لا يأكل إلا من صيده و لهذا أصبح شعاراً للجيوش
أطلقت عليه مصر القديمة "فراخ الفرعون" و جعلته أقدم آلهتها
ظهر في "الهيروغليفية" ليعبر عن كلمة "حاكم"
يحتل 155 طابعا وطنيا لـ 71 هيئة معاصرة
نموذج لـ"الجبروت" في الرومان،الطائر الوطني للمكسيك، و استخدمه العرب في تسمية أبنائهم
شعار مصر الأول في عهد صلاح الدين الأيوبي وذاب في نسيج العلم المصري عام 1952
"شهادة وفاة" في طريقها للاستخراج،سيسجل فيها اليوم و التاريخ و الطريقة التي من المنتظر أن ينتهي بها عمر "النسر الذهبي" بعد محاولات عديده لاستلاله من نسيج العلم المصري وتشيعه إلى مثواه الأخير !!
لا يخفى على الجميع النداءات المتكررة في مليونيات مصر بعد يناير 2011 ، باستبدال العلم الحالي بعلم ثورة 19 الأخضر ، و كذلك لا تخفى الدعوات المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي لنفس الغرض ، حتى قالها الداعية الإسلامي أحمد عامر صراحةً من خلال شاشة قناة الناس الفضائية..حيث أعطى مهلة للحكومة المصرية ترفع فيها النسر من العلم المصري و تستبدله بـ"شهادة التوحيد" و إلا دعا الجماهير للخروج في الشوارع حاملين العلم المصري بشكله المقترح.
هذه محاولة للدخول في تفاصيل عُقاب صلاح الدين أو النسر الذهبي كما اعتدنا تسميته ، ومعرفة أصله وفصله وماله وما عليه، ولنسترجع شريط حياة طائر ميز العلم المصري لعشرات السنين.
التسمية :
يطلق عليه في مصر اسم "الرخمة المصرية"، وتسمية هذا النوع بالنسر الذهبي يعتبر خطأ لغوياً و علمياً ،حيث إن العقبان تختلف عن النسور اختلافا كبيراً في الشكل و التصنيف و في طريقة حياتها و العقبان تسمى بالانجليزية Eagles ،بينما النسور تسمى vultures و النسور ينظر اليها دائماً على إنها كائنات وضيعة تتغذى على الجيف اما العقبان تدل دائماً على القوة و السلطة و المُلك و لا تأكل الا من صيدها لذلك تُتخذ كشعار للجيوش و الدول و رموز للقوة و المُلك و الحرية و أشهرها عقاب صلاح الدين الأيوبي الذي يعتلي العلم المصري.
في مصر الفرعونية:
استخدمته الهيروغليفية في نظام الكتابة في مصر القديمة، و اعتبرته حرفا للدلالة على عدة كلمات منها: أم، مزدهر، جدة وحاكم.
كان يطلق عليه قديماً في مصر " فراخ الفرعون" ،لكونها تشبه صيصان الدجاج البيضاء اللون المنتشة الريش ن جهة، و من جهة أخرى لأن هذا الطائر إعتبر أحد أقدم الآلهة في جنوبي مصر القديمة "نخبيت" والتي كانت تعتبر حامية الفرعون، الملكيون ومصر، وكانت تظهر دوما بجناحيها الممتدان دلالة على الحماية، كما أشاروا وقتها إليها على أنها من الأمهات ، وظهر هذا العقاب دوما خلف تاج الفرعون.
و بعد توحيد مصر اعتبر بالإضافة إلى الإلهة "وادجيت"- و هي آلهة مبكرة الفترة من الآلهة المصرية وجدت في جنوبي مصر- تشاركتا موقع الآلهة الحامية في التاج المزدوج الملكي الجديد والذي ارتداه جميع الفراعنة في السلالات التالية.
جدير بالذكر أن السلوك المتبع لهذه العقبان في تربية فراخها من قبل الذكر والأنثى سلوك واحد لا يوجد اختلاف بينهما في الشكل، و هو ما جعل المصريين القدماء يظنون خطأ أن هذه الطيور جميعها من الإناث وأنها تضع بيضها عن طريق أسلوب التوالد البكري.
تاريخ سياسي مشرّف:
تحتل العقبان الذهبية المركز الثامن بين أكثر الطيور المصورة على الطوابع الوطنية لعدد من البلدان، فهي تظهر على 155 طابعًا تُصدرها 71 هيئة وطنية تابعة لجمهوريات وممالك معاصرة.
و ظهرت العقبان الذهبية بصفتها رموز للنبالة منذ قديم الزمان، فقد لعب شكل العقاب عاقدة الحاجبين، ونظرتها الحادة "الغاضبة"، بالإضافة لحجمها الضخم، دورًا في جعلها تمثّل الجبروت والقوة والملوكيّة، ففي اليونان القديمة كانت هذه الطيور ترمز إلى زيوس، كبير الآلهة الإغريقية، حيث قيل أن زيوس، بعد أن قام بتقييد التيتان پروميثيوس على قمة الجبل بسبب سرقته سر وقد الناروتقدمته للبشر، أرسل عليه عقابًا ضخمًا ينقر كبده ويأكله كل نهار، ليموت ويبعثه زيوس في اليوم التالي، فيُرسل عليه الطائر مجددًا،
وهكذا كان الفرس أوّل من استخدم العقاب الذهبية شعارًا للجيش، لكن أحدًا لم يشتهر بهذا الشعار أكثر من الفيالق الرومانية، التي ما زالت صورتها لدى العامّة مرتبطة بهذه الطيور.
