أتذكر فى بداية عملى فى مبنى الإذاعة والتليفزيون العتيق التقيت بعبقرى الموسيقى والتلحين الراحل خالد الذكر الموسيقار الملحن بليغ حمدى، وحدثنى عن أغنية حب إيه التى لحنها للعظيمة أم كلثوم.
وضحك وهو يقول لى أنتِ عارفة قصة الأغنية، ديه من أجمل قصص عمرى، كنت بحب هند رستم وكنت شاب عاطفى أوى والحياة عندى كلها حب وكانت أول من نبض له قلبى، وكانت تربطنى بعائلتها رابطة أسرية وتعارف جعلنى ألاحقها فى كل مكان وشجعنى أن أصارحها بما يحمله قلبى لها من حب يكاد يتملكنى ويسيطر على، حتى إننى أصبحت أتنفسها وأتمناها فى كل ثانية، وقلت لها وطبعا وأنا مسبل عينيا وحالتى حالة "أنا بحبك ببساطة كده مش قادر أبعد عنك" ووقفت أمامها وهزنى استقبالها لاعترافى بضحك متواصل لدرجة إنها وقعت على الأرض وجذبت يدى لأقعد بجوارها، وأنا مرتبك ولا أدرى سببا لطريقة استقبالها لمصارحتى لها بحبى الجارف لها.
وقالت لى وهى ممسكة بيدى: حب إيه اللى أنت جاى تقول عليه أنا أحبك أنت.. واستكملت وصلة الضحك وسحبت يدى من يدها ولم أستطع أن أسحب حبها من قلبى، مضيت وكلى حزن وألم وعدت بيتى وقابلتنى أختى صفية ولم أبح لها بشيء ربما كنت محرجا من تأنيبها لى على ما فعلته، وأغلقت بابى واعتزلت الحياة لأسبوع متواصل ووسط الحاح أهلى وحزنهم على ما وصل إليه حالى من إهمال واكتئاب، حاولت أن أساعد نفسى بالخروج من حالتها الحزينة وتنقلت من حجرتى إلى باقى أنحاء منزلنا كخطوة لطمأنة أهلى.
وخاصة صفية التى كانت قد أعدت نفسها على أن تكون أمى ومن أجلى ذهبت ودون علمى واستدعت أصدقائى وخاصة المقربين منى والذين كان من بينهم الشاعر الجميل الذى أبهر الوطن العربى بكلمات أغانيه التى تغنى بها أهرامات عصره وعصرى حينذاك. قالى: مالك ؟حزين ليه؟ زرعتها ورد طرحت بتنجان ؟فبكيت امامه ونزل دمعى بغزارة بعد ان حبسته اسبوع واكثر ارضاء لرجواتى، فاقترب منى وقال لى بخوف ده بجد بأه، انت فيه حاجه كبيرة ،فقصصت عليه مآساتى، ورد على قائلا هند ديه مجرمة ردها عليك مع انه قاسى وقاله امامى مرة اخرى... حب ايه اللى انت جاى تقول عليه الا انه مطلع اغنية هتكسر الدنيا واستطرد وهوشارد ..ديه مجرمة قالت جملة هاادخلك بيها التاريخ، وتركنى ومضى، وانا مرتبك من ردة فعله ،ولم تكد ساعات الليل الاولى تنقضى الا وجاء صديقى ويسمعنى كلمات اغنية "حب ايه" ويطلب منى ان الحنها وذهلت من الكلمات؛ وامسكت بصديق روحى وهو العود، وعزفت ولحنت اغنية اعتبرتها نبض قلبى. واتصل بام كلثوم وذهبنا اليها ولما راتتى لم تعطنى قدرى فاسمعتها اللحن؛ فجلست بجوارى وكلها انبهار باللحن والكلمات بل ووجدتها تترنم وتقول مع موسيقاى حب ايه ايه ايه اللى انت جاى تقول عليه....هذه القصة تذكرتها اليوم وابنى يقول لى ..ماما عيد الحب جه كل سنه وانتى حبيبتى انا خارج احتفل مع شريكة المستقبل بهذا اليوم الذى اعيشه معكى كل يوم..وعلى الرغم من ان كلماته اسعدتنى وتمنيت له حياة مليئة بالسعادة مع من اختارها الا اننى شعرت بغصة وامتعاض من ان يكون للحب يوما امتثالا بالغرب وايضا سألت نفسى هل المواطن المصرى البسيط الذى يعيش اليوم بيومه كما يقولون يغريه اويسعده الاعلان عن يوم للحب وهل فى هذا اليوم السعيد سيكون تجاوبه مماثل لنظيره الغنى الذى ستتحول حياته فى هذا اليوم الى احمر فى احمر وسيلتقى بمحبوبته ايا كانت درجة ارتباطه بها ومعه الدباديب والكيوبيد وفى قلبه امواج الحب وفى عينه التسبيلات وعلى لسانه التأوهات من لوعة الحب وسنينه ..وهل المواطن الكادح ان كان يملك مالا ،سيجمعه ليشترى به دبدوب احمر؟؟ او يحجز فيما يسمونه ملهى او كافيه يقتسم فيه سعادته مع من خفق لها قلبه ؟وهل ايضا المصرية البسيطة تشعر بنفس ماتشعر به نظيرتها بنت الذوات فى هذا اليوم القادم من اهل لغة الشمال الى اليمين؟.وهل نحن فى حاجه الى يوم للحب؟ ام اننا فى حاجة للشعور بالحب فقط ؟نحتاج لان ينبض قلبنا حنينا وشوقا ومحبة ليطرد من خلال هذه النبضات الجميلة مشاعر سلبية سيطرت علينا اعتلتها الكراهية والحقد والحسد والكذب والخيانة .هل نحن فى انتظار شهر نوفمبر لنعلن من خلال احد ايامه الغربية اننا لازال لدينا قلب ونحب ونتحب..هل نحن بالفعل نعرف معنى الحب وهل الحب اذا تشكل فى شكل ملموس سيتعرف علينا ويضمنا اليه لنتعارف ونتآلف..هل وهل وكل التساؤلات تعرفنا على معنى ومغزى عيد الحب..!