ربما كانت نظراته التى رصدها العالم أجمع تقول وداعا حتى قبل أن يطلق عليه الرصاص ويذهب إلى العالم الآخر وربما كانت ترفض الموت وتتمنى المزيد من العمر ولكن هل تراه سأل قاتله عن السبب؟
الواضح أن قتل السفير الروسي فى تركيا بهذه الطريقة يؤكد مقولة ميكافيللى "السياسة هى فن اللعبة القذرة" وبالطبع اذا حللت المشهد برمته وانتقيت منه كل الشوائب وخاصة ما ذكره القتيل الشاب العشرينى، والذى تحسرت عليه كل الفتيات ونسوا أنه قاتل وقتيل وعلق فى ذهنهم فقط وسامته وشياكته ونظافته مقارنة بالقتلة المعفنين الذين ينفذون عمليات إرهابية فى منطقتنا المأسوف عليها .اذا عدنا للحادث ونسينا او تناسينا ماقاله القاتل بعد أن أردى السفير الروسى قتيلا وقبل أن يصبح هو قتيلا وهى تبرير مافعله بأنه انتقام لضحايا حلب وبأنه فعل مافعل لأنه حزن على ما آلت إليه حلب ومن فيها كن معى ولا تحلل المشهد واحذفه من بؤرة الأحداث وانظر الى ما بعد ذلك وتصريح الرئيس الروسى رجل المخابرات المخضرم، والذى قال فيه إن قتل السفير عمل استفزازي يهدف لعرقلة سير العلاقات الروسية التركية واعادتها الى ما قبل حادثة اسقاط الطائرة الروسية على ايدى الطيران التركي على الحدود السورية التركية العام الماضي .وليس هذا فقط بل انعقاد محادثات تركية روسية ايرانية حول سوريا والخروج منها بتصريحات تؤكد على مضى موسكو وأنقرة فى طريقهما نحو التوصل الى حل سلمى دائم للأزمة السورية.
اكتمل مشهد الحب الروسى التركى المعلن امام العالم تعالى معى لنرصد كواليس ذلك والتى تؤكد طريقة تعامل الدب الروسى مع الازمات بطريقة من يلم كل ماعلى المنضدة فى آخر الجولات فبوتين يعلم تمام العلم أن قدمه قد ثبتت ورسخت فى سوريا وأصبحت له يد طولى هناك وأصبح مرور ووصول النفط السورى إلى مناطق الثلوج الأوروبي الاسيوى فى قبضة يده ويعلم ايضا ان مصلحة تركيا ليست مع واشنطن ولا مع اوروبا كلية ولكنها معه هو ذلك الأسد المهيمن فى هذه المرحلة، وبوتين يدرك ان قتل سفيره فى انقرة لم يكن سوى دبوس واشنطنى فى رقبة أردوغان وعليه فهو سينتظر ليرى بعينه هل ستنزع أنقرة وتضمد آثار الدبوس وتتقرب اكثر واكثر إلى موسكو وتحتمى بها وفيها؟ ولأن بوتين رجل مخابرات فى البدء فهو لا يتعجل النتائج ولكنه يتوقعها بصورة محسوبة وغير قابلة للرهان، وهو أيضا على ثقة تامة بأن الغد سيشرق له وبتواجده فى سوريا التى سيثبت من خلالها حجم تمدده فى منطقة طبق العسل والشمس المشرقة "منطقة الشرق الأوسط" كما كان يطلق عليها المستعمرون الأوائل" وإذا ذهبنا بعيدا عن الدب الروسى وآماله وامانيه المحققة على أراضي الشام وجدنا التقاء مصالحه مع المصالح التركية والايرانية يقابلها توجس اوروامريكى يوازيه رعب اسرائيلى وللاسف نجد قلق خليجى يكسوه حزن بعدم تقسيم سوريا وبقاء رئيسها الاسد على سدة الحكم.كل هذا الترقب والحذر والحزن والقلق نجد أمامه موقف القاهرة الرافض لقهر سوريا وتقسيمها ليس فقط ذلك ولكن مع دعم كامل لبقاء سوريا موحدة مهما كانت اثار ذلك الموقف على قاهرة المعز اقليميا ودوليا. وإذا عدنا للقتيل السفير الروسى وقاتله المقتول التركى وتخيلنا مشهد ماقبل الحادثة الارهابية و تساءلنا تراهما عرفا سبب قتلهما؟ وهل تساوى فى الجزاء عند ربهما؟وهل نال القاتل الجنة التى وعده بها محرضوه؟وهل من حق أيا كان أن يزهق روحا بغير سلطان؟ كل التساؤلات لن يجيب عنها الا الله سبحانه يوم يبعثون....