قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

استعادة الأمن المجتمعي مع الأطفال المخطوفين


لا يمكن القبول بمزاعم حول عودة الأمن إلى المجتمع المصري بحصار منظومة الإرهاب المسلح وقواه وحدها، بينما قضايا لا تقل خطرًا على فئاته كافة تتزايد وتتعقد بدرجات كبيرة داخله، من أهمها اختطاف واختفاء الأطفال والتعامل الرسمي معها بأساليب لا تتناسب مع طبيعتها.

فى سبتمبر الماضي، أصدرت المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة، تقريرًا حول انتهاكات حقوق الطفل، في سبتمبر الماضي، كشفت فيه عن حدوث انتهاكات بحق 339 طفلا، تراوحت ما بين قتل واختطاف واغتصاب وغرق، وركزت بشكل كبير فيه على قضية اختفاء الأطفال واستخدامهم فى عمليات التسول أو التهريب للخارج أو الإتجار بالأعضاء البشرية، أو طلبًا لفدية من ذويهم، وتزايد تلك العمليات بعد يناير 2011 فى ظل تردي الأوضاع الأمنية بمصر.

وتصل نسبة حالات الاختطاف بين الأطفال المقدرة أعدادهم بـ400 طفل خلال ثلاث سنوات رصدتها المؤسسة، إلى 70 % داخل الريف مقابل 30 % بالحضر، ويرجع خبراء السبب فى ارتفاع النسبة بالريف إلى تدني مستوى المعيشة والأمن والثأر وتأخر إنجاب أطفال لدى سيدات احترفن الاختطاف، بينما البحث عن فدية وراء شيوع حالات بالمدن.

وتتعدد أسباب اختطاف الأطفال وانتشار جرائمها مقابل جهود فردية متناثرة لمواجهة الكارثة بعد وقوعها، فمنظومة الأمن بكافة المنشآت العامة والخاصة والتجارية حتى الشوارع تفتقد لأبسط وسائل المراقبة الالكترونية غير المكلفة، والتى يمكن أن تسهم فى ضبط حالات كثيرة ساعة وقوعها.

فى المقابل، يتعامل ضباط أمن مع بلاغات الاختطاف بطريقة روتينية لا تزيد عن السماح لأهل الطفل أو الفتاة بتحرير محضر إداري بـ"الاختفاء" وليس "الاختطاف" بعد 24 ساعة كاملة على الأقل، ربما كان الجناة خلالها فى محيط منطقة الجريمة دون ملاحقة أحد لهم.

سريعًا تتغير ملامح أطفال مختطفين فى سن الثالثة على الأكثر، وتتبدل وجوههم مع استخدامهم فى عمليات التسول المقننة والمقنعة والتى ربما تتخذ أشكالًا من المهن غير المنتجة كبيع المناديل والزهور ومسح السيارات، بينما تستهدف نساءُ من الظهور بهم أمام المانحين للمال استعطافهم، وهى مسألة تأخذ مؤخرًا فى التراجع بفعل تأثير محدود لدعوات تطالب بالامتناع عن منح المال لأطفال برفقة متسولين والإصرار على تصوير وجوههم ومشاركة مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي بها.

قبل أسابيع فوجئت بمحام صديق يطلعني على خطاب مؤسسته لرئاسة الوزراء بحث وزارة التضامن على فتح مقار استضافة ورعاية الأطفال أمام مجموعات أطفال الشوارع المتزايدة، و رد الوزارة بالتأكيد على عدم إشغال 60 % منها وخلوها من الفئة المستهدفة بالرعاية، ما يعني تعقد الأزمة باستبعاد محاولات تعاون بين مؤسسات العمل الأهلي والحكومة للسيطرة على قنابل موقوتة بشوارع مصر.

وتخدم كوارث التفكك الأسري والطلاق والتسرب من التعليم للصغار أزمة تزايد فرص اختطاف الأطفال أو الإتجار بهم مع إجبارهم على التواجد بسوق العمل العشوائي وغير المنتج مبكرًا، لكن لا جذور لمشكلة تذهب إليها أيادي متعاونة من كافة الجهات لاجتثاثها، أو هكذا تبدو إدارة العمل على قضايا اجتماعية وأمنية فى مصر، بما يؤكد غياب اعتماد وتنفيذ سياسات لوقاية الأطفال المعرضين للخطر، رغم تزايد البرامج والمنح المخصصة للحكومة والمجتمع الأهلي فى هذا الخصوص.

قضايا متعددة كاختطاف الأطفال والإتجار بهم، والتعليم والصحة والعمل، لابد من إعادة تعريفها كقضايا أمن قومي تحتاج إلى خطط ومناهج جديدة للتعامل معها، وتضافر جهود أهلية حكومية لمواجهة آثارها وتداعياتها، من الممكن أن تعيد الدولة النظر معها فى تصوراتها لمستقبل الأمن المجتمعي فى بيئة لا سياسة فيها يشهد بجمودها الجميع.