أينما تجولت في سوريا سيطالعك اسم نواف، اسم عابر للخلافات والسياسات والأحقاد والطائفية، اسم قد تصادفه في اللاذقية أو طرطوس، في دمشق أو حلب، في حماة أو كوباني، في القلمون أو تل ابيض، في قدسيا أو الغوطة، اسم قد يصلح بحق ان يكون أيقونة للدلالة على الطفل السوري الذي دفع ولا يزال يدفع فاتورة حرب الكبار على أرضه.
نواف ذنبه الوحيد انه ولد في بلد مزقته الاطماع الداخلية والخارجية، فتكسرت أحلامه الطفولية الوردية البريئة، وتلاشت تدريجيا لتتحول الى معاناة، تحول هذا الطفل الى شاب يافع وربما الى كهل حتى.
نواف قتل أهله وشرد أقاربه، هدم بيته وحرقت مدرسته، نواف جاع وعطش، عمل وحمل السلاح، واجه الموت والذل، نواف ترك أحلامه في حقيبته التي علقها على ظهره وطاف بها أنحاء بلده، نازحا مشردا، إلا أنه لم يفقد هويته، لم يفقد إيمانه بسوريا الغد.
سوريا الغد لن تكون بلدا حقيقيا دون نواف، نواف الذي رفض الهجرة الى الخارج، والذي ذاق المر وربما لم يذق في حياته طعما غيره، فحلم طوال الوقت ببلد بعيد عن النار والدماء، بلد يعيش فيه ويحيا حياته الطبيعية أو على الأقل ما تبقى منها، ليؤسس الغد الجميل لمن سيأتي من بعده.
الكلام عن الطفل السوري او عن الأيقونة نواف يجب أن يكون حديثنا اليوم، مع اقتراب الأزمة السورية من نهايتها، يجب احتواء نواف قبل فوات الآوان، لإنقاذ المستقبل، علما أن الإرهابيين ربما كانوا على يقين عن أهمية نواف، لأنهم حاولوا ولا يزالون استقطاب نواف وتجنيده في صفوفهم بغسل عقله وإعداده ليكون خادم الغد له، بعد أن تخلينا عنه طوال السنوات الماضية.
نواف الطفل الذي عانى ما عاناه في سوريا، سيكون بطل رواية تحمل اسمه، تنقل معاناته وماسيه، تنقل تنقلاته داخل جدران الوطن، تنقل مشاهداته عن الأرواح التي راها تعلو في السماء أمام عيونه.
وللحديث تتمة...