سنة كاملة في تنظيف المنزل بينما المرأة تقضي في ذلك سنتين، وكلاهما يقطع سنة ونصف في الاستحمام، والكل يلازم الفراش سنة ونصف من وعكات صحية متفرقة وعابرة.

ويبدو أن التطور السريع في قدرات الهاتف المحمول سيجعله منافسا قويا لوسائل أخرى كالتلفزيون وسيأخذ من أعمارنا أوقاتا أطول في المستقبل.
يأكل الشخص 35 طن من الطعام، ويفرز 17 ألف لتر لعاب، ويطرد 13 طن براز، ويخرج منه ريح 400 ألف مرة،.. يشرب 87 ألف لتر مياه ويطرد أقل من نصفها بول (41 ألف لتر)، والرجل الكادح يعرق ما يكفي لملأ ثلاثة حمامات سباحة متوسطة بالعرق. يقضي كل إنسان 92 يوما في التبول والتبرز. يتثاءب ربع مليون مرة في حياته، وعينه ترمش 300 مليون مرة، ويضحك 290 ألف مرة، ويشكو خمسة شهور من حال الدنيا (وبينت الأبحاث أن الأجيال السابقة كانت أقل شكوى وأكثر ضحكا ومرحا من الجيل الحالي).. سنة كاملة تمر من عمر الرجل وعينه تحدق في النساء، كما يقطع أسبوعين في التقبيل و 117 يوما في العلاقة الحميمية.. وللمرأة بعض الخصوصيات، فهي تمر بأربع سنوات حيض، وتمضي عام ونصف في ترتيب شعرها وعاما كاملا تفكر في ماذا تلبس..طوال حياته يمشي الإنسان 184 مليون خطوة تكفي للدوران حول الكرة الأرضية خمس مرات، ويدق قلبه 3 مليارات دقة.

وبالرغم من كل ما ذكرناه، ما يزال هناك جزء متبق من الوقت وأعمال متنوعة لم تتتطرق إليها الأبحاث. فمثلا، لم تتطرق إلى أوقات العبادة نظرا لحساسيتها واختلافها الكبير بين البشر، ما بين ناسك متعبد وهب حياته كلها لله، وبين مقصر أو ملحد، كما لم تشمل الأبحاث أنشطة أخرى كأعمال الصيانة وممارسة الرياضة وملاعبة الأطفال وتربيتها، كونها أعمال لا يقوم بها الجميع. نفس الصعوبة واجهت الباحثين عند محاولتهم معرفة عدد الكتب التي قد يقرؤها الإنسان في حياته، إلا أن دراسة اقتصرت على المتعلمين بالطبع، حددت ما بين خمسة إلى ستة آلاف كتاب في المتوسط يقرؤها الشخص ما بين دراسة وهواية.

من المؤكد أن إجراء هذا النوع من الأبحاث كان ضروريا ومفيدا، فيعض نتائجها شكلت مفاجأة قد تدفع بالكثير إلى إعادة النظر في ترتيب أولويات حياتهم أوترشيد بعضها، أو تعظيم الاستفادة منها على نحو أفضل، فالعمر محسوب علينا واللحظة التي تمضي منه لن تعود..وسيسأل كل واحد منا يوم القيامة عن "عمره فيما أفناه".