أخذت العقبان الذهبية تظهر على دروع وأعلام الكثير من الإمبراطوريات والإمارات والممالك خلال القرون الوسطى، وقد استمر هذا التقليد شائعًا حتى اليوم، ومن الدول التي لا تزال تظهر العقبان الذهبية كشعار لها: المكسيك، ألمانيا، ألبانيا، النمسا،مصر، رومانيا، كازاخستان ،العراق فلسطين اليمن، وغيرها كثير.
أما من الدول السابقة التي اعتمدت هذه الطيور رمزًا لها:الإمبراطورية الرومانية المقدسة، والدولة الأيوبية، وشعار الأخيرة هو نفسه شعار عدد من الدول العربية الحالية سالفة الذكر، وهو يُعرف أيضًا باسم "عقاب صلاح الدين".
تعتبر العقاب الذهبية الطائر الوطني للمكسيك، وهي تظهر على شعارها جاثمةً على شجرة صبّار وتلتهم أفعى، وهذا الشعار شبيه بشعار إمبراطورية الأزتيك التي قامت في البلاد منذ آلاف السنين، وهذا الشعار بدوره يستند إلى أسطورة أزتكية مفادها أن إله الشمس طلب من السكّان أن لا يستقروا إلا في الموقع الذي يرون فيه عقابًا جاثمًا على شجرة صبّار، وفي منقاره أفعى يلتهمها. قال عالم الطيور رافائيل مارتين ديل كامپو في عام 1960، أن هذا الطائر المذكور في الأسطورة ليس عقابًا ذهبيةً، وإنما كركار، لكن على الرغم من ذلك، لا يزال هذا الطائر يُسمى في المكسيك بالعقاب الملكي (بالإسبانية: Águila Real
يذكر أن نابليون بونابرت استخدم العقاب الذهبي الروماني رمزا لامبراطوريته الفرنسية الجديدة، كما كان العقاب رمز جيش الامبراطورية الفارسية قديما "الأخمينيون"، كما يقال أن رمز الدولة العثمانية كان عقابا ذا رأسين
عند العرب:
له شرف ومكانة في مخيلتهم ، لأنه طائر قوي لا يأكل إلا من صيده، وينقض على طرائده من أعلى، وله نظر ثاقب يضرب به المثل فيقال "أحد من نظر العقاب".
وهو يغلب الصقر في القوة، بل إن الصقر يفر منه في العادة لأنه يفوقه في الحجم وقوة البأس. كما أنه يرمز للقوة والشجاعة حيث أن العرب استخدموا اسم "عقاب" في مسمياتهم، فكانوا يتفاخرون بتسمية أبنائهم باسم "عقاب"، وذلك فخرا ورمزا للقوة والشجاعة التي شاهدوها في العقاب الطائر والعقاب من الطيور التي يسهل تدريبها والقنص فيها في أوروبا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية
دخوله العلم المصري
دخل عقاب صلاح الدين الأيوبي و ذاب بوضوح في نسيج العلم المصري و أصبح مميزاً له مع بداية ظهور الألوان الثلاثة في العلم المصري عام 1952 من الميلاد ..
وظهر كأول شعار يعبر عن شخصية مصر في بداية عهد الدولة الأيوبية التي أسسها السلطان صلاح الدين الأيوبي في مصر بعد القضاء على الخلافة الفاطمية، وكان شعاره العقاب الذهبي الذي يرمز إلى القوة والانتصار على الأعداء، خصوصاً عندما كانت مصر تحارب الصليبيين في ذلك العهد.
عاد العقاب من جديد كشعار للدولة بعد إعلان الجمهورية في مصر في عهد الرئيس جمال عبد الناصر، والعقاب كان ينظر إلى اليمين كدليل على التيمن، وعلى صدره يوجد هلال وثلاث نجوم في خلفية خضراء تدل على أن دين الدولة الرسمي هو الإسلام، والثلاث نجوم الأخرى تمثل الثلاث ديانات الرئيسية في مصر وهي الإسلام والمسيحية واليهودية.
خلال الوحدة التي تمت بين مصر وسوريا التي عرفت باسم الجمهورية العربية المتحدة من 1958 إلى 1961 تم اتخاذ العقاب شعارًا مرة أخرى لكن بشكل يختلف قليلاً، وذلك مع تغيير النقش على صدر العقاب بظهور نجمتين خضراوين يمثلان مصر وسوريا، حيث أن النجمة العليا تمثل الإقليم السوري الشمالي والنجمة السفلى تمثل الإقليم المصري الجنوبي.
أُتخذ هذا الشعار لمصر حتى بعد انتهاء الوحدة بين مصر وسوريا حتى عام 1972، حيث تم تغييره في عصر الرئيس محمد أنور السادات بعد انضمام مصر لاتحاد الجمهوريات العربية.
منذ قيام اتحاد الجمهوريات العربية بين مصر وسوريا وليبيا، اتخذ الاتحاد الجديد شعارًا جديدًا وهو صقر قريش الذهبي الناظر جهة اليسار للدلالة على قوة الاتحاد بين البلدان الثلاث، وقد اتخذته مصر شعاراً حتى بعد تفكك الاتحاد حتى عام 1984، واتخذته سوريا وليبيا كشعارين لهما أيضاً حتى الوقت الحاضر.
في عهد الرئيس الأخير لجمهورية مصر العربية محمد حسني مبارك، تم اعتماد الشعار الحالي عام 1984 شعارًا رسميًا للجمهورية، وهو نفس العقاب الذهبي المعهود منذ عهد الرئيس جمال عبد الناصر، مع الاختلاف في الكتابة في قاعدة الشعار، حيث أصبحت "جمهورية مصر العربية" بدلاً من "الجمهورية العربية المتحدة" مكتوبة بالخط الكوفي، وتمت إزالة النجمتان الخضراوان من وسط العلم المنقوش في صدر العقاب، وأصبح الشعار يوضع في وسط العلم المصري ذي لون ذهبي.