في سلسلة "كتاب الهلال"؛ صدر للناقد السينمائي أحمد يوسف كتاب عنوانه "سياسة عادل إمام... رسائل من الوالي"؛ في معارضة لعنوان فيلم "رسالة إلى الوالي".
ويقول رئيس تحرير السلسلة؛ سعد القرش إنه على رغم كثرة الكتب التي تناولت السيرة الفنية لعادل إمام، فإن هذا أول كتاب يتقصى ـ بهذا العمق والإحاطة ـ أبرز جوانب هذه السيرة، وعلاقتها بالسياق الاجتماعي والسياسي، وكيفية استثمار ظاهرة إمام لصالح نظام، وهي قراءة متأنية تبتعد عن إطلاق الألقاب عن النجم الأوحد، والفنان الأكثر جماهيرية.
هنا كتاب يتجاوز النقد الفني والسينمائي بالمعنى التقليدي، ليستعيد المشهد العام الذي شهد تحولات عاصفة منذ منتصف السبعينات ولا يزال الانهيار مستمرا، والأهم أنه يضعنا في قلب المشهد، طرفا قلقا في المعادلة.
ويرى المؤلف، وهو ناقد ومترجم سينمائي بارز، أنه بقدر ما اكتسبت أفلام عادل إمام خلال الثمانينات من شعبية هائلة، فإنه كان يتم تجاهلها من جانب النقد الجاد باعتبارها أفلامًا "سوقية" لا تليق بالمثقفين، برغم أنها كانت على أقل تقدير تستحق التحليل الاجتماعي في التأثير "السياسي" الذي تحققه.
فقد كانت، بحسب المؤلف "تمثل منبرا ماكرا تمارس الجماهير من فوقه نوعا من الديموقراطية الساذجة من خلال سخرية عادل إمام من الواقع، وكانت هذه الجماهير هى حزب عادل إمام غير الرسمى، ولم يكن غريبا بالطبع أن يتعامل الإعلام الرسمى مع هذه الأفلام بالتعالي المصطنع، أو حتى بالحط من شأنها أحيانا، حتى أنه لم تتم في تلك الفترة دعوة بطلها ولو لمرة واحدة لمناسبة رسمية أو مهرجان ثقافي، وكان النجم الشعبي يعلن آنذاك أنه لا ينتظر جائزة سوى عشق الجمهور له".
فجأة، ومع فيلم "اللعب مع الكبار" - يقول المؤلف - بدأت بالفعل حقبة اللعب مع الكبار، فبدا كما لو أن أصحاب السياسة الرسمية، والمثقفين الذين يسيرون في ركابها، قد اكتشفوا الدور الذي يقوم به هذا النجم والتأثير الذي يمارسه على جمهوره، فتحول موقفهم تجاهه من النقيض إلى النقيض، فكأنهم أدركوا أنه يمكن "توظيف" نجوميته لصالحهم، ليجعلوه ينطق بأفكارهم ومفاهيمهم المغلوطة، أو المسطحة بفرض حسن النيات، عن قضايا حيوية، مثل الإرهاب أو الديموقراطية أو علاقة الشعب بالسلطة.
ويضيف أحمد يوسف: "مع عادل إمام لم يعد نجم الكوميديا هو ذلك الموظف الغلبان البائس في حياته وحبه كما قدمه نجيب الريحاني، وليس النوبي الساذج أبيض القلب كما كان يمثله علي الكسار، وليس الإنسان قليل الحظ من الوسامة والذكاء بالصورة التي نراها فى أفلام إسماعيل يس، فتلك الأنماط قد تثير عطف المتفرج وشفقته، لكنها لا تدفعه إلى التوحد معها أبدا.
ومن هنا كان عادل إمام مزيجا من هؤلاء جميعا، مع ظلال قوية من نجوم آخرين مثل عماد حمدي، وفريد شوقي، وعبد الحليم حافظ، الذين ساهموا – بنجوميتهم – في التأثير في الوجدان الجمعي لأجيال عدة من الجماهير، والذين تتردد أصداء من أفلامهم – في شكل مباشر وصريح – في بعض أفلام عادل إمام، في محاكاة ساخرة أحيانا، وجادة في أحيان أخرى".
ويرى أحمد يوسف أنه إذا كان الجانب السلبي لملامح شخصية البطل يصطبغ بظلال رومانتيكية عند عماد حمدي أو عبد الحليم حافظ، فإن ذلك الجانب يعبر في أفلام عادل إمام – والشخصية المصرية – عن حزن تاريخي، أو بالأحرى عن تاريخ كامل من البؤس والشقاء، الاقتصادي والاجتماعي، ظلت الشخصية المصرية مع ذلك، وبفضل تلازم عناصر السلب والإيجاب فيها – باقية حتى اليوم".
وللدكتور أحمد يوسف كتب عدة منها؛ "نجوم وشهب في السينما المصرية"، و"محمد خان: ذاكرة سينمائية تتحدى النسيان"، و"عطيات الأبنودي ووصف مصر"، و"صلاح أبو سيف والنقاد"، وترجم عددا من الكتب الرائدة، منها "تاريخ السينما الروائية"، و"موسوعة أكسفورد لتاريخ السينما".
ومن الأعمال التي ترجمها أيضا: "كيف تكون مخرجا عظيما"، و"فن التمثيل السينمائي"، و"تقنيات مونتاج السينما والفيديو"، و"سيناريو الأفلام القصيرة"، و"تقنيات الإخراج السينمائي"، و"الصورة الشريرة للعرب فى السينما الأميركية"، و"الفلسفة والسينما"، و"كيف تقرأ فيلما؟"، و"السينما الإيرانية: تاريخ سياسي"، و"مئة عام من السينما الإسبانية"، و"موسوعة السينما" في أربعة أجزاء.