مازن طفل لم يتعد الثانية عشر من عمره، لا يمتلك موهبة فذة ولا يحظى بأى شهرة من أى نوع، يمتلك فقط جهاز كمبيوتر قديم وحساب على فيس بوك به القليل من الأصدقاء ويمتلك أيضا ما هو أغلى من هذا وذاك إلا وهو حسن التربية والأخلاق والبر بالوالدين.
ذات يوم مازن شعر أن أباه الذى يعمل سباكا يعانى من ضيق الحال وقلة الدخل وانحسار العمل عنه حاله كحال مجتمع يصارع الظروف في أيام غايه في الصعوبة فقرر أن يكون سندا لوالده وبدأ يكتب على فيس بوك بعض الكلمات لعل وعسى أحدا يسمعه فكتب يقول " بابا سباك شاطر بابا مش غالى بابا بيديك ضمان بابا مافيش منه اتنين ورقم تليفونه".
فقط هذا ما كتبه على صفحة يشاهدها القليل من أقرانه الصغار فماذا أراد بهذا مثلا وماذا توقع وهو يعلم أنه لا يملك مئات الآلاف من المتابعين ولا يحظى بمعرفة المسئولين ولا يضم كبار القوم على صفحته المتواضعة؟
إنه لم يفكر في النتيجة على الإطلاق ولكنه فقط أدرك أن أباه بحاجة إلى العون فقرر أن يعينه بما يملك حتى ولو كان قليلا وهكذا أراد الله أن تصل تلك الكلمات التي كتبها ابن السباك إلى كل أنحاء شبكات التواصل الاجتماعى ويذيع صيتها ويراها ويتناقلها ويعجب بها ملايين المصريين والعرب في أنحاء العالم !!!..
هل هذا يُصدق أو يعقل ؟ّ!! نعم إنها إرادة الله الذى أن أراد شيئا يقول له كن فيكون ..فالله وحده هو الذى بارك في تلك الكلمات لتصل إلى مسمع ومرأى ملايين البشر ولتجد الكل يتهافت على هذا السباك طلبا للعمل بل وتسعى البرامج التلفزيونية الشهيرة للتصوير مع مازن وأبيه ويكثر الرزق ويصبح الرجل محجوزا لشهور طويلة قادمة وسبحان الله تتبدل الأحوال بين ليلة وضحاها من حالٍ لحال !!
إنها إرادة الله الذى أمر إبراهيم عليه السلام من قرابة آلاف الأعوام أن يؤذن في الناس بالحج وهو في صحراء غير ذي ذرع } وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ { فلما اطاع إبراهيم ولم يجادل او يعترض او يقول لمن سأؤذن ومن سيجيب ندائى وانا وحيدا في هذا المكان .. هنا كان على الله ان ينقل صوته لمن يلبى النداء وهكذ فعل مازن حين قرر ان يدعو الناس حبا في ابيه وهكذا أيضا فعل الله مع مازن كما فعل مع خليله إبراهيم.جعل صوته مسموعا وكلماته نورا ،ان الله سميع بصير عالم بعباده فهو الذى يتنزل الى الأرض كل ليله ليسأل هل من مستغفر فأغفر له ، هل من داع فأجيبه .؟
إنها يا سادة دعوه للعمل دون انتظار العائد فالله حتما سيجزى الخير بخير منه .. عليك بنفسك ولتبدأ بها ثم عليك ان تؤذن في الناس كما اذن إبراهيم عليه السلام وكما اذن مازن.. نعم أذن في الناس بالحب ،أذن فيهم بالاخلاص، أذن بالضمير والعمل والتآخى ، أذن في الناس بمقاومة الفساد والمفسدين ، أذن في الناس بقول الحق والرجوع الى الاخلاق ، أذن في الناس ولا تخشى لوم اللائمين ولا سخرية المستهزئين فالله يستهزىء بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون ، أذن في الناس ولا تظن ان صوتك ضعيف غير مسموع فـالذى جعل صوت إبراهيم مسموعا للعالمين والذى جعل كلمات مازن مقروءه للملايين قادر ان يصل بصوتك الى مشارق الأرض ومغاربها .. فقط ابدأ بنفسك ثم اذن في الناس وقل انما عليا الدعاء وعليك الإجابة يارب المستضعفين,