نادية مراد.. صوت معاناة العراق ...!

زيّ أسود محتشم تطل به العراق على مجلس الأمن بعدما حملت نادية مراد خريطة الآلام إلى هناك ...
أخذت مقعدها في المجلس الدائري الذي يجتمع فيه كبار العالم لتقرير أمنه والنظر فيما يحيط به من مخاطر تهدد السلم الدولي ..
ولربما كانت هذه من المرات النادرة التي يحتاج فيها المجلس الدولي لورقات ناعمة يكفكف بها دموعه السائلة بعدما أذاعت نادية مراد معاناة الخرائط وتوحش الإرهاب على صوت مذياع يبث آيات من القرآن حين تم اغتصابها بموجب ما تفرضه سطور الفكر السلفي الغازي لأوطان كانت آمنة والهادم لمدن كانت مشيدة والذي يلعن في أجواء العراق قيم التعايش ويحطم جدران الحضارة ..!!
ففي العراق السومرية التي أهدت عالمنا فن الكتابة ... وفي سوريا معلولا التي أهدت الحياة تراتيل الانبياء ولا زالت تحتفظ بالسريانية التي تحكي مسيرة الأشياء ...
في هذا الزخم ... هجم وحوش الصحراء ومعهم كتب الفقه والفتاوي التي تحكم بالردة على كل من خالفهم من أهل ديانتهم وتحكم بالسبي على كل من اعتقد دينا آخر غير دينهم ..
فبحكم سطور الفقه هذه التي تعلموها في صحراء فقدت وعيها وفي كتب لم تكن صالحة يوما لأن تقدم للحياة نظامها قتلوا الشيعة والصوفية والأشاعرة والزيدية والإباضية وكل فرق المسلمين تحت عنوان الردة ..!!
وفيما تم اصطفاء الجواري من النصرانيات الحسان ومن الإيزيديات الجميلات ... كانت من بينهن نادية مراد فيما ذهبت الباقيات إلى أسواق النخاسة ..!!
إنها الفتاة التي وقفت الكلمات بفمها في مجلس الأمن فلم تستطع أن تكمل محنتها ومحنة أمتها ووطنها التعيس في عالم تخلى عنه بعدما أصبح قادرا على قبول الرشاوي النفطية في سبيل غض النظر عما يلحق بالإنسانية من تشويه ومحق سالت دموع نادية مراد في الرواق الدولي ..
ليكمل سطورها أصحاب الضمائر فيشاركون أوجاعها في رواق مجلس الأمن بدموعهم وهي تنقل للعالم دموع العراق الذي تخلى عنه كل أصحاب القيم وتركوه فريسة بين توحش إرهابي يغزوه من خارج الحدود ولعنات سياسيه يمارسها بلا قيود كل الساسة الطامحين للمزيد من المال المغموس بالدم ومزيد من النفوذ المختلط بالأشلاء...
فأي وجع أوجعت به القلوب يا عراق ...؟!!
تدين الفتاة الإيزيدية المغتصبة صمت عالمها عن توحش رجال السلفية الدواعش عندما اقتحموا بلدتها ... وكل بلد صامت اليوم أو متآمر سيكون مشروعا جاهزا للاقتحام وعلى الجميع فقط الانتظار ليرى حقيقة ما تقرره هذه السطور إذا بقي القانون الدولي خجولا بفعل الرشاوي صامتة حوله الدول الكبرى بفعل المنافع متخاذلة عن القيام بدورها لنزع الإرهاب من جذوره بدلا من الإرهاق في ضرب فروعه ..!!
وقفت نادية مراد طه بنت الـ 21 عاما في مجلس الأمن لتقول للعالم:
" تم استعبادي وبيعي وتأجيري لعشرات المرات في الموصل وتلعفر والحمدانية لمدة ثلاثة أشهر ، فصلت عن أمي وأخواتي ، ولم أر أمي إلى هذه اللحظة".
وتحدثت نادية كيف تحولت النسوة الإيزيديات إلى بضاعة تباع وتشترى ، وكيف يغتصبهن عناصر التنظيم السلفي لتدميرهن وضمان ألا يعشن حياة طبيعية مرة أخرى.
وسردت الشابة الإيزيدية التي نجحت في الفرار بعد ثلاثة أشهر من المعاناة ، كيف أرغمها رجل على ارتداء ملابس غير محتشمة ووضع مساحيق التجميل ثم اغتصبها ، مضيفة أن مشاهد إجهاض النساء واغتصاب القاصرات وفصل الأطفال الرضع عن أمهاتهم ، لم تمح من مخيلتها....!!
كما روت على مرأى ومسمع الحاضرين بمجلس الأمن الدولي كيف جردها سجانها من ملابسها قبل أن يقدمها إلى مجموعة من عناصر التنظيم الذين تناوبوا على اغتصابها حتى فقدت الوعي ....!!
وصرحت نادية مراد طه بأن "داعش" نفذت إبادة جماعية بقريتها التي قتل فيها أكثر من 700 رجل في ساعة واحدة ، ومن بينهم إخوتها الستة ..... !!
إنها صور مروعة تعيد للأذهان زمن كانت فيه للنخاسة أسواقا في دمشق والقاهرة وبغداد ... ويتم بيع الناس كالسلع كما يحكي شيخ السلفية المعاصر أبو اسحاق الحويني ولا يرى بأسا من بيع الابن لتاجر في أصفهان وبيع الأم لآخر من وهران ثم يزعمون أن هذا القهر دين جهزوا له نمطا من الفقه كي ينظمه ...؟!!
يقينا لم ترتكب أمة من الإجرام في حق دينها بقدر ما ارتكب هؤلاء المشايخ الذين ينادون بشرعية الرق إلى اليوم دون النظر إلى أن الشريعة كلها جاءت تحت راية رحمة للعالمين ... فحولوها إلى متع وتكسب بالغلمان والحريم... ألا ساء ما يفعلون ... لقد أرهقوا الحق وأساءوا إلى الحقيقة ... ولم يتطهروا بعد بدموع الضحايا أو تحن عقولهم لانكسار السبايا ..
لا يمكن أن يكون دينا ذلك التاريخ الذى تعيد داعش مآثره ... ولا يمكن أن يكون شريفا ذلك الواقع الذي تحاول داعش أن ترسمه ..
ولا يمكن أن يكون مقدسا تلك الصور التي يحاول المشايخ أن يزينوها في مخالفة صريحة لعنوان الكتاب الذي جاء رحمة للعالمين ...ليصبح ضروريا الآن فك الارتباط بين ما بين القرآن والتفسير بين كتاب الله وكتاب الفتاوي .... ويكفي ما وقع من إساءة..!