الخارطة تدعونا من جديد لإعادة القراءة.. القراءة الفاحصة لمشهدين يتصارعان على سطع الكرة الأرضية بعالمنا الإسلامي..
أحدهما ليبرالي يدعو إلى توطين قيم حرية الإرادة عبر وسائل تتسم باللين والرحمة وتعمل عند الإنسان ورقيه.. وتسعى إلى تأصيل مبادئ التعايش مؤجلاً نتيجة الخلاف الذي يعيشه البشر إلى يوم القيامة حين يبقى الناس في دنياهم شركاء في ثلاثة -الماء والكلأ والنار- وهي شراكة ثلاثية قادرة على أن تجمع الناس حولها ويسعى البشر بها إلى توفير العدالة اللازمة وتنسيق المبادئ الإدارية الضرورية لنشر السلام والأمان وتأصيل روح التواصل بين كل الشرائح الإنسانية في إطار دولة مدنية معاصرة تحترم المبادئ العلمية التى تقرّر توقير العقل ودفعه إلى المقدمة ..
لا أحد خاسر فيها ليقينها أن الله لم يرسل أديانه وأنبياءه إلى أهل الأرض ليقودوا باسمه المعارك فيقتل بعضهم بعضًالأن عبثية الخُلق حينها ستحمل أكثر من دلالة نتيجة لعبثية النتيجة نفسها..!
فالحقيقة أن الأديان كلها جاءت لخدمة الإنسان لا لقتله ولتوفير الأمان له لا لنشر الذعر حوله.. ولتمكينه من الاستقواء بحريته حتى يكون مسئولاً في النهاية عن كل فعله.
وما تمت خيانة الأديان والحقيقة إلا عندما خانها الكهنة وحولوها بتفاسير الفقهاء من دين لله إلى دين لسلطات الخليفة يستقوى به ويقاتل به ويغزو العالم به ثم يكذب أيضًا على الله به حين ينسب كل هذا المنكر إليه..!!
أما القراءة الثانية فسلفية تزعم أن الله قد أمر بدولة خلافة تعمل على فتح أسواق النخاسة في الأرض ليستعبد الناس بعضهم بعضا فيما يرى الله أن الناس كلهم عباده المكرمون وأنهم كلهم من نفس واحده...؟
وتزعم هذه القراءة أيضًا أن الله أمر بشق الفروج لتتحول النساء إلى مستعبدات جنسيات في قصور الكِبار قُراء الكتاب تحت لقب ملكات اليمين التى هي أحد أنواع الزواجات وقد طمس الفقهاء هويتها لتكون وكرًا لتمرير الملذات لمن يحتاجون للفحش بديارهم أن يكبر عبر ملهاة تتاجر في اللحم الأبيض..؟ والحقيقة أن المشهدين متلبسين مختلفين كل الاختلاف..!
ولو أراد الله سوقاً للنخاسة وسيفاً يطعن الأرض في الخاصرة.. وشعوبا يُخضعها لسلطانه - إما أن تؤمن به أو تَدفع له عن طريق ما سوقوه زورا حول مفهوم الجزية عندما عمموها على الشعوب المغلوبة لا طائفة ضيقه من المقاتلين المناوئين عندما يتم تعميم هذا الفهم باسم الدين فيقينا إن القدر الذي اختار محمدا قد أخطأ طريقه.. !
وكان أنسب نبي لهذه المهمة ولهؤلاء الفجار المجرمين غلاظ الأكباد هو الحجاج الثقفي لا محمد الهاشمي.. وحينها يكون إمام الناس السيف وليس العقل..!!
كيف جاز لرجل يسمع عن الله أن يركب سيارة محملة بالمتفجرات في ليل شبرا الخيمة أو الضاحية الجنوبية بلبنان أو بغداد أو باريس ثم يضعها على جانب الطريق ثم يركب دراجة نارية وينطلق دون أن يهمس له ضميره أنه ربما يمر بجوار سيارته الجهادية التى تركها وسط الطريق طفلاً صغيرًا أو شيخًا كبيرًا أو مريضًا عائدًا بيده دوائه أو أُما تبحث عن حاجه لولدها في بيت يفتقر إلى الراحة ... فتحصد السيارة الملغومة كل هؤلاء دفعة واحدة...؟
ليلتقي جميعهم أمام الله في حشد القيامة فهل تراهم يتجاورون في جنانه..؟
من أنبياء هؤلاء المجرمين حقا.. أهم محمد وموسى والمسيح أم الحجاج وبسر بن أرطاة ومسرف بن عقبه جزار المدينة..؟
والمصيبة التى تحيط بنا أن كل المجرمين المذكورين في تاريخنا لا يتعرضون لما يكفي من النقد والنقض بل في مذهب غلاه الحنابلة يترحمون على الحجاج ويترضون على مسلم بن عقبة ويبررون لحماقاته وجرائمه حينها فلا عيب أن يتناسل بيننا اليوم إجرامهم وسط صمت من رجال الأزهر وغواية ممن احتلوا مساجدنا فحولوها إلى ضرار ودمار..
أين ذهب دين الجليل محمدا وسط أمواج السلفية التى تبرر لمثل هذا العنف وهذا الرق وهذا السحق وهذه النخاسات..؟
أين الضمير الذي توارى فلم يخرج في مظاهرات عارمة تمتد بطول العالم الإسلامي وعرضه تندد بداعش وتعلن معها قطيعة تاريخيه ترفض رجالها ومذهبها وتفسيرها ورؤيتها وإجرامها الذي لا يمكن أن يكون على رأسه نبيا كمحمد عليه السلام ..؟
فنبي خنجرهم الكولومبي إنما هو الحجاج الثقفي الذي يأخذون من منهجه حد الارتواء الذي يشبع قطعانا في الدماء..؟!! فإلى متى يتكور المثقفون والدعاة على صمتهم؟
هل علينا أن نعلنها أنهم تخلوا عن محمد وآمنوا بالحجاج ومن معه؟
فالصمت فيما نعرفه متابعه ورضي.. والمؤتمرات التى تزعم أنها مناهضة للإرهاب والمقتصرة على عدد محدود تشبه على استحياء وثيقة براءة لا يودون أن يراها أحد خوفا من اتساع رقعتها وتمرير خطتها..!!
لماذا كل هذا الحياء من مواجهة داعش التى تبنت تفجيرات شبرا الخيمة وبيروت وبغداد وصنعاء ودمشق وباريس ومازال الطريق مفتوحًا.. إلا أن تكون مشتركة مع هؤلاء في جذر العقيدة ؟!!
وحينها نعلنها للجميع أن الإسلام الحق إنما نبيه محمد لا الحجاج وإمامه العقل لا سيف بسر ابن أرطاه الذي يعرف فعله رجال الأزهر فلا يظهر منهما حينها إلا عينين بياضهما أحمر.. لم يعد هناك مجال للصمت بعد كل الذى جرى ويجرى في عالمنا الإسلامي.. فميزوا صفوفكم يرحمكم الله حتى نعلم من أين نُؤتَى؟