قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

الدوائر المغلقة سبب الفساد المؤسسي


على مدى مراحل حياتنا منذ نعومة أظافرنا وحتى تلك اللحظة ونحن في مواجهة مع حمى الدوائر المغلقة.

فخلال المراحل الدراسية المختلفة، تجتهد وتحاول الحصول على أعلى الدرجات، وتحصل بالفعل عليها نظير اجتهادك، ولكن تبقى الدرجات الأعلى من نصيب المنتمين إلى الدوائر المغلقة.

إلى أن يحين وقت البحث عن وظيفة تتلائم مع المؤهل الدراسي، فتتعثر فترة، وتصل بعد فترة إلى تحقيق جزء من أحلامك المهنية، إلا أن الوظيفة الأفضل تظل من نصيب أحباب الدوائر المغلقة.

تجتهد في العمل، إيمانًا من أنه لكل مجتهد نصيب، وتحاول الارتقاء، إلا أن المنتمي للدوائر المغلقة يظل هو صاحب المكانة الأفضل دائمًا وأبدًا.

فالدوائر المغلقة حمى تصيب المجتمع بأسره، تلك الحمى هي السبب الرئيسي والمسئول الأول عن الفساد المؤسسي الذي نعانيه، وينعكس على تدني ترتيب مؤسساتنا وتدهورها سواء في التقارير المحلية أو الدولية منها خاصةً تقارير التنافسية.

ولكن إذا ما نظرت إلى تلك الحمى بنظرة فلسفية فردية، أجد أن آثارها السلبية قد تكون إيجابية ولكننا لا ندري.

فقد تكون تلك الحمى نعمة من عند الله كي يوجهك تعالى إلى طريق معين، لم تكن لتدركه لولا تلك الحمى المجتمعية، ففوق كل إرادة تعلو إرادة الله، فهو تعالى من قال "وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ"، وبكل تأكيد لن يُخلف العلي العظيم وعده.

ليس بكثير على الله أن يجيب رجائك المصحوب بالعمل وقت دعائك، ليس بكثير عليه أن يحقق لك مرادك، ولكن سخر لك تلك الحمى المجتمعية لتكون بوصلة توجهك إلى ما يرغب هو عز وجل في أن تصل إليه.

فكل خطوة نخطوها مقدرة مسبقًا، ولو يعلم الظالم ما أعده الله للمظلوم .. لبخل الظالم على المظلوم بظلمه له.

لكن المشكلة تكمن في أن تلك الحمى تصيب المجتمع بأسره، فتقف حائل أمام خطوات النمو المجتمعي، فتعرقل مسيرة أي تقدم، بل وتصيبه بالشلل في كثير من الأحيان، لأن تلك الحمى قد تشيع روح اليأس بين أفراد المجتمع، فتحبط من عزيمة أي إنسان يسعى إلى التقدم ما لم يتحلى بالإيمان والصبر.

لماذا لم نسأل أنفسنا عن السبب في انتشار مقولة العالم الراحل الدكتور أحمد زويل "أن الفرق بيننا وبين الغرب هو أنهم يساعدون ويدعمون الفاشل حتى ينجح ونحن نحارب الناجح حتى يفشل!!! ، فتلك المقولة أخذت شهرة كبيرة، والسبب في انتشارها أن الجميع قد استشعرها، سواء أكان ناجحًا أم فاشلًا.

فالناجح يرجو مزيد من الدعم كي يستكمل مسيرة نجاحه ويصل إلى ما يتمنى، والفاشل يرغب في الدعم النفسي والاجتماعي حتى يخرج من دائرة فشله، ولكن هيهات، فنحن نعمل على محاربة الناجح، ولا نمد يد العون إلى الفاشل، فيما عدا المنتمون إلى الدوائر المغلقة، وهو الأمر الذي ينعكس بكل تأكيد على نمو وتنمية مجتمعنا بكافة جوانبه، الاجتماعية والاقتصادية والسياسية منها.

فيظل الفساد المؤسسي هو الحاجز الرئيسي أمام تحقيق النمو، وبالطبع يتحكم فيه المنتمون إلى الدوائر المغلقة.

لذا نرجو من الله أن يتحقق توجيه السيد الرئيس في ختام مؤتمر الشباب، بأهمية الوصول إلى آلية تعمل على فرز الكفاءات المؤسسية، فتلك التوصية التي خرج بها المؤتمر أرى إنها الأهم، لأنها ستكون الوسيلة للخلاص من آفة الدوائر المغلقة، وستعمل على كسر وتفتيت تلك الدوائر، والتي أتمنى أن يتم تطبيقها بإحكام على جميع المستويات الإدارية من الأعلى وحتى الأقل مكانة، ولا تترك مجال للأهواء الشخصية، وذلك أسوة بالدول المتقدمة صاحبة المراكز المتقدمة في تقارير التنافسية المؤسسية الدولية، والتي تسعى بكل اجتهاد نحو تحقيق تقدمها الاقتصادي.

لتنطلق بنهاية الدوائر المغلقة مركبة الوطن، ويعاد بث الأمل من جديد.

ولكن للأسف ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، لأنني أعلم جيدًا أن الإصلاح المؤسسي هو أصعب وأشرس أنواع الإصلاحات خاصةً عندما تتحكم فيه أيضًا الدوائر المغلقة.