أن ترى جملة العدل اساس الملك، أو العمل عبادة، أو اى مفردات لها مردود حقيقى فهذا الطبيعى والمعتاد، ولكن ان تملأ لافتة صدر مكان مهم من الاماكن التى يشار اليها وعليها بالبنان ومكتوب فيها الفصال ممنوع والبقشيش حق لا فصال فيه، فهنا لابد ان تتوقف ويتوقف معك الزمن وتسأل كيف وصل بنا الحال الى هذا المستوى ؟ وايضا لابد ان نعرف ونتعرف على حقيقة المرحلة التى نمر بها والتى تركت هذا الحق المكتسب حقيقة تفرض نفسها بكل قوة.
الواضح ان مجتمعنا قشر جلده القديم الذى كان يعتز بالاصول ، والواجب، وولاد الناس مايعملوش كده، ومايصحش، وصار يعيش بمفاهيم اخرى مغايرة تماما لما نشأت عليه اجيال وتربت ونمت وصار الان يتنفس ويستنشق عبارات مثل أنا ومن بعدى الطوفان،اللى تقدر عليه اعمله، الفهلوة ،اللى تغلب بيه العب بيه، اللى مايعرفكش مايهمكش.
وغيرها من المفردات التى صارت تدق جرس الانذار وتهيب بالكل ان ينقذ ما يمكن انقاذه حتى لا تنهار أمة من أعظم الامم وحتى لا ينزلق شعب عريق فى هوة اللا وجود.
المنظومة الحالية المترهلة من تعليم وثقافة وأخلاق وصحة وفوارق اجتماعية ظالمة تأخذ بكل ماتبقى من تاريخ واخلاق وتلقى بها الى غياهب الحياة .الفقر والجهل والقهر وغياب التراحم والمرحمة جعل ملح الارض يكفر بكل ما تربى عليه من تحمل ورضا وجعله كائنا كارها لكل ما علاه وجعله ايضا متطلعا لايذاء من يعيش افضل منه ويغذيه فى ذلك الاعلام الخاص والاعلان المتربح المربح له، فملح الارض يرضى بأم رأسه كيف يعيش غيره ويأكل ويشرب مالا يتخيله هو فى منامه والاعلان لا يرحم ولا يشعر الا بما يصبو اليه من ربح وتنامى وزيادة فى متابعيه وراغبيه ولم يكترث لملح الارض الذى لا يجد ما يملأ بطنه ولاحتى يدخلها ولا يجد ما يدفئه من برد ولا يمنع عنه الحر.
ملح الارض يرى ويشاهد ولا يملك الا التحسر والحسرة وعليه اذا اتيحت له الفرصة لأن ينتقم ممن بخلوا عليه بالقليل تراه ماذا سيفعل؟ المنظومة المصرية كلها بحاجة الى يد قوية رحيمة فى نفس الوقت قوتها فى تطبيق العدالة الاجتماعية ورحمتها فى عدالة توزيع الحقوق ،المنظومة المصرية كلها من الالف الى الياء بحاجة الى تكاتف الكل والى اعتلاء هرم التشريعات اشخاص قادرين على تنفيذ القانون وليس تشريعه فقط.
المنظومة بحاجة الى فرض العقاب على من اساء وليس فرض مبدأ من ضمن العقاب اساء الادب..
المنظومة تنادى بأن يفيق ويحيا الاموات الذين بيدهم قوت يومنا ويشعروا بما وصل اليه حال مصر من اتساع الفجوات بين الطبقات فالغنى ازداد غنى والفقير أصبح يلعق الارض ولايجد فيها الفتات. المنظومة غيبت الطبقة الوسطى التى يسميها علماء وخبراء الاجتماع برمانة ميزان الشعوب واصبح فى مصر اغنياء لدرجة التشبع وفقراء لدرجة القهر وبينهما يوجد تائهون .
فى مصر لابد ان نعطى الامل لجيل ناهض بأن محاربة الفساد ليست قاصرة على اجهزة الدولة ولكنها مفروضة على كل من يرى خطأ ويغفله . فى مصرنا لابد ان يعطينا القائمون علينا نفحة امان بأن بلدنا تسعنا وتحتوينا وليست حكرا على المالكين القادرين المهيمنين .فى مصر اصبح وصار ولابد ان يقوم كل ذى عمل بعمله على اكمل وجه لا أن يعمل بمفهوم على "أد فلوسهم" لابد ان نمحو حقيقة ان الموظف المصرى يعمل سبعا وعشرين دقيقة من ساعات عمله اليومية الثمانية. فى مصر لابد ان نخجل من كوننا دولة ذات تاريخ يضرب بجذوره فى عمق الزمن وبجوارنا دولة استطاعت ان تفرض وجودها وتسن قوانين تبنى بها كيان له قيمة وقامة.
فى بلادنا لابد ان نحيا بكرامة الاعتزاز بمصريتنا والعمل على اعلاء حروف مصر الغالية لابد ان يوجد فينا ومنا من يعمل من اجل مصر فقديما قالوا لو أن ربع الشعب المصرى احب بلده كما ينبغى لأصبحت امبراطورية يسجد لها العالم اجمع...هل من الممكن ان نحب مصر بالعمل؟؟