القيمة المضافة والمشروعات الصغيرة.. الحاجة وعكسها

بادئ ذي بدء، أود التنويه أنني خلال هذا المقال سأتنحى جانبًا عن التحدث بصفتي الاقتصادية بعض الشيء، نظرًا لأنني سأتحدث معظم الوقت بلسان حال أبسط المواطنين المصريين الذي لا يهمه النظريات الاقتصادية أو القوانين الضريبية، فما يهمه هو لقمة العيش.
فإذا ما تطرقنا إلى الرغبة في تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، فعلينا أن نكون على دراية كافية بالظروف الاجتماعية والاقتصادية لمن يمتلكون تلك المشروعات، أو يعملون في إطارها.
حيث تشير الإحصاءات الاقتصادية إلى أن حوالي 90% من المشروعات الصغيرة والمتوسطة، تعمل دون ترخيص، أي أنها تنتمي إلى الاقتصاد غير الرسمي، أي يعملون دون رقابة حكومية، وهم راضون بهذا الوضع تمامًا، ولا يسعون إلى تغييره، لماذا؟، لأنهم لا يدفعون ضرائب.
فبعيدًا عن كون الضرائب حق للدولة وأنا أتفق تمامًا مع هذا، إلا أنهم ارتضوا بذلك الأمر، وفضلوا عملهم في الظلام، حتى لا يقعوا تحت طائلة الاستحقاقات الضريبية، والسبب يعود إلى أنهم لا يشعرون بأي عوائد إيجابية في حالة التزامهم بسداد المستحقات الضريبية، وشعورهم بأنها ليست إلا التزاما وعبئا ماديا يقع على عاتقهم.
إذن فالسبب المباشر لتزايد نسبة المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تعمل في إطار الاقتصاد غير الرسمي، معروف وبوضوح، ألا وهو الضرائب، وهو سبب لا يخفى على خبراء الاقتصاد أو الضرائب أنفسهم.
في ذات الوقت تسعى الحكومة إلى تشجيع وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وهي خطوات صