أكد الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، أن العلماء يأخذون أحكام الدين من القرآن الكريم، ومن الأحاديث النبوية الصحيحة، وهذا ما سارت عليه الأمة سلفًا وخلفًا شرقًا وغربًا.
وقال «جمعة»، في فتوى متلفزة له، إن الفقهاء وعلماء الحديث البخاري ومسلم جعلوا القرآن الكريم المصدر الأول والوحيد في الأحكام لأنه الحجة، منبهًا أن جميع أحاديث البخاري كلها صحيحة باتفاق جميع العلماء، ومتفقة مع ما جاء في القرآن الكريم.
وأضاف المفتي السابق أن القرآن قطعي الثبوت لأنه متواتر، ومعنى كونه قطعي الثبوت أن آياته رويت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بالتواتر، ورواها التابعون عن الصحابة بالتواتر، وعن أولئك رواها تابعو التابعين بالتواتر إلى أن وصلتنا متواترة، ومعنى التواتر: أن يرويها في كل طبقة عدد من الناس يستحيل تواطؤه على الكذب، وهذا مفيد لليقين، أي أن القرآن مقطوع بصحة سنده إلى النبي (صلى الله عليه وسلم).
ولفت إلى أن الأحاديث قطعية الثبوت قليلة وهي المتواترة وعددها نحو 120 حديثًا من 60 ألف حديث، والآخر ثبوته ظني، بمعنى أن القرآن مقدم عليه عند الحكم في مسألة خلافية نأخذب بما ورد في كتاب الله، ضاربًا مثالًا لحديث قطعي الثبوت، كقول الرسول -صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» رواه البخاري (107)، ومسلم (3)، وأبو داود (3651)، والترمذي (2661)، وابن ماجه (30، 37)، وأحمد (2/159).
جدير بالذكر أن الحديث المتواتر في اللغة: مشتق من التواتر، بمعنى التتابع، قال تعالى: «ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تتْرَى» المؤمنون / 44، واصطلاحًا: ما رواه جمع لا يمكن تواطؤهم وتوافقهم على الكذب عن مثلهم.
وذكر العلماء أربعة شروط للحديث المتواتر: أن يرويه عدد كثير، وأن يكون عدد رواته بحيث تحيل العادة تواطؤهم على الكذب، وأن تكون كثرة الرواة في جميع طبقات السند، فيرويه عدد كثير عن عدد كثير حتى ينتهي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأن يكون مستند خبرهم الحس، فيقولوا سمعنا أو رأينا، لأن ما لا يكون كذلك يحتمل أن يدخل فيه الغلط فلا يكون متواترًا.
وقسم العلماء التواتر إلى نوعين: اللفظي، والمعنوي: أما اللفظي وهو ما تواتر لفظه ومعناه، مثاله: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» رواه البخاري (107)، ومسلم (3)، وأبو داود (3651)، والترمذي (2661)، وابن ماجه (30 ، 37)، وأحمد (2/159)، وهذا الحديث رواه أكثر من اثنين وسبعين صحابيًا، وعنهم جمع غفير لا يمكن حصرهم.
والقسم الثاني: التواتر المعنوي: وهو ما تواتر معناه دون لفظه، ومثاله: أحاديث رفع اليدين عند الدعاء، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو مئة حديث، كل منها فيه أنه (صلى الله عليه وسلم) رفع يديه في الدعاء، وقد جمعها السيوطي في جزء سماه: "فض الوعاء في أحاديث رفع اليدين في الدعاء".
وحكمه: فالخبر المتواتر يجب تصديقه ضرورة، لأنه مفيد للعلم القطعي الضروري؛ وإن لم يدل عليه دليل آخر، ولا حاجة إلى البحث عن أحوال رواته، وهذا أمر لا يستريب فيه عاقل.
أما أقسام الأحاديث المتواترة فهي أربعة كما وردت في كتاب النكت على كتاب ابن الصلاح" لابن حجر (1/378): الأول هو ما رواه جمع لا يمكن تواطؤهم وتوافقهم على الكذب في جميع طبقات الإسناد، والنوع الثاني: ما أخرجه البخاري ومسلم وتلقته الأمة بالقبول، ما عدا بعض الأحاديث التي تكلم عنها بعض العلماء، وما عدا ذلك من أحاديثهما فقطعي الثبوت على الراجح من كلام أهل العلم، لما حفها من قرائن، ودل عليه إجماع الأمة وتلقيها إياها بالقبول، والنوع الثالث من الأحاديث قطعية الثبوت: ما أجمعت الأمة على تلقيه بالقبول ولو لم يكن في الصحيحين البخاري ومسلم، كما ورد عند الترمزي والبيهقي وغيرهما، والنوع الرابع: الخبر المستفيض الوارد من وجوه كثيرة لا مطعن فيها.