قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

تتريك سوريا

×

وأخيرا تحقق الحلم التركي القديم - الجديد، باحتلال بعض المناطق السورية، ودخول دبابات وجنود الجيش إلى أكثر من منطقة والبدء بحملة منظمة لنزع تاريخ المناطق المحتلة وتحويلها الى مناطق تركية، حتى بالاسم.

فبعد خمس سنوات على بدء تنفيذ المشروع - الحلم، نجح الأتراك الجدد بالعودة فعليا الى سوريا، فخلال السنوات الخمس الماضية لم تترك انقرة فصيلا مسلحا إلا واستمالته وسلحته ومولته، للسيطرة على المناطق الشاسعة من حلب وصولا إلى مناطق الشمال السوري المتاخمة لحدودها، علما أن هذه الفصائل تلونت وتبدلت أزيائها أكثر من مرة وتجمعت تحت مسميات عديدة، إلى أن سقط القناع نهائيا عن وجهها وعن الدور الأساسي لعبته والهدف من إنشائها.

تركيا استغلت مطالبة السوريين بالحياة الكريمة والحرية والعدالة الاجتماعية، فتسللت وحولت المناطق الغاضبة إلى بؤر إرهابية صرفة، فدعمت تنظيم القاعدة بالطامل إلى حين إطلاق جبهة النصرة، وبعدها دعمت انظلاق داعش، وذات الأمر بالنسبة إلى عشرات الفصائل الأخرى، إلى أن أتى الوقت المناسب فتم تجميع أوراق اللعب الكثيرة هذه، لتدخل بمعية الدبابات التركية إلى مدن وبلدات وقرى الشمال السوري، بحجة محاربة داعش، علما أن طلقة رصاص واحدة لم تطلق ضد هذا التنظيم، حيث أثبتت التقارير الميدانية انتقال عناصر داعش إلى مناطق أخرى، والتحاق مجموعات أخرى بالفصائل الموجودة على الأرض.

الأمر يتم تحت ستارة محاربة الإرهاب ومد سيطرة الفصائل المعتدلة، لكن الحقيقة غير ذلك، فالهدف الأساسي هو العودة التركية إلى سوريا أولا، ووقف مد سيطرة المقاتلين الأكراد على الأرض ومنعهم من وصل المناطق التي يسيطرون علهيا ببعضها، فهذه المناطق متاخمة للحدود التركية وبالتالي فإنها تمثل صداعا كبيرا للإدارة العثمانية الجديدة.

والمؤسف في الأمر تهليل معظم من يدعون أنهم ثوارا بهذا التدخل التركي، بل ودعمه عسكريا وإعلاميا، حتى بدا بعضهم بتنفيذ الأوامر الآتية من الداخل التركي بتغيير أسماء بعض المناطق السورية واستبدالها بتسميات تركية، فتحولت مدينة جرابلس إلى "قرقميش" ومدينة الراعي إلى "جوبان باي" واصبحت قرية جب الدم "قنقوي"، وبدأت عملية التطهير العرقي - الايديولوجي - الاجتماعي، من خلال نشر الأسماء التركية ونقل مجموعات كبيرة من ابناء القومية التركمانية إلى مناطق الاحتلال هذه وإحلالهم في منازل ابناء القومية العربية الذين غادروها بسبب الدخول التركي خصوصا عوائل مقاتلي تنظيم السلطان مراد التابع لتركيا.

وبالنظر إلى المعطيات الجديدة في الوضع السوري، والسكوت شبه التام من قبل طمشق على ما يجري على الحدود مع تركيا، يبدو أن ثمة صفقة ما تم الاتفاق عليها حيث، توحدت المصالح، فكلا النظامين يرى في القوات الكردية عدوا له، وبالتالي فإن مناطق من الشمال التي كانت تتواصل كليا(جاريا واجتماعيا) مع الجانب التركي قبل الحرب ستكون تحت المظلة التركية كجائزة ترضية عن وقف المعارك في حلب ومحيطها حيث بدأت القوات السورية النظامية بالفعل التحرك إلى الجانب الآخر مع وقف شبه تام للمعارك وانسحاب شبه كامل للفصائل المتاسلمة المعارضة.

فعلها أردوغان، وفعلها معه سوريون باعوا وطنهم منذ الطلقات الأولى التي أطلقت مع بداية الحرب، ومنذ الرزم الخضراء الاولى التي باعوا وطنيتهم مقابلها، وسيكون لهذه الأعمال إثر كبير وطويل الأمد في التاريخ السوري، وستظل منطقة الشمال السوري مشتعلة ملتهبة، بسبب نشر الكراهية بين العرب والأكراد حتى وصل الأمر إلى حد عدم قبول الآخر في الكثير من المناطق، بسبب الأكاذيب والفبركات التي تنشرها الآلة الإعلامية التركية عن تجاوزات وحالات تطهير عرقي تقوم بها القوات الكردية في مناطق كثيرة والتي تبين أنها ليست إلا افتراءات بشهادة العديد من المراسلين المحليين والعرب والأجانب.

ترافقت هذه الأحداث مع مواجهات تركية - كردية، وفي اكثر من موقع ومكان، هذه المواجهات كانت مسلحة من الجانب التركي فقط الذي واجه المواطنين العزل في كوباني لدى محاولته التقدم لعشرات الأمتار لإقامة منطقة عازلة وجدار عازل داخل الأراضي السورية، وسقط خلال المواجهات هذه عدد كبير من الشهداء والجرحى، ويبدو أن الأمر سينتقل إلى أكثر من مناطق تماس بين الأكراد السوريين والقوات التركية الغازية بالقرب من الحدود بين البلدين.

أعان الله سوريا وأهلها من أكراد وعرب وباقي القوميات ولعن الله من باع وطنه للاحتلال التركي - العثماني وسيظل اسمه محفورا في كتاب لعنات التاريخ الى يوم القيامة.