قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

الإصلاح المؤسسي قبل الاقتصادي يا سادة


تناولنا خلال الأسبوعين الماضيين خطوات مصر للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي، لتمويل برنامج الإصلاح الاقتصادي، بالإضافة إلى خطوات للحصول على قروض إضافية من جهات تمويلية أخرى، تستهدف اكتمال تمويل برنامج الإصلاح الاقتصادي بصورة كلية.

كما تناولنا مبادئ الإصلاح الاقتصادي، واشتراطات منح القروض التي يضعها صندوق النقد الدولي للدول التي تلجأ إليه متعهدة بتنفيذ برامج الإصلاح الاقتصادي، وذلك وفقًا لإجماع واشنطن، الذي تم الإشارة إليه في مقال الأسبوع الماضي.

ومقال هذا الأسبوع خصصته لأهم نقد وجه إلى المبادئ العشر التي حددها إجماع واشنطن، فقد رأيت أنه يجب أن يتم إلقاء الضوء على هذا النقد الذي لا يمكن تجاهله، وذلك حتى لا يتحول القرض إلى هم بالليل ومذلة بالنهار.

فقد جاء النقد للسياسات المنبثقة عن إجماع واشنطن من داخل البنك الدولي نفسه، على يد جوزيف استجلتز Stiglitz Joseph، فقد تحدث عن عجز توصيات السياسات الليبرالية الإصلاحية الجديدة، وسجل انتقادات حادة من أهمها أن هذه السياسات كانت محدودة المدى أو ضيقة الأفق.

ورأى أن تلك السياسيات الإصلاحية التي تبناها إجماع واشنطن بها خلط ما بين الأهداف والوسائل، فقد اعتبرت الخصخصة وتحرير التجارة وتقليص دور الدولة أهدافًا في حد ذاتها وليست وسائل لنمو مطرد وعادل وديمقراطي، كما رأى أن تلك السياسات الإصلاحية قد تعاملت مع التنمية من منظور ضيق للغاية حال دون العناية بالجوانب الهيكلية والمؤسسية التي هي أساس التقدم والتنمية الاقتصادية.

ويعتقد استجلتز أن السياسات الإصلاحية التي تضمنها إجماع واشنطن قد عجزت عن فهم دقائق عمل اقتصاد السوق، فلم تدرك أن "التحرير" لا يكفي وحده لجعل اقتصاد السوق يعمل بنجاح، فتحرير الاقتصاد –كما يراه استجلتز– يحتاج إلى بنية تحتية ومؤسسية مساندة، والتي بدونها يمكن أن تؤدي تلك الإصلاحات إلى نتائج سلبية على المواطنين، حيث ستضعهم تلك السياسات الإصلاحية تحت غلاة الرأسماليين وأقطاب القطاع الخاص وجشع التجار.

كما يرى منتقدي إجماع واشنطن أن فكرته الأساسية التي طرحها وليامسون قد أخذت منعطفا سياسيًا ليبراليًا من قبل بعض المؤسسات الدولية، وذلك لتطبيق أجندتها العالمية للسيطرة على الموارد الطبيعية والميزة التنافسية لتلك الدول، من خلال الدعوة العلنية لتطبيق تلك السياسات الإصلاحية، ومن أهمها ممارسة الضغوط الأقتصادية لتحرير العملة المحلية، وتحرير التجارة، وإلغاء القيود على الواردات وخفض الإنفاق الحكومي على الأنشطة الاقتصادية بصفة عامة والخدمية بصفة خاصة.

والتجارب الدولية في تطبيق سياسات الإصلاح الاقتصادي دون وجود إطار مؤسسي، يضمن تنظيم التوجه نحو تحقيق تلك السياسات الإصلاحية، أثبتت حدوث مشاكل مالية جسيمة، والتي ظهر صداها في عدد من الدول الأوروبية والآسيوية في بداية التسعينيات.

لذا أستطيع أن أعلنها صراحةً أنني من أنصار جوزيف استجلتز، فبرامج الإصلاح الاقتصادي تحتاج إلى بنية مؤسسية قوية، وبدون وجود تلك المؤسسات القوية ستؤدي تلك الإصلاحات إلى نتائج سلبية على المواطنين، وأبسط تلك النتائج التي أوضحها استجلتز هو ارتفاع الأسعار المتمثل في سيطرة الرأسماليين وأقطاب القطاع الخاص، ويمكن أن نقول جشع التجار.

وإذا ما تحدثنا عن مصر، أرى أن مؤسساتنا وفقًا للتصنيفات والتقارير المحلية منها والدولية لم تصل إلى الدرجة المنشودة من التنافسية أو الكمال، وهي المؤسسات التي ستتولى تطبيق تلك البرامج والتي من المفترض أنها إصلاحية، كما إننا وباعتراف أجهزتنا السيادية هناك نسب كبيرة من الفساد المؤسسي.

إذن ماذا سنتوقع في حالة استمرار الوضع المؤسسي على ما هو عليه؟ نتوقع أن نتجه بكل تأكيد إلى ما هو أسوأ.

فما نحتاجه كي يؤتي القرض ثماره أن تسير عجلة الإصلاح المؤسسي بسرعة تفوق برنامج الإصلاح الاقتصادي ذات نفسه، وذلك كي يؤتي القرض التمويلي ثماره.

فالإصلاح طريق لا يختلف عليه اثنان، وأول خطوات الإصلاح هو الإصلاح المؤسسي ومحاربة الفساد بكافة صوره وأشكاله، وسأشجع هذا القرض في حالة تأهل مؤسساتنا لإدارته، وخلاف ذلك سيكون عبء، يقودنا إلى مذلة النهار وهم الليل.

اللهم أني قد بلغت اللهم فاشهد.
[email protected]