سخر كثيرون من لاعب منتخب مصر، ونادي الزمالك، باسم مرسي، بعد لقاء مباراة غينيا الودية التي أقيمت مساء الأول الثلاثاء، وانتهت بالتعادل الإيجابي 1 - 1، وذلك بعد ظهور باسم مرسي في المبارة واضعا "توكة" في شعره.
وقارن كثيرون من رواد مواقع التواصل الاجتماعي بين "باسم"، من ناحية، ولاعب منتخب مصر ونادي الأهلي السابق محمد أبو تريكة، الذي ارتدى لاعب الزمالك رقم فانلته "22" في المنتخب، من ناحية أخرى.
وقال هؤلاء إن "أبو تريكة" كان رجلا في الملعب، عكس "أبو توكة" الذي يتشبه بالبنات، وهو ما يفسر البطولات الكثيرة التي حصل عليها الأول مقارنة بالثاني.
والحقيقة أن هذه النظرة غير صحيحة، لأنها تهتم بـ"الشكل" وليس "المضمون"، أسوة بكل أمور حياتنا، حتى أن هؤلاء لم يحللوا أداء اللاعب، ليروا إن كان جيدا أم لا، ورجوليا أم أنثويا، واكتفوا بهذه النظرة "الشكلية" التي لا تقدّم، ولكنها بكل تأكيد تؤخّر.
ولو استعاد هؤلاء المنتقدون أحداث مباراة الأهلي والزمالك الأخيرة، والتي فاز فيها "الفريق الأبيض" ببطولة كأس مصر، اعتمادا على "رجولة" باسم مرسي في المباراة، لتريثوا بعض الشيء قبل اتهام مهاجم منتخب مصر بعدم "الرجولة".
ولو تذكرنا لقاء منتخب مصر مع منتخب الكاميرون، في نهائي كأس الأمم الأفريقية، في عام 2008، في غانا، في الصراع الشهير على الكرة بين محمد زيدان، ولاعب الكاميرون سونغ، وهو الصراع الذي كان يصب على مستوى الشكل لصالح اللاعب الأفريقي سونغ، عكس ما حدث، ولكن "زيدان" الوسيم وصاحب "التاتو" استخلص الكرة ليهديها إلى "أبو تريكة" لإحراز هدف البطولة.
المشكلة أن هذه الأزمة "الشكلية" توضح طريقة تفكيرنا في كل شيء، وهو تفكير يعتمد دائما على "الشكل" لا "الجوهر"، وعلى القشور الخارجية وليست المضمون.
ونظرة واحدة إلى مجتمعنا المصري تكفي للدلالة على هذه الأزمة، فها نحن نعيش في مجتمع متدين على مستوى الشكل، يربي فيه الرجال لحاهم، وترتدي فيه النساء حجابهم، دون أن يكون هناك أي دلائل على هذا التدين في الشارع، ابتداء من زيادة حالات التحرش، وانتهاء بزيادة حالات الرشاوي، مرورا بكل الموبقات التي تتواجد في الشارع المصري والعربي.
ومن خلال نظرة مغايرة على المجتمع الأوروبي نجد العكس، نجد مجتمعا لا يهتم بالشكل إطلاقا، الجميع حر فيما يفعل، شرط عدم الاعتداء على حرية الآخرين، ولكنهم على المستوى العملي، وعلى مستوى المضمون لا يتهاونون، ومن هنا سر وجودهم في العالم الأول، وسر وجودنا في العالم الثالث، الذي لا أعتقد أننا سنغادره إلا بعد أن ننسى "الشكل" ونركز مع "المضمون".
عزيزي باسم مرسي.. وعزيزي المصري..
ليس مهما شكلك، والأهم أداءك، سواء كنت بـ"توكة" أو أبو تريكة!