قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

إلى الحكومة والشعب.. التعويم بلا مجاديف يعني الغرق!


للوهلة الأولى هي قرارات صعبة ومؤلمة.. ولكنها ضرورية للبقاء خارج دائرة التسول الدولي.. وليبقى الشعب مسئولا عن دولته ومسئولا عن مستقبلها ومستقبل أجياله فيها، ولا تُرحل تلك المسئوليات لدول إقليمية تلعب في عمق الوعي المصري أو نبقى مُصرين على مد اليد للقوى الدولية لتستمر هي بتحريك سوءاتها في باحاتنا الخلفية..!

إنها مسئولية الأمة المصرية الآن.. النهوض بمصر وتغيير مجمل البيئة المسكونة بالعفن والفساد على كافة المستويات.. وللنهوض بمصر روشتة لا بد من صرفها وعلاج لابد من تناوله وجهد لابد من بذله.. فلن يصلح شأنها جيل التسكع على المقاهي.. وسلالات الاختباء خلف الكيبورد.. وأمة الفرار من اقتصاد العَرق والجهد إلى التهليب والسرقات والتسقيع والترقيع والاحتكار وسوس الضمير الوطني والذي لا يمكن له أن يبني وطنا ولا يمكن للمسكنات مهما كانت فاعلة أن تكون روشته علاج قادرة على خلع الألم المستوطن في الجسد العليل..!

لابد إذن من العملية الجراحية الكبرى.. والتي ستغير وجه مصر كلها.. فمصر التي كنا نعرفها لن يكون لها وجود بعد اليوم.. وليهل علينا وطن جديد.. لا يسكنه إلا من يحميه ولا يبقى فيه إلا من ينتج له ولا مستقبل به لمن يمارس سفاهات وبلطجة وتسول غير مسئول يرمي إلى إثارة الفتنة وجر الفوضى إلى حوارينا الضيقة.

وتعويم الجنيه.. بتركه في مواجهة قدراته.. لن ينجح إلا بوجود البيئة الكاملة الضامنة لذلك من الدولة وكل الشعب على حد سواء.. ولن يعبر الاقتصاد المصري إلى بر الأمان إلا بمجاديف الإنتاج والعرق والجهد والرغبة الجادة في الدفع بمصر إلى الأمام بتأصيل دولة القانون والدستور.

فليس صحيحا أن نعيش على المباهاة بما عندنا من حضارة مصرية عظيمة أنتجت للعالم كل مشاعر الانبهار بها حول قدرة الساكن القديم لهذه الأرض لتبتلى هذه الأرض اليوم بساكن زائغ بلا إنتاجية ولا تصدير ولا قدرة حتى على الاكتفاء الذاتي من قوت يومه، وهو يعيش في وطن ممتد المساحة مليء بالخيرات، يجري فيه نهر الحياة ومع ذلك تصنف مصر كأكبر مستورد للقمح في العالم دون أن يتوقف أحد ليرفع صوته بكيف ولماذا..؟!!

وليس طبيعيا أن ينتشر سلوك الفهلوة والتهريب والتكسيب المريح عن طريق اللصوصية والسرقات والرشاوي والاحتكار وتخريب الضمير الجمعي ثم نشتكي من ضيق الأرزاق ونحن بأيدينا وسلوكنا من نخنق الحياة حولنا..!!

التعويم ضرورة لنعرف قدرتنا الطبيعية وإمكانياتنا الذاتية على مواجهة الصعوبات التي تحيط بالوطن ومحيطه الإقليمي..!

غير أن هذا التعويم يحتاج إلى قوانين فاعلة وعدالة اجتماعية راسخة وشفافية جذابة وشبكة حماية اجتماعية للطبقات الفقيرة من أجل أن تبقى في المجتمع نفحة الرحمة، فلا يتحول كله إلى آلة تسعى فلا تسمع ولا ترى..!

