لكل فئة مجتمعية مصطلحاتها ولغتها الخاصة التي قد لا يفهمها سواهم، تعكس تلك اللغة عادتهم وتقاليدهم.
فالمصطلحات أو "اللغة الدارجة" التي تعتاد أن تتحدث بها طبقة مجتمعية معينة، لا تحمل معناها الحرفي، ولكنها كناية عن موقف معين، أو تنم عن حالة معينة، أو تصف شيء معين. والامثلة على ذلك كثيرة. كأن تقول "فلان ده عامل نفسه ابن بارم ديله"، فهل هو فعلًا ابن بارم ديله؟ الإجابة لا طبعًا، أو أن تقول لشخص "أصلك بيت أبوك على البحر"، فهل هو فعلًا يسكن على البحر، الإجابة: لا طبعًا.
فتلك المصطلحات لا يفهم المقصود منها سوى من ينتمي إلى الطبقة المجتمعية التي تعي تمامًا معنى تلك الكلمات، والمقصود منها.
فإذا ما طبقنا على المجتمع المصري، نجد أن المجتمع المصري متنوع الفئات، فهناك ثلاث فئات رئيسية، فئة الموظفين وهم من محدودي الدخل، ويعلوهم فئة الأعمال الحرة أو ما يطلق عليهم التجار "ولاد البلد"، وهم أغنياء وميسوري الحال، أي أن دخلهم يفوق فئة محدودي الدخل، بما يسمح لهم بحياة مرفهة، ويعلوهم الطبقة الأرستقراطية أو صفوة المجتمع.
ولكل طبقة اهتماماتها الحياتية وثقافتها المجتمعية، فإذا ما تحدث محدودو الدخل ببعض مصطلحاتهم أمام الطبقة الأرستقراطية، فلن تعي الطبقة الأرستقراطية المخزى من وراء كلمات محدودي الدخل، وكذلك الحال إذا ما تحدثت الطبقة الأرستقراطية أمام طبقة ولاد البلد من التجار على أسلوب حياتهم اليومي، فسيتم النظر إليهم على أنهم "فرافير"، وإن صح التعبير.
وفي ذلك الشأن تابعنا "حوار الثلاجة"، الذي لم يفسر معناه أي من السادة الإعلاميين، بل واتخذوا الهجوم على ما تفوه به "إياد مدني"، وسيلة للابتعاد عن مخزى الكلمة، وكأنهم لما صدقوا، وبدأوا وصلة الدفاع عن كرامة ومكانة مصر، أليس فيهم أحد من ولاد البلد ليوضح المقصود؟!.
فإذا ما اتخذنا من المأكل والمشرب وسيلة للمقارنة ما بين الفئات المجتمعية التي ذكرناها بعاليه، نجد أن هناك اختلاف في النوعية وذلك وفقًا للمستوى الاجتماعي الذي ينتمي إليه الفرد، لا أقلل من شأن أي من الطبقات، ولكنها سنة الحياة، "ورفعنا بعضكم فوق بعضٍ درجات".
فالاقتصادي يعلم جيدًا أن حجم الإنفاق على المأكل والمشرب يعكس جودته وكميته، وبالتالي جودة وكمية المأكل والمشرب لدى محدودي الدخل بالقطع ستكون أقل من نظيرتها لدى فئة التجار "ولاد البلد"، وكذلك تختلف كليًا عن نوعية وكمية المأكل والمشرب لدى الطبقة الأرستقراطية.
ما بين هذا وذاك نجد أن أكثر الطبقات التي تهتم بنوعية المأكل والمشرب وكميتهما هي طبقة التجار "ولاد البلد"، يهتمون بأن تكون النوعية من النوعيات ذات الجودة العالية، فنجد أن اللحوم يجب أن تكون لحوم بلدية، وكذلك يهتمون بشراء الدواجن البلدية، ولا يطهون سوى بالسمن البلدي، فالجودة العالية من الغذاء تنسب إلى ولاد البلد، وإذا ما حدثتك عن الكمية فحدث بلا حرج، فولاد البلد هم أهل الكرم، فالكمية لابد أن تكون وفيرة، تكفي الأسرة وتفيض عن حاجتهم.
وينعكس ذلك بالقطع على طريقة تخزينهم لاحتياجاتهم من المواد الغذائية، فهم يهتمون باقتناء كميات كبيرة من المواد الغذائية بكافة أنواعها، ويرتبط تخزين المواد الغذائية "بالثلاجة".
فالثلاجة بالنسبة لولاد البلد تعكس "المخزون من السلع الغذائية"، فكلما انخفض المخزون من المواد الغذائية بالثلاجة يطلقون عليها "الثلاجة فضيت" أي خويت من الطعام، فهل هي فرغت بالفعل؟، الإجابة: لا، ولكن كمية اللحوم والدواجن والمواد الغذائية المتبقية قد أصبحت تكفي لعدة أيام فقط، ولكن بالنسبة لتلك الطبقة تصبح "الثلاجة فضيت"، ويقولون بلغة ولاد البلد الدارجة "التلاجة فاضية ما فيهاش غير المية الساقعة"، وهذا شيء مخجل بالنسبة لتلك الطبقة، وبالتالي يقولون "عايزين نملى الثلاجة"، أي يشترون كميات إضافية من المواد الغذائية تكفي لمدة زمنية أطول، فتلك اللغة لا يعني معناها سوى ولاد البلد من تلك الفئة المجتمعية.
وإذا ما قارنا العادات الشرائية ما بين محدودي الدخل وطبقة التجار ولاد البلد، نجدها تختلف كليًا، فطبقة محدودي الدخل تشتري احتياجاتها بالتجزئة، أي ما يكفي لعدة أيام فقط، وبالتأكيد ينعكس ذلك على الانخفاض المستمر في كمية المخزون من السلع الغذائية بثلاجتهم.
أما طبقة التجار فيشترون احتياجاتهم بكميات كبيرة، تكفي لمدد زمنية أطول، ومن ثم نجد أن المخزون بثلاجاتهم دائم التكدس.
فإذا ما نظرت طبقة التجار إلى ثلاجة محدودي الدخل، تصبح بالنسبة لهم الثلاجة "فارغة"، سوى من الماء المثلج، فهل هي بالفعل فارغة لا يوجد بها سوى الماء المثلج؟، الإجابة: لا.
هذا هو اختلاف الثقافات المجتمعية، فإذا ما انتقل الفرد من فئة التجار الأغنياء إلى فئة محدودي الدخل، فهو بالتالي ينتقل إلى فئة مجتمعية أقل، وثقافة شرائية مختلفة، فيحاول أن يتكيف وفقًا لظروفه المادية التي استجدت عليه، فيعمل على تخفيض كمية المنتجات الغذائية التي اعتاد شرائها، ليتحول من مشتري لكميات كبيرة من المواد الغذائية "اعتاد أن تمتلئ بها ثلاجته"، إلى مواطن محدود الدخل يشتري احتياجاته بكميات أقل.
ولكن لأن عائلته من التجار الأغنياء الذين يعتادون أن يشتروا بكميات كبيرة، ولم يلجأ إلى أسرته ويعتمد على نفسه كامل الاعتماد في مقتبل حياته العملية. فإنه يشعر بينه وبين نفسه أن ثلاجته "ليس بها سوى الماء المثلج"، وذلك وفقًا لوجهة النظر والثقافة المجتمعية والمصطلحات الدارجة الخاصة بفئة التجار الأغنياء، على الرغم من وجود ما يكفيه لعدة أيام.
فمن لم يفهم لغة ولاد البلد، سيفسر مصطلحاتهم بطريقة خاطئة، وسيستخدمها بصورة مسيئة، خاصةً إذا كان لابن البلد أعداء وحاقدين في الداخل والخارج، يتصيدون كل ما يتفوه به، ونسي هؤلاء أن "من كان بيته من زجاج فلا يقذف الناس بالطوب"، وذلك وفقًا للغة ولاد البلد.
هذا ما حدث مع رئيسنا بالفعل تحدث بعفوية ولاد البلد مع أبناء بلده، بلغة وثقافة ولاد البلد، لكن لم يعي ما يعنيه الكثيرين، وكأنهم جميعًا قد تربوا على البيتزا والتيك أواي، فأصبحوا لا يفهمون لغة ولاد البلد، وما تعكسها من معاني، ولم يعوا أهمية عزة النفس والاعتماد عليها، وقوة الاحتمال والصبر على الشدائد في حالة انخفاض المستوى المعيشي عما اعتاد عليه الفرد.
وتصيد له عناصر داخلية وخارجية بالهمز واللمز، مهاجمين، وهو ما عكس الكراهيه والحقد والرغبة في الهدم، متناسين قوله تعالى " وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ ".
[email protected]
فالمصطلحات أو "اللغة الدارجة" التي تعتاد أن تتحدث بها طبقة مجتمعية معينة، لا تحمل معناها الحرفي، ولكنها كناية عن موقف معين، أو تنم عن حالة معينة، أو تصف شيء معين. والامثلة على ذلك كثيرة. كأن تقول "فلان ده عامل نفسه ابن بارم ديله"، فهل هو فعلًا ابن بارم ديله؟ الإجابة لا طبعًا، أو أن تقول لشخص "أصلك بيت أبوك على البحر"، فهل هو فعلًا يسكن على البحر، الإجابة: لا طبعًا.
فتلك المصطلحات لا يفهم المقصود منها سوى من ينتمي إلى الطبقة المجتمعية التي تعي تمامًا معنى تلك الكلمات، والمقصود منها.
فإذا ما طبقنا على المجتمع المصري، نجد أن المجتمع المصري متنوع الفئات، فهناك ثلاث فئات رئيسية، فئة الموظفين وهم من محدودي الدخل، ويعلوهم فئة الأعمال الحرة أو ما يطلق عليهم التجار "ولاد البلد"، وهم أغنياء وميسوري الحال، أي أن دخلهم يفوق فئة محدودي الدخل، بما يسمح لهم بحياة مرفهة، ويعلوهم الطبقة الأرستقراطية أو صفوة المجتمع.
ولكل طبقة اهتماماتها الحياتية وثقافتها المجتمعية، فإذا ما تحدث محدودو الدخل ببعض مصطلحاتهم أمام الطبقة الأرستقراطية، فلن تعي الطبقة الأرستقراطية المخزى من وراء كلمات محدودي الدخل، وكذلك الحال إذا ما تحدثت الطبقة الأرستقراطية أمام طبقة ولاد البلد من التجار على أسلوب حياتهم اليومي، فسيتم النظر إليهم على أنهم "فرافير"، وإن صح التعبير.
وفي ذلك الشأن تابعنا "حوار الثلاجة"، الذي لم يفسر معناه أي من السادة الإعلاميين، بل واتخذوا الهجوم على ما تفوه به "إياد مدني"، وسيلة للابتعاد عن مخزى الكلمة، وكأنهم لما صدقوا، وبدأوا وصلة الدفاع عن كرامة ومكانة مصر، أليس فيهم أحد من ولاد البلد ليوضح المقصود؟!.
فإذا ما اتخذنا من المأكل والمشرب وسيلة للمقارنة ما بين الفئات المجتمعية التي ذكرناها بعاليه، نجد أن هناك اختلاف في النوعية وذلك وفقًا للمستوى الاجتماعي الذي ينتمي إليه الفرد، لا أقلل من شأن أي من الطبقات، ولكنها سنة الحياة، "ورفعنا بعضكم فوق بعضٍ درجات".
فالاقتصادي يعلم جيدًا أن حجم الإنفاق على المأكل والمشرب يعكس جودته وكميته، وبالتالي جودة وكمية المأكل والمشرب لدى محدودي الدخل بالقطع ستكون أقل من نظيرتها لدى فئة التجار "ولاد البلد"، وكذلك تختلف كليًا عن نوعية وكمية المأكل والمشرب لدى الطبقة الأرستقراطية.
ما بين هذا وذاك نجد أن أكثر الطبقات التي تهتم بنوعية المأكل والمشرب وكميتهما هي طبقة التجار "ولاد البلد"، يهتمون بأن تكون النوعية من النوعيات ذات الجودة العالية، فنجد أن اللحوم يجب أن تكون لحوم بلدية، وكذلك يهتمون بشراء الدواجن البلدية، ولا يطهون سوى بالسمن البلدي، فالجودة العالية من الغذاء تنسب إلى ولاد البلد، وإذا ما حدثتك عن الكمية فحدث بلا حرج، فولاد البلد هم أهل الكرم، فالكمية لابد أن تكون وفيرة، تكفي الأسرة وتفيض عن حاجتهم.
وينعكس ذلك بالقطع على طريقة تخزينهم لاحتياجاتهم من المواد الغذائية، فهم يهتمون باقتناء كميات كبيرة من المواد الغذائية بكافة أنواعها، ويرتبط تخزين المواد الغذائية "بالثلاجة".
فالثلاجة بالنسبة لولاد البلد تعكس "المخزون من السلع الغذائية"، فكلما انخفض المخزون من المواد الغذائية بالثلاجة يطلقون عليها "الثلاجة فضيت" أي خويت من الطعام، فهل هي فرغت بالفعل؟، الإجابة: لا، ولكن كمية اللحوم والدواجن والمواد الغذائية المتبقية قد أصبحت تكفي لعدة أيام فقط، ولكن بالنسبة لتلك الطبقة تصبح "الثلاجة فضيت"، ويقولون بلغة ولاد البلد الدارجة "التلاجة فاضية ما فيهاش غير المية الساقعة"، وهذا شيء مخجل بالنسبة لتلك الطبقة، وبالتالي يقولون "عايزين نملى الثلاجة"، أي يشترون كميات إضافية من المواد الغذائية تكفي لمدة زمنية أطول، فتلك اللغة لا يعني معناها سوى ولاد البلد من تلك الفئة المجتمعية.
وإذا ما قارنا العادات الشرائية ما بين محدودي الدخل وطبقة التجار ولاد البلد، نجدها تختلف كليًا، فطبقة محدودي الدخل تشتري احتياجاتها بالتجزئة، أي ما يكفي لعدة أيام فقط، وبالتأكيد ينعكس ذلك على الانخفاض المستمر في كمية المخزون من السلع الغذائية بثلاجتهم.
أما طبقة التجار فيشترون احتياجاتهم بكميات كبيرة، تكفي لمدد زمنية أطول، ومن ثم نجد أن المخزون بثلاجاتهم دائم التكدس.
فإذا ما نظرت طبقة التجار إلى ثلاجة محدودي الدخل، تصبح بالنسبة لهم الثلاجة "فارغة"، سوى من الماء المثلج، فهل هي بالفعل فارغة لا يوجد بها سوى الماء المثلج؟، الإجابة: لا.
هذا هو اختلاف الثقافات المجتمعية، فإذا ما انتقل الفرد من فئة التجار الأغنياء إلى فئة محدودي الدخل، فهو بالتالي ينتقل إلى فئة مجتمعية أقل، وثقافة شرائية مختلفة، فيحاول أن يتكيف وفقًا لظروفه المادية التي استجدت عليه، فيعمل على تخفيض كمية المنتجات الغذائية التي اعتاد شرائها، ليتحول من مشتري لكميات كبيرة من المواد الغذائية "اعتاد أن تمتلئ بها ثلاجته"، إلى مواطن محدود الدخل يشتري احتياجاته بكميات أقل.
ولكن لأن عائلته من التجار الأغنياء الذين يعتادون أن يشتروا بكميات كبيرة، ولم يلجأ إلى أسرته ويعتمد على نفسه كامل الاعتماد في مقتبل حياته العملية. فإنه يشعر بينه وبين نفسه أن ثلاجته "ليس بها سوى الماء المثلج"، وذلك وفقًا لوجهة النظر والثقافة المجتمعية والمصطلحات الدارجة الخاصة بفئة التجار الأغنياء، على الرغم من وجود ما يكفيه لعدة أيام.
فمن لم يفهم لغة ولاد البلد، سيفسر مصطلحاتهم بطريقة خاطئة، وسيستخدمها بصورة مسيئة، خاصةً إذا كان لابن البلد أعداء وحاقدين في الداخل والخارج، يتصيدون كل ما يتفوه به، ونسي هؤلاء أن "من كان بيته من زجاج فلا يقذف الناس بالطوب"، وذلك وفقًا للغة ولاد البلد.
هذا ما حدث مع رئيسنا بالفعل تحدث بعفوية ولاد البلد مع أبناء بلده، بلغة وثقافة ولاد البلد، لكن لم يعي ما يعنيه الكثيرين، وكأنهم جميعًا قد تربوا على البيتزا والتيك أواي، فأصبحوا لا يفهمون لغة ولاد البلد، وما تعكسها من معاني، ولم يعوا أهمية عزة النفس والاعتماد عليها، وقوة الاحتمال والصبر على الشدائد في حالة انخفاض المستوى المعيشي عما اعتاد عليه الفرد.
وتصيد له عناصر داخلية وخارجية بالهمز واللمز، مهاجمين، وهو ما عكس الكراهيه والحقد والرغبة في الهدم، متناسين قوله تعالى " وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ ".
[email protected]