آراء العلماء في حكم المسح على «الطاقية» أثناء الوضوء
جاءت الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم بجواز المسح على العمامة في الوضوء، وهذه الأحاديث جاءت على وجهين: الأول: المسح على الناصية «مقدم الرأس» والعمامة، فعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ، فَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ، وَعَلَى الْعِمَامَةِ، وَعَلَى الْخُفَّيْنِ». رواه البخاري (182) ومسلم (274) واللفظ له .
وردت ثانيًا أحاديث على الاقتصار على مسح العمامة وحدها، فعن عمرو بن أمية رضي الله عنه قال: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ عَلَى عِمَامَتِهِ وَخُفَّيْهِ» رواه البخاري (205) .
وعن حكم المسح على العمامة والطاقية ونحو ذلك: قال الشافعية: يجب مسح بعض الرأس، ثم يستحب أن يكمل على العمامة، وذكر الإمام النووي في "المجموع" (1/440): "قال أصحابنا: إذا كان عليه عمامة ولم يُرِدْ نزعها لعذر ولغير عذر مسح الناصية كلها، ويستحب أن يتم المسح على العمامة، سواء لبسها على طهارة أو حدث، ولو كان على رأسه -طَاقِيَة أو ما يلبس على الرأس- ولم يرد نزعها فهي كالعمامة فيمسح بناصيته، ويستحب أن يتم المسح عليها، وأما إذا اقتصر على مسح العمامة ولم يمسح شيئا من رأسه فلا يجزيه بلا خلاف عندنا".
أجاز الشافعية المسح على العمامة والقلنسوة -تشبه الطاقية-، بشرط أن يمسح جزءًا من الرأس، وهذا مبني على أن الواجب عندهم في الوضوء هو مسح بعض الرأس، ولا يجب مسح الرأس كله، ولهذا ذكروا أن إكمال المسح على العمامة والقلنسوة مستحب، فلو لم يمسح عليهما صح وضوؤه.
ورأى المالكية أنه لا يجوز المسح على العمامة إلا للضرورة، وذلك إذا خاف بنزعها ضررًا، وإذا كان بعض رأسه مكشوفًا وجب عليه مسحه، ثم يكمل على العمامة وجوبًا، كما في "حاشية العدوي" (1/195) .
وجاء في " الشرح الكبير " (1/163) من كتب المالكية: "ولو أمكنه مسح بعض الرأس أتى به وكمَّل على العمامة وجوبا على المعتمد".
أما الأحناف فقد منعوا المسح على العمامة مع ورود الأحاديث بها، أما الحنابلة الذين أجازوا المسح على العمامة فقد علَّلوا جواز المسح عليها بمشقة نزعها، وبَنَوْا على هذا أن المسح على القلنسوة والطاقية لا يجوز، لأنه لا مشقة في نزعها.
وأوضح البهوتي الحنبلي في كتابه "كشاف القناع" (1/113): أنه "لا يجوز المسح على الوقاية -وهي الطرحة تجعلها المرأة فوق خمارها، لأنه لا يشق نزعها فهي كطاقية الرجل، ولا على القلانس جمع قلنسوة أو قلنسية، ووجه عدم المسح عليها: أنه لا يشق نزعها فلم يجز المسح عليها".
وأشار ابن قدامة في "المغني" (1/384): إلى أنه لا يجوز المسح على القلنسوة، الطاقية، نص عليه الإمام أحمد بن حنبل.