الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

من فوق منصة جروزني .. هؤلاء هم أهل السنة والجماعة ..!!


تَحرُك جاء متأخرا جدا ... غير أنه يترنم بقوله أن تأتى متأخرا خير من ألا تأتى مطلقا ... وأن تمنع القتل السلفي المجاني في شوارع العالم المضطرب بعد كل هذه المحن خير من تركه يأتي على ما بقي في الأرض من حياة فينشر الخراب.

لقد بدأت التيارات السلفية فكرها التكفيري لكل من خالفها معتمدةعلى مبدأ إقصائي يزعم العصمة لتصورها المخترق من كل ناحية ... ومع ذلك فلا هي استطاعت إنشاء منظومة فكرية تحترم الحياة وتبدع في واقعها ... ولا تحتضن المختلف وتنتعش في تعايشها .. ولا تحترم الاستقرار فتنغمس ناحية الإنتاج والتطور وتكون دليلا على امتلاك ناصية الأمل النافعة للحياة ومستقبلها ..

بل إن هذا الفكر السلفي المبتدع قد أمعن في اختطاف الإسلام السنى والزعم بأنه هو الممثل لأهل السنة والجماعة في الأرض وراح خلف وهمه يرفع خنجرا كولومبيا ليهدم دمشق وبغداد وجاث بفساده خلال الديار حتى وصل إلى سحل أفريقيا السوداء والعبث في خط ممتد من سيدني بأستراليا إلى أوتاوا في كندا فلم يدخر نطاقا آمنا في الأرض إلا وغزاه بعنفه وضلاله .. وما دخل بين صفوف مجتمعه إلا وفرق شملها وطعن وحدتها وسود بالكراهية ناصيتها ..

ثم توغل هذا الفكر حتى مناه هواه إنشاء ما يسمى بخلافة على منهاج قطف الرؤوس وشي الخصوم .. وتداعى له دعاته في الأرض وممولوه ومدوا بلاد الشام بالمغرر بهم من الشباب المساكين وخلفهم خطب الجمع وحطب الفتن والصلوات تلهث بالدعاء على الأعداء والمجرمين وبالنصر لحملة الخناجر والسكاكين بعدما تفرق شمل الأمة وراء هذا الخطاب السلفي العنصري المذهبي الطائفي البغيض معتمدا النيل من الجميع عبر إلصاقهم بمسميات وألقاب لتنفير الجماهير وتعظيم مشاعر الخصومة ضد من أسماهم هذا الخطاب السلفي بالنصيرية والرافضة والصليبيين والزنادقة والمرتدين والمجرمين ... وبالطبع لم يستثن أحدا من سكان الأرض إلا نفسه وتيارات تؤازره بالخناجر والحناجر والدانات .. والشباب التائه الباحث عن الحور العين أو نكاح الجهاد في الأرض أو السماء ..

فاض الكيل .. وأصبح المشهد المدعوم بأجندات مخابراتية دولية وأموال النفط يمثل تهديدا جديا على صورة الإسلام وأصل الديانة بعدما قدمت المشاهد والصور المختبئة خلف الفهم والفكر والخطاب السلفي حججا كافيه لقوافل الخارجين من الإسلام بعيدا عن صياح يشتد بلعن اليهود والنصارى والرافضة والعلويين والملحدين والمرتدين وكل سكان الأرض تقريبا ..

حتى وصل التلاسن إلى واديهم ورأينا السلفية تقاتل بعضها في بلاد الشام وسالت الدماء وقطعت الرؤوس بالتساوي بين داعش السلفية وتنظيم النصرة السلفي حول تفسير آية أو الاختلاف على حظوظهم في تقسيم الغنيمة ..

وكان لابد من وقفة وإن تأخرت والبناء عليها وإن تنمرت من قبل المؤسسات المسئولة عن هذا الدين في العالم السني المختطف ..ليأتي الرد تاريخيا من قبل مؤسسات العلم الشرعي العريقة والتي تهيمن على أكثر من 95 % من المسلمين السنة في العالم ..

