قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

ياشعب ارجع كما كنت!!

×

ومات فينا ماكان يحيينا .. بهذه الكلمات بدأ حديثه معى ذلك الهرم الثقافى الذي أحرص على اللجوء إليه كلما أعيتنى مشاكل وطنى وتهت وسط ما يجد عليه من تغيرات وتغييرات تقتلع منى كل ماتربيت عليه وتجعلنى أهم بأن اكفر بكل ما نشأت عليه فى ظل مجتمع بات غريبا علي، وبت أنا ضائعة متصارعة بين ما اختزنته عمرا وبين ما يطل علي قهرا ويأسا.

قلت له فى أول كلامى وأنا متشائمة بما تفسر بشر يرون شابا يقتل أمامهم وكل فعلوه مجرد المشاهدة وزادوا عليها عويلا أو تألما وربما تشجع بعضهم وصور الحادثة على هاتفه؟ فقال لى وهو ليس بمستغرب ولا مندهش ..عودى بذاكرتك إلى الوراء واسترجعي نفس الحادثة وبخسائر فى الارواح اكثر وببشاعة وجبروت متزايد، حيث قام بلطجى بحرق ملهى كافيه بمن فيه وقد تخطوا العشرات لمجرد أنه كان على خلاف مع صاحب الكافيه.

وصمت برهة وقال ماذا فعلت الدولة وماذا كان رد الاعلام؟الأولى أغلقت الكافيه والكافيهات غير المرخصة فى الجيزة حينها وألقت القبض على المتهم الذى فى أكثر التقديرات القضائية سيخرج بعد فترة سجن مهما كانت لن تكون رادعة حتى لا يقم غيره بالاقدام على ما فعله حماصة العنتيل.

والإعلام هو الآخر أكل وشرب وباع واشترى على هذه الحادثة وجعلها مادة خصبة للخوض فى شىء وأى شىء الا الغوص فى الأسباب والعلاج.

وعلى هذه الحادثة قيسى ماحدث فى كافيه مصر الجديدة وستجدي أن نفس السيناريو يتكرر وبنفس الطريقة وبنفس الأدوات، فقد تحركت أجهزة الشرطة، أغلقت الكافيهات غير المرخصة، ألقت القبض على البلطجى، الإعلام من جانبه اتبع نفس الطريقة وزاد عليها باللعب على عواطف المواطنين وجذب عيونهم ومشاعرهم نحو قنوات بعينها من أجل أن ترتفع فاتورة الإعلان والمعلنين فى جنازة يدفع تكلفة مشاعرها وإقامتها شعب كامل هو السبب فيما يحدث وما سيحدث.

وقبل أن أسأله كيف هذا أستاذى العزيز، شد نفسا عميقا من سيجارته اللاتينية وارتشف من فنجان قهوته البرازيلية وقال لى سيدتى .. لقد مات فينا ماكان يحيينا، انظرى حولك ماذا ستجدى، إهمال، تراخى، انامالية، اتكالية، اللامسؤولية.

ستجدى بقايا أخلاق يتمسك بها من تربوا عليها وكثيرون ستجديهم بلا موروثات قيمية ولا رموز أخلاقية، ستجدى جيلا كاملا لا يعرف عن وطنه سوى أنه يمنى نفسه بتركه والانتقال الى الغرب لأنه تربى على ان هذا الغرب هو الملجأ والمنقذ، جيل يتباهى بالتحدث بلغة غير لغته، جيل تتفاخر أمهاتهم وأباؤهم بعوج لسانهم بلغة غربية حتى يعرفوا كل من يراهم ويسمعهم بأنهم كائنات متحضرة، جيل أصبحت فروض الله عادة وليست عبادة، جيل أصبح يصلى لايتخلص من فرض لايخلص له ويسعد بمناجاة خالقه، جيل أصبح مغتربا فى وطنه سعيدا فى غيره، جيل بلا طموح ولا أهداف،جيل مشكك فى كل شىء ومع ذلك لايملك تغيير ما يشكك فيه فقط يهوى اظهار لغة اليأس والاحباط.جيل اصبح جيلنا فيه متهم بالتخلف والرجعية وبالدعاء عليه بالزوال لأنه يعوقهم ولا يلبي أهدافهم.

انتهى من كلامه قائلا لى لا تسألينى عن العلاج لأنه بحاجة الى رغبة من المرضى بذلك، واعتراف منهم بأنهم مرضى، ونظرت حولى استطلع ما اراه وأطبق ماسمعته فوجدت أنني تائهة بين ماكان وماهو واقع وربما ماسيكون...