مصر التي نعرف

يذكرها الإثيوبيون بكل خير في كل كتاباتهم، وخاصة المثقفين، ويعرفون عنها كل شيء "تاريخها – حضاراتها"، فحتى السينما المصرية كانت تعرض في أيام الامبراطور هيلي سيلاسي في كل دور السينما الإثيوبية، باعتبارها رائدة السينما العالمية ومَن مِن الإثيوبيين لا يعرف عمر الشريف وفاتن حمامة وخاصة من الجيل القديم، وقد حدثني أحد الشيوخ بانهم كانوا يتابعون الأفلام المصرية في دور السينما المصرية في أديس ابابا وخاصة الناطقين بالعربية.
وكلمة قبص والتي تكتب هكذا "ግብፅ" بالأمهرية، هي كلمة باللغة الامهرية وتعني "مصر" إذ يقول الإثيوبيون لمصر قبص وهي أقرب للفظ "قبط" بالعربية، والأثيوبيون الوحيدون في العالم الذين ينادون مصر بلغتهم الخاصة وهي كلمة "قبص" وهي ترجع للعلاقة بين الشعبين خاصة الكنيستين الإثيوبية والقطبية في الإسكندرية وكلمة "قبص" هذه هي المسمي لمصر في اللغات الإثيوبية المحلية الأمهرية والتقرنجة.
العلاقة الشعبية بين البلدين قديمة، وهناك روابط تاريخية بين البلدين وخاصة مرجعية بعض القبائل التى تقول إن أصولها من مصر، وهذا لا علاقة له بالارومو فهم بعيدون كل البعد عن الشعوب المصرية، ولكن هنالك هجرات قديمة إبان التركية السابقة والحملات التي قادها محمد رؤوف والتي وصلت لإقليم هرر، وتزاوج بعض منهم هناك، ولهم أسر ترجع في أصولها الى الشعب المصري.
وهناك بعض القبائل في الجنوب الإثيوبي، حدثني أحد المصادر أن أصولها ترجع لمصر، ولكن كيف دخلوا لا أدري، ولكن يقال إن دخلوهم كان إبان الممكة الزاقوية التي كانت في شمال إثيوبيا، والتي كانت لها تاريخ وحضارة عريقة وعاصمتها كانت لاليبيلا.
فأحد أفراد قبيلة هديا من كبار السن يقول في أحد اللقاءات أن أصولهم ترجع لمصر، وأن هذه القبيلة تجد ملامح أفرادها أقرب للملامح المصرية سمراء كانت أو بيضاء، وقبيلة هدايا كانت لها ممكلة قديمة والآن هي إحدى قبائل الجنوب الإثيوبي والتي توجد ضمن مجموعة شعوب جنوب إثيوبيا.
الأمبراطور هيلي سلاسي يعتبر من أكثر الأباطرة الإثيوبيين الذين كانت لهم علاقات جيدة مع الحكومات المصرية، وخاصة إبان العدوان الثلاثي لمصر، حيث اعترض عن الهجوم على مصر وكانت له محاولة تهديدية بقطع العلاقة مع إسرائيل من خلال استدعاء السفير الإسرائيلي في إثيوبيا والاعتراض على الهجوم على مصر في الوقت الذي لم يقم بهذا أي من الدول الاخرى.
يعرف الإثيوبيون كل شيء عن حضارتها ومسمياتها وأسماء ملوكها، بالرغم من صعوبة العربية لبعض الناطقين باللغات الإثيوبية الاخرى، بل تجد هناك من يطلق بعض الأسماء على بعض المحلات التجارية كالأهرام والإسكندرية والقاهرة.
فالمنتجات المصرية ملأت كل سوق ميركاتو على بكرة أبيه، ولا تذهب لموقع إلا وجدت المنتجات المصرية وأسماء الشركات باللغة عليها، توضح متانة التواصل.
فعندما يغني الفنان الإثيوبي قاشا ابرا مولا عن النيل ويتتبع مساره يسير معه حتى يوصله لمصر، ويتحدث عنه واصفا كيفية وصوله الى القاهرة باللغة الأمهرية في قصة تتبع لنهر النيل الذي يربط البلدين كالشريان.