وبمؤتمر جروزني عاصمة الشيشان الذى حضره شيخ الأزهر ممثلا لأعرق مؤسسة علمية في العالم الإسلامي السني مع علماء القرويين وحضرموت والزيتونة والعراق وبلاد الشام ليتم إسقاط السلفية وفضحها على الملأ وطردها كفرقة مبتدعة لا تمثل منهج أهل السنة والجماعة وليعيد المؤتمر المذهب المختطف إلى أيدي أهله من جديد ...!!

فيسقط المؤتمر السلفية بتياراتها المختلفة من تعريفه لمن هم أهل السنة والجماعة بتقرير علمي في البيان الختامي المعبر عن مُمثلي الإسلام السني في العالم وشعوبه من خلفهم ليعلم الباحثون عن البينة ويهلك الضالون الذين جعلوا دينهم أحزابا وتيارات وخناجر وتكفيرا وفرقا نشرت الخراب في الأرض تحت عناوين دينية مضلله ..ليجيء السطر الحاسم في بيان المؤتمر موضحا بما لا يترك شائبه أن " أهلُ السُّنَّة والجَماعةِ هُم الأشاعرةُ والماتريديَّةُ في الاعتِقادِ، وأهلُ المذاهِبِ الأَربعةِ في الفِقهِ، وأهلُ التصوُّفِ الصافي عِلمًا وأخلاقًا وتزكيةً ".

وبذلك يذهب بعيدا معتقد السلفية الحشوية المجسمة المبتدعة التي قادت حروبا مذهبيه وفتنوية طوال تاريخنا الدامي .. وليسترد المصطلح وجاهته ويعود طائعا معبرا عن صفاء جماعته ليبدأ في ترتيب بيته مجددا بعد اخراج هذه السلالات التي غزت الإسلام بالمال وسرقته لتسوقه للضلال كلقمة سائغة...!!

ليكون هذا المؤتمر كما أشار البيان الختامي .. نُقطةُ تحوُّلٍ هامَّةٌ وضروريَّةٌ ؛ لتصويبِ الانحرافِ الحادِّ والخطيرِ الذي طالَ مَفهومَ "أهل السُّنَّة والجماعة" إثرَ محاولاتِ اختطافِ المتطرِّفين لهذا اللَّقبِ الشَّريفِ وقَصْرِه على أنفُسِهم وإخراجِ أهلِه منه ..".

وليركز البيان الختامي أيضا على المؤسسات العلمية التي لها قبول شرعي فيما غيرها تطفل وضلال وإن ادعى وزعم أنه حامي التوحيد وغير ذلك مما تعود عليه تزييفا وترديدا فليس له من الحق إلا ما لكل لص وسارق من نصيب ..

لينتهي البيان الأخير للمؤتمر إلى .. ضرورة رفْع مُستوَى التعاوُنِ بين المؤسَّساتِ العِلميَّةِ العَريقةِ كالأزهرِ الشَّريفِ ، والقرويين ، والزيتونة ، وحضرموت ، ومراكز العِلم والبحثِ فيما بينها ...".

فهل هذه هي البداية الطبيعية لتأسيس فكر يمثل الإسلام الوسطي الذي يقبل الآخر ويتعايش مع المختلف ويبشر بالهداية في كوكب محتقن بالدانات السلفية والحناجر التكفيرية ... ؟.

وهل من الممكن أن يكون مؤتمر جروزني بمنصته التي استبعدت السلفية التكفيرية مقدمة للتقارب المذهبي بعدما استأصلوا من بينهم دودة الفتن التاريخية وبلا رجعة حتى يعود للعالم الإسلامي تألقه الحضاري الذى يجمع ولا يفرق .. يفكر ولا يكفر ... يرفع راية سلام بديلا لراية التفجير والضلال ... ؟.

نأمل أن يتبع ذلك عمل يترجم البيان النهائي إلى وقائع تستر واقعنا الذي فضحه الإرهاب الذى خطف الإسلام وسحل في الميادين جثته.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط

-