عاد إلى بلده مضطرا فقد اغلقت الشركة التي كان يعمل فيها لمدة عشرين عاما ابوابها، واعطوه كل حقوقه، وحاول أن يجد عملا جديدا في نفس البلد إلا أنه فشل. وحرم من استمرارية وجوده وعاد بأولاده الثلاث وزوجته .في اول يوم له في وطنه كان كارها كل ما تقع عليه عينه ، رافضا أن يبدأ من جديد في وطنه، متمنيا أن يحصل على وظيفة أيا كانت درجتها في أي دولة غير بلده، وعلى الرغم من أنه عاد ومعه اموال تكفيه اعمارا فوق عمره إلا أنه ادعى الفقر، وجلس يشكو ما صار عليه، وطاوعه لسانه على الكذب، فقال أن صاحب العمل اخذ تحويشة عمره وخيره بين أن يسب بلاده" ارض الكنانة "وبين استمراره في العمل معه وعنده، وواصل كذبه واسترسل وقال وكله فخر :طبعا رفضت وخسرت كل أموالى وسنين عمرى ورجعت بلدى وانا مرفوع الرأس وموافقتش ابدا على انى الوث لساني بذكر وطني بالسوء ..
وبالطبع حظي كلامه بالاستحسان والرضا من كل من سمعه، إلا ابناءه وزوجه كانوا في
حيرة من امرهم، ويسألون ويتساءلون لماذا يفعل ذلك؟ وماهي اهدافه؟ وماهي مصلحته؟
...ايام تمضي تحصد معها ايام وشهور ليكمل صاحبنا عام، كل ما يفعله أن يحكى قصته
التي صدقها بانه فارس مغوار مصري حتى النخاع. ويحصد من وراء كلماته كل انواع الدعم
المعنوي والمادي؛ فقد وهبه الوطنيون اموالا وغلالا وكل ما يلزم بيته؛ كما أغدق
عليه من يعرفون المسؤولون بان ادخلوا اولاده مدارس خاصة وبالمجان.
وتتسع دائرة اعتراف الكل بوطنيته بأن يأخذه أحد رجال الاعمال ليعمل معه في واحدة
من كبريات شركاته وتزداد النعم، ويعرض عليه رجلا من علية القوم بأن يرشح نفسه في
الانتخابات ويعده بأنه سيمول الحملة من الالف إلى الياء، ولم يكذب صاحبنا خبر ورشح
نفسه وفاز في الانتخابات وأصبح برلمانيا له شنة ورنة كما يقولون ويصفون.
وملأت صورة وتصريحاته معظم أن لم يكن كل وسائل الإعلام على اختلاف تصنيفها. ووسط
ما أصبح عليه يزداد غروره ويصدق أنه انسان مكافح ويصف نفسه بالفرعون وكم كان وقع
هذه الكلمة جميل على مسامعه، عندما يردده على نفسه وبنفسه. واستطاع هذا الفرعون أن
يزيد من حجم نجاحاته التي زادته غرورا وفى يوم قال لنفسه يقولون أن من بنى مصر
حلواني وانا ارى أننى سأصبح حلواني هذه الحقبة وسأعيد تجديد وتمهيد ظهور مصر جديدة؛
وبدا اولى خطواته بان اسس جمعيات معنية بحقوق الانسان؛ واخرى مهتمة بحقوق المرأة؛
واخرى بأطفال الشوارع، وغيرها بالمهمشين، وغيرهم؛ وغيرهم من تلك المؤسسات التي
ينفق عليها المجتمع الدولي والغربي، وكل من يعبثون بأمن الاوطان.
اختص فئة منتقاة تتولى ادارة هذه المؤسسات واخذ كورسات ودورات في دول أوروبا
الشرقية تمكنه من تعلم، وتعليم بعد ذلك مريديه والمنتمين إلى فكره والى ما يعرف
بلغة الثورة البيضاء او السلمية. وبالطبع حرص كل الحرص أن تكون لغة التصريحات
تندرج تحت عبارات رنانة على غرار الديمقراطية الوليدة...الغد الأمن. الحقوق
المهدرة ..المرأة المهضوم حقها ..الديكتاتور والمنهوبين ..كل المفردات التي تنهش
في آلام الوطن وآماله ،وبالطبع وجد اقبال وقبول، ودعم وحظوة، وجنود مجندة ممن لا
يعينهم من الوطن سوى ارصدة في البنوك تضاف إلى رصيدهم وتصفى وتنهى ارصدتهم الوطنية
.كان على اتصال ووصال وهم ايضا بكل الانظمة والهيئات العابثة بمقدرات الشعوب؛ تلك
الانظمة التي سولت للعراقيين أن حاكمهم اذا تخلصوا منه سينعمون بالديمقراطية
والرفاهية، وهم ايضا من اقنعوا الليبيين بأن معمرهم آفاك ولابد من التخلص منه ،
لأن طرابلس ستشرق بشمس التقدم والعلم والاستقرار اذا ما غاب عن ارضها وانتهى ذكر
هذا المعمر .ونفس الانظمة هي من عبثت باليمن وتسعى لإسقاط سوريا ؛ ونجحت في تقسيم
السودان الشقيق؛ وهى من تصل الليل بالنهار من اجل شق لحمة المصريين ومحاولة الدخول
من اي ثغرة تمكنهم من خلق مناخ الاحباط والفرقة بين شركاء الوطن ..وسط كل محاولاته
ومحاولاتهم انبثق نور الامل وأضاءت شمس الغد الامن ولم يستطع أن ينفذ ما حلم به
وما اعدوه لنا إلا أنه ، وهم معه لم ييأسوا وأقسموا بأغلظ الايمان بأن يواصلوا
سعيهم ومساعيهم، وخاصة أن الجهات الداعمة تتفنن في تغيير طرقها وتبديل اساليبها
علها تقنع كل من ذكر التاريخ أنه بنى مصر بأن يقال عنه بأنه كما بناها سيكون سببا
في فناءها وفناها...