الجامع الأزهر من أهم المساجد في مصر وأشهرها في العالم الإسلامي
العصر الأيوبى شهد إهمال المسجد بشكل كبير
العهد المملوكى كان العصر الذهبي للجامع الأزهر
إعادة تأسيس الصلاة في الأزهر أثناء حكم المماليك بأمر من السلطان بيبرس
سعى نابليون لفتوى من الأزهر بجواز الولاء له لكن دون جدوى
فى مثل هذا اليوم من عام 1267 أقيمت صلاة الجمعة لأول مرة في الجامع الأزهر في القاهرة وذلك في عهد السلطان الظاهر بيبرس.
يعتبر الجامع الأزهر (359 - 361 هـ) / (970 - 972 م) من أهم المساجد في مصر وأشهرها في العالم الإسلامي، وأنشئ على يد جوهر الصقلي، بأمر من المعز لدين الله أول الخلفاء الفاطميين بمصر، ووضع الخليفة المعز لدين الله حجر أساس الجامع الأزهر في 14 رمضان سنة 359 هـ - 970م، وأتم بناء المسجد في شهر رمضان سنة 361 هـ - 972 م.
صلاح الدين الأيوبي والسلاطين الأيوبيون السنيون الذي أتو من بعده تجنبوا الأزهر على مدى تاريخ طويل، وقد تم إهمال المسجد بالتناوب وبشكل كبير، لأنه تأسس باعتباره مؤسسة لنشر المذهب الإسماعيلي، وتم إزالة مكانته باعتباره مسجد شيعي وحرمان الطلبة والمدرسين في مدرسة الجامع من الرواتب.
أما في عهد السلطنة المملوكية تم عكس هذه التحركات، حيث بلغ الاهتمام بالأزهر ذروته، وكان ذلك بمنزلة العصر الذهبي للأزهر، وقاموا بالعديد من التوسعات والتجديدات التي طرأت على البنى التحتية للمسجد، كما أظهر الحكام في وقت لاحق من مصر بدرجات متفاوتة الكثير من الإهتمام والاحترام للمسجد، وقدمت على نطاق واسع مستويات متفاوتة من المساعدة المالية، على حد سواء إلى المدرسة وإلى صيانة المسجد.
تم إعادة تأسيس الصلاة في الأزهر أثناء حكم المماليك بأمر من السلطان بيبرس في 1266، التي كانت قد حرمت في عهد صلاح الدين، وأمر السلطان بيبرس وسلاطين المماليك، بعودة رواتب للطلاب والمعلمين، فضلا عن بداية العمل لإصلاح مسجد الأزهر، الذي أهمل منذ ما يقرب من 100 سنة، وكتب تقي الدين المقريزي تقارير تفيد بأن الأمير أصلح الجدران والسقف، فضلا عن توفير الحصير الجديد، وألقيت الخطبة الأولى منذ عهد الخليفة الفاطمي الحاكم، وقد وقع ذلك في 16 يناير 1266، وقد ألقيت الخطبة على منبر جديد الذي تم الانتهاء منه قبل الخطبة بخمسة أيام.
وعانى المماليك من خسائر – اقتصادية وعسكرية على حد سواء – في أعقاب انتصار العثمانيين، وهذا ينعكس في عدم وجود المساعدات المالية المقدمة إلى الأزهر في أول مئة عام من الحكم العثماني، وفي القرن الثامن عشر، استطاع نخبة من المماليك باستعادة الكثير من نفوذهم، وقاموا على وجه التحديد في تقديم تجديدات عديدة في جميع أنحاء القاهرة والأزهر.
وقام القازدوغلي بك المملوكي، بالعديد من الإضافات والتجديدات في وقت مبكر من القرن 18، وتحت إدارته، تمت إضافة رواق للطلاب المكفوفين في سنة 1735، وقام أيضا بإعادة بناء أروقة تركية وسورية، وكلاهما قد بنيت في الأصل في عهد قايتباي.
خلال الفترة العثمانية، استعاد الأزهر مركزه كمؤسسة يفضل التعلم بها في مصر، متجاوزة المدارس الدينية التي وضعها صلاح الدين الأيوبي، ووسع الأزهر بشكل كبير من طرف المماليك، وبنهاية القرن الثامن عشر، أصبح الأزهر مرتبط ارتباطًا وثيقا بعلماء مصر.
نابليون قام بغزو مصر في يوليو 1798، ليصل إلى الإسكندرية يوم 2 يوليو والانتقال إلى القاهرة يوم 22 يوليو، وفي محاولة لاسترضاء السكان المصريين والإمبراطورية العثمانية، ألقى خطابا في الإسكندرية والذي أعلن فيه عن مدى احترامه للإسلام والسلطان: «سوف يقال لشعب مصر انني جئت لتدمير دينكم: لا أعتقد ذلك. وإجابتي على هذا لقد جئت لاستعادة حقوقكم ومعاقبة المغتصبين، وللمماليك، أنا أحترم لله ورسوله والقرآن ... أليس نحن الذين كنا على مر القرون أصدقاء للسلطان.
وأنشأ نابليون ديوان يتكون من تسعة شيوخ الأزهر المكلفين بإدارة القاهرة، وهي أول هيئة رسمية من المصريين منذ بداية الحكم العثماني، وهذه الممارسة لتشكيل مجالس وضعت بين أيدي علماء المدينة، وشكل أول مجلس في الإسكندرية، وشمل لاحقا جميع أنحاء مصر الخاضعة للإحتلال الفرنسي، وسعى نابليون أيضا لفتوى من أئمة الأزهر، التي من شأنها تنص بجواز الولاء لنابليون بموجب الشريعة الإسلامية، لكن بدون جدوى.
وباءت جهود نابليون الفاشلة للفوز على المصريين والعثمانيين، وأعلنت الإمبراطورية العثمانية الحرب في 9 سبتمبر 1798، وبدأت ثورة ضد القوات الفرنسية من الأزهر في 21 أكتوبر 1798، وقام المصريون المسلحين بالحجارة والرماح فقط، بأعمال بطولية ضد جيش نابليون الجرار.
أمر نابليون بإطلاق النار على المدينة من قلعة القاهرة، وتهدف مباشرة إلى الأزهر، وخلال التمرد قتل إثنين إلى ثلاث مائة جندي فرنسي، مع إصابة 3،000 مصري، وقتل ستة من علماء الأزهر، ودنست القوات الفرنسية المسجد عمدا، ومشوا فيه بأحذيتهم والبنادق المعروضة، وقامت القوات بربط خيولهم في المحراب ونهب أرباع الطلاب والمكتبات، ورموا نسخ من القرآن على الأرض، ثم حاول قادة الثورة للتفاوض على التسوية مع نابليون، وتم رفض طلبهم.
اُغتيل الجنرال الفرنسي "كليبر" بواسطة سليمان الحلبي، وهو طالب في الأزهر، وبعد عملية الاغتيال، أمر نابليون إغلاق المسجد، وظلت أبوابه مغلوقة حتى وصول المساعدات العثمانية والبريطانية في أغسطس 1801، وفقد المسجد الكثير من محتوياته بغزو نابليون.
وبعد انسحاب الفرنسيين، قام الوالي محمد علي بتعيين نفسه خديوي (أمير) على مصر، وسعى لتوطيد سيطرته على مصر الحديثة التي أسسها، ولتحقيق هذه الغاية فقد اتخذ عددا من الخطوات للحد، والقضاء في نهاية المطاف على قدرة علماء الأزهر للتأثير على الحكومة، وسعى محمد علي أيضا إلى الحد من نفوذ شيوخ الأزهر بتوزيع المناصب داخل الحكومة لأولئك الذين تلقوا تعليمهم خارج الأزهر. وبعث الطلاب إلى فرنسا تحديدا، ليتكونوا تحت نظام تعليمي غربي، وقام بإنشاء نظام تعليمي يستند إلى هذا النموذج وموازي إليه، وهكذا تجاوز نظام الأزهر.
كما شهد عهد إسماعيل باشا أيضا بعودة الرعاية الملكية السامية إلى الأزهر ونجح ابن توفيق،عباس الثاني خديوي مصر والسودان في عام 1892، بإعادة هيكلة الواجهة الرئيسية للمسجد وبنى الرواق الجديد واستمرت التجديدات التي كتبها جده إسماعيل. وتحت حكمه، تم إستعادة لجنة حفظ الآثار الفنية العربية ( شكلت في البداية تحت الاحتلال الفرنسي )، وأيضا استعاد الصحن الفاطمي الأصلي، وكانت هذه التجديدات اللازمة على حد سواء بمساعد تحديث الأزهر.
وخلال عهد جاد الحق، شيخ الأزهر في الفترة من 1982 حتى وفاته في عام 1996، الذي أكد بدوره عن رغبته باستقلال الأزهر عن الدولة كغيره من علماء الأزهر،[103] وتم انتقاده من سياسات الدولة عن تحريض الطوائف الإسلامية المتطرفة، [104] وقد أمر جاد الحق الحكومة أنها إذا رغبت من الأزهر مكافحة فعالة للجماعة الإسلامية في مصر، يجب عليها (الحكومة) أن تعطي للأزهر أكبر قدر من الاستقلالية عن الدولة والسماح لجعل الإعلانات الدينية دون تدخل من الدولة.
وواصل الأزهر عقد مراكز عليا للسلطات الدينية السنية الأخرى في جميع أنحاء العالم، بما أن السنيين يشكلون الأغلبية العظمى من مجموع السكان المسلمين، وقد كان للأزهر تأثيرا كبير على العالم الإسلامي برمته،[107] بالإضافة إلى كونه السلطة الدينية داخل مصر، وقد طلب من للأزهر إستشارات للأحكام الدينية من خارج مصر.