"نساء يحرقن النقاب ، رجال يحلقون لحاهم ، عجائز يدخنون بشراهة" ثلاث مشاهد تناقلتها وسائل الإعلام العالمية بعد إعلان قوات سوريا الديمقراطية تحرير مدينة منبج من عناصر تنظيم داعش.
لم تكن هذه المشاهد رفضا للإسلام كدين بقدر ما كانت ثورة وصرخة غضب ضد التطرف الذى أجبر سكان المدينة على الإلتزام بمظاهر إسلامية ممثلة فى الحجاب واللحية تحت تهديد سلاح أعمي جاهز لينهي حياة من يفكر فى رفض الأوامر الداعشية التي لا يعرفها الإسلام.
نستخلص من تحرير منبج أنك لن تستطيع أن تجبر أحدا على الإلتزام أو التدين ، ولن تنال احترامك بقوة السلاح وستكون بأفعالك أكبر منفر للبشر من الدين الإسلامي الذي لا يعترف بهمجيتك وإرهابك ، الإسلام برىء من كل عمليات القهر والظلم باسم تطبيق الشريعة ولا يجوز شرعا دعوة الناس للإسلام تحت تهديد السلاح فالإيمان بالله حرية مطلقة منحها الله لعباده " فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر".
لنتخيل معا أن داعش تعاملت مع اهالي منبج أو كوباني أو غيرها من المدن السورية بما يتفق مع روح الإسلام ومبادئه السمحة هل كان أهالي المدن سيسمحون لأى قوات بدخول أرضهم ، أعتقد أن أهالي منبج وغيرها لو وجدوا من داعش خيرا لدافعوا عنهم بأرواحهم.
لا يمكن النظر لنجاح قوات سوريا الديمقراطية في تحرير مدينة منبج السورية من إرهاب تنظيم داعش على أنه حدث عادى؛ فالفرحة التي ظهرت في الصور التي تناقلتها وكالات الانباء العالمية لأهالي المدينة تكشف حجم القهر والذل الذي عاشوه لأكثر من عامين على يد عصابات البغدادي المنتسبة زورًا للإسلام الحنيف.
لقد اثبتت قوات سوريا الديمقراطية بما تمثله من تجمع يشمل معظم المكونات السورية قدرة رجال سوريا الوطنيين غير الطائفيين أو المتأدلجين على تحرير بلادهم وتطهيرها من الارهاب وهو ما يجعل من هذه القوات النواة الحقيقية للجيش الوطني السوري الجديد بعد رحيل النظام المجرم بقيادة بشار بن حافظ.
نظرة عامة على تطورات الأوضاع بالمنطقة سنكتشف أن القوات الكردية هي الوحيدة التي حققت انتصارات ملموسة على تنظيم داعش وعلى الرغم من الإنتقادات التي تصاحب هذه الإنتصارات إلا أنها لا يمكن قياسها بما يشاع عن ممارسات قوات الحشد الشعبي ضد أهل السنة بالعراق والتي ساهمت ممارساته وسياسات الحكومة الطائفية ببغداد في توفير بيئة حاضنة للتنظيمات الجهادية وسط المدن السنية العراقية.
ختاما مهما كانت الإنتقادات التي توجه لقوات سوريا الديمقراطية فهي بلا شك أخف وطاة من عناصر داعش ، كما انه لا يمكن الحديث عن انتماء قوات سوريا الديمقراطية للعرق الكردي فى ظل انتماء 40% من عناصرها للمكون العربي فضلا عن العناصر السريانية.
اعتقد أنه أن الأوان للأمة العربية أن تتجاوز خلافاتها وتتناسي فرق القوميات والأعراق وتنطلق تحت راية السلام والمحبة وقبول الآخر بعيدًا عن كل محاولات التفرقة العنصرية والطائفية والقومية البغيضة التي نالت من وطننا العربي لعقود جعلت منه مريض متهالك القوى وإن شئت فقل ميت ينتظر تشييع جثمانه.