جهاز لإدارة قرض صندوق النقد

ترددت كثيرًا في كتابة هذا المقال ونشره، فقد تكون تلك الدعوة غريبة إلا إنني كمواطنة أخشى على وطني والأجيال القادمة من تحمل أعباء القروض الخارجية، فنتيجة طبيعية لانتشار الفساد المؤسسي وعدم توفر الكفاءة المؤسسية في كافة الأجهزة الحكومية وفقًا للتقارير المحلية والدولية، وبالتالي تراجع مؤشرات التنافسية المؤسسية، يكون من المتوقع حدوث سوء استغلال لمصادر التمويل الخارجية.
أقولها صراحةً أخشى ما أخشاه أن يتم استغلال تلك الأموال في غير موضعها، أو استغلالها لتمويل مرتبات ومكافآت لخبراء ومستشارين.
فأنا لم أبنِ مقالي هذا من فراغ، فقد رأى استجلتز وهو من الاقتصاديين البارزين في الإصلاح المؤسسي وحاصل على جائزة نوبل في الاقتصاد عام 2001، أن السياسات الإصلاحية التي تضمنها إجماع واشنطن قد عجزت عن فهم دقائق عمل اقتصاد السوق، فلم تدرك أن "التحرير" لا يكفي وحده لجعل اقتصاد السوق يعمل بنجاح. فتحرير الاقتصاد – كما يراه استجلتز – يحتاج إلى بنية تحتية ومؤسسية مساندة، والتي بدونها يمكن أن تؤدي تلك الإصلاحات إلى نتائج سلبية على المواطنين، حيث ستضعهم تلك السياسات الإصلاحية تحت غلاة الرأسماليين وأقطاب القطاع الخاص وجشع التجار.
والتجارب الدولية في تطبيق سياسات الإصلاح الاقتصادي دون وجود إطار مؤسسي قوي، يضمن تنظيم التوجه نحو تحقيق تلك السياسات الإصلاحية، أثبتت حدوث مشاكل مالية جسيمة، والتي ظهر صداها في عدد من الدول الأوروبية والآسيوية في بداية التسعينيات.
لذا أستطيع أن أعلنها إنني من أنصار جوزيف استجلتز، فبرامج الإصلاح الاقتصادي تحتاج إلى بنية مؤسسية قوية، وبدون وجود تلك المؤسسات القوية ستؤدي تلك الإصلاحات إلى نتائج سلبية على المواطنين، وأبسط تلك النتائج التي أوضحها استجلتز هو ارتفاع الأسعار المتمثل في سيطرة الرأسماليين وأقطاب القطاع الخاص، ويمكن أن نقول جشع التجار، وهو ما قد نتلمسه بالفعل.
وإذا ما تحدثنا عن مصر، أرى أن مؤسساتنا وفقًا للتصنيفات والتقارير المحلية منها والدولية لم تصل إلى الدرجة المنشودة من التنافسية أو الكمال، وهي المؤسسات التي ستتولى تطبيق تلك البرامج والتي من المفترض أنها إصلاحية، وباعتراف أجهزتنا السيادية هناك نسب كبيرة من الفساد المؤسسي.
إذن ماذا سنتوقع في حالة استمرار الوضع المؤسسي على ما هو عليه؟ نتوقع أن نتجه بكل تأكيد إلى ما هو أسوأ.
فما نحتاجه كي يؤتي القرض ثماره أن تسير عجلة الإصلاح المؤسسي بسرعة تفوق برنامج الإصلاح الاقتصادي ذات نفسه، وذلك كي يؤتي القرض التمويلي ثماره.
فالإصلاح طريق لا يختلف عليه إثنان، وأول خطوات الإصلاح هو الإصلاح المؤسسي ومحاربة الفساد بكافة صوره وأشكاله.
وطالما نحن في أمس الحاجة إلى ذلك القرض وتلك المنح كي نستكمل عملية الإصلاح الاقتصادي التي بدأت تأخذ مجراها، وإلى حين تحقق عملية الإصلاح المؤسسي والتي قد تأخذ وقت ليس بالقليل نظرًا لتوغلها ومحاربة خطواتها من المنتفعين ببقاء الوضع على ما هو عليه.
فإنني أدعو إلى إقامة جهاز مستقل أو تخصيص لجنة أو هيئة بخلاف الأجهزة المؤسسية القائمة التي قد يشوبها شائبة الفساد، يكون عملها مؤقتا، على أن تتولى فقط الإشراف والمتابعة لأوجه صرف تلك القروض وإصدار تقارير معلنة للمواطنين الذين سيتحملون عبء هذا القرض، والذي أرجو من الله أن تكون سبل إنفاقه في اتجاه تحقيق التنمية المستدامة المنشودة بعيدًا عن أي نفقات جارية قد تتمثل في الإنفاق على استقدام الخبراء الأجانب أو مرتبات المستشارين وأعوانهم، مع كامل احترامي للجميع، وخالص الدعوات برفعة هذا الوطن.
[email protected]
مصر
الطلاب الوافدين
التعليم العالي
التنسيق
الخارجية
المالية
الري
طريق
العيد
تحرير
برنامج
روبي
الكومي
ارتفاع الأسعار
صندوق النقد
العين
كتاب
القطاع الخاص