بعد أن باتت سيطرة الجيش السوري وحلفائه مؤكدة على مدينة حلب والمنطقة المحيطة بها، تتجه الأنظار باتجاه المتبقي من المناطق التي تسيطر عليها الفصائل الإسلامية المدعومة من تركيا وبعض الدول الخليجية، حيث باتت أماكن تجمعها قليلة جدا مقارنة بالمناطق التي كانت تسيطر عليها في السنوات الأربع الماضية، وتتركز الاهتمامات على مدينة إدلب شكل خاص كونها باتت ملجأ للعناصر التي هربت من حلب، حيث تحول طريق أو أوتوستراد حلب - إدلب إلى طريق الخلاص ليس فقط بالنسبة لهم بل ربما للأزمة السورية نفسها.
علما أن ما يؤخر خروج باقي المسلحين من مدينة حلب واستكمال سيطرة القوى النظامية عليها ليس الاستبسال في القتال على الإطلاق، بل هو الإصرار التركي على أن تخرج هذه الفصائل المتبقية باتجاه الشمال السوري وتحديدا بالقرب من الحدود التركية السورية للانضمام لقوات "درع الفرات" التي لها هدف واحد فقط وهو تقويض الجهود الكردية لإقامة منطقة تخضع لحكمهم الذاتي أو على الأقل حاصلة على استقلالية بالإدارة.
ورغم كل الشعارات والحملات التي تم إطلاقها في الفترة الأخيرة حول إبادة حلب وحول حلب تجوع وحلب تحترق، يبدو واضحا أن الأوامر الأساسية كانت تأتي من تركيا، وبعد الاتفاقات التركية الروسية توقف القتال وبدأت الباصات الخضراء بنقل المسلحين إلى إدلب، وبذلك تكون حلب أسقطت ورقة التوت عمن يسمون أنفسهم معارضة سورية، خصوصا أن تمشيط الأحياء التي تم إخلاؤها كشف عن كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر كانت بحوزة هذه الفصائل، بالإضافة إلى كميات أكبر من المواد الغذائية والطبية التي كانت لا تزال في المخازن، فعن أي حصار وعن أي جوع كانوا يتكلمون، فالحقيقة أنهم هم أنفسهم من كان يجوع المدنيين في المدينة وليس الحصار المفروض عليها.
بالعودة إلى إدلب، حيث هرب أشباه الرجال باحتكارهم المواد الغذائية لبطونهم مع عائلاتهم، تعج المدينة بالمسلحين القادمين من كل حدب وصوب، ومنهم من أتى من العراق وتونس ومصر وليبيا والسعودية والكويت والبحرين، فباتت أكبر تجمع للإرهابيين في المنطقة وربما يوازي تجمع أقرانهم في الرقة ودير الزور، وبالتالي فإن المعركة الحاسمة ضد الإرهاب في سوريا ليست في الرقة، بل في إدلب، حيث يهرب إليها العديد من عناصر وأمراء داعش، الذين يبحثون عن ملجأ يقيهم الضربات الجوية الموجعة والهجمات التي تسلخ عنهم المناطق التي يسيطرون عليها واحدة تلو الأخرى.
ففي إدلب ستكون أم المعارك، وربما ستتأخر المعركة لأسباب عدة، إلا أنه من اليقين أن الهجوم عليها سيتأخر بانتظار انقضاض المسلحين على بعضهم، حيث أثبتت التجربة أن هذا التشكيل من المستحيل أن يعمل تحت قيادة واحدة أو حتى ضمن منطقة واحدة، وإن اتجهت سوريا نحو الحكم المحلي كحل مؤقت لإيقاف آلة الدم والدمار، فالمعارك ستكون عنيفة على الزعامة في إدلب وريفها، ليتبقى بعدها القليل ليتم القضاء عليه.
بمعنى أصح وباختصار أوجد الحل في إدلب لتكون مقبرة الإرهابيين السوريين والآتين من الخارج على حد سواء، ستكون محرقة ما بعدها محرقة لتتخلص سوريا من إرهابييها، وكذلك الدول الغربية، التي بدأت منذ فترة تحسب ألف حساب للجهاديين العائدين والخطر الكامن بعودتهم كونهم سيشكلون قنابل موقوتة ستنفجر في أي زمان ومكان.
وللحديث تتمة..