لأن التعويم سيكون كارثة بجوار المحافظة على كانتونات الفساد وتواطؤ وجهل رجال الإعلام ورشوة القانون واستحواذ الطبقات العليا على خيرات البلاد وعدم تفعيل سطور الدستور في مواجهة ظواهر البلطجة المتفشية!

ولنبدأ الآن بجوار قرارات التعويم بتغيير الخطاب الإعلامي من تبريري وتسفيهي تحريضي إلى خطاب تعليمي توجيهي تنموي مستقبلي، يتخلص من نغمات التطبيل والإسقاط والتحدي، هي خطوة إضافية ستعمل بكل جد على وصول العملة المُعومة إلى البر الآمن بهدوء وستنقل المجتمع إلى نطاق آخر أكثر حيوية وجاذبية بجوار الأمل...!

وأيضا فإن العمل داخل بيئة قانونية نظيفة تحترم الدستور وتنصاع لقيم الحريات وتتقبل تنوع الآراء وتراها من باب تنوع المواهب قد أصبحت الآن ضرورات ملحة لنجاح الخطوة التي تستهدف النهوض الذاتي بالوطن في ظل ظروف استثنائية، لن تنجح فيها أي خطوة إجرائية تعمل بمفردها إلا وسط منظومة كاملة..!

وهذا التعويم يحتاج أيضا إلى تعويم الخطاب الديني وتركه في مواجهة الخطاب الحداثي بحجته ومنطقه ومنطلقاته، ولتتوقف الدولة عن دعم الخطاب التراثي وحمايته ليتم تحديث المجتمع اقتصادا وفكرا وسياسة..فحالة الترتيب الاقتصادي الجديدة لن تنجو من المخاطر إلا إذا أصبحت حالة عامة تعمل على تحويل المجتمع إلى الشاطئ الآخر الأكثر أمانا..!

وهنا لابد للمصري الجديد أن يتعامل مع واقعة وفقا لجملة من الترتيبات الجديدة التي ترتبط بعمله وجديته وإخلاصه وتعمل على إعادة ترتيب أولوياته وأساليب وسلوكيات إنفاقه..!

وفي الوقت نفسه يصبح على الجهاز الإداري في الدولة أن يتخلص هو الآخر من العفونة المسكونة في جوفه من خلال تنقيه صفوفه ورفدها بمنظومة إدارية حديثه، تخلصنا من دولة الموظفين وتواكب فكرة تطوير وتنميه الوطن والنهوض به.

تغيروا تصحوا .... واصبروا على الجهد والعرق.. فما الوصول لبر الأمان إلا رمية رمح.. شرط أن يتكامل العمل داخل منظومة شاملة من الشعب والدولة.. وأما المتباكين على ارتفاع الدولار وعلاقته بارتفاع الأسعار فنقول لهم اقطعوا علاقتكم بالدولار عن طريق زيادة الإنتاج والاكتفاء الذاتي والتوقف عن الاستيراد.. ثم تحولوا إلى اللعب بالدولار وتعزيز قيمة العملة الوطنية عن طريق تجويد العمل والتصدير التنافسي وكسب الأسواق العالمية!

كن مصريا بحق كما كان آباؤك القدماء العظام بدلا من البكاء على أبوة الدولة وأمومتها والبقاء في حضنها كرضيع بلا إرادة..لقد حان الوقت لأن يترجل هذا الشعب ويأكل من عمل يده ويدخر من عمل عبقريته.

وعلينا ألا ننسى أبدا أن اليابان والتي هي أعظم دولة اقتصادية في العالم قد عومت عملتها ليصبح 103 ين ياباني يساوي واحد دولار أمريكي.. فغطي الجنيه بجهدك وارفعه بإتقانك.. واحمه بإنتاجك.. وانتشله بوعيك وتدبيرك ولتكن هذه وسائلك في الإبحار.. لأن عوم بلا مجاديف يعني الغرق..الغرق للجميع للوطن والمواطن.. فانتبهوا لذلك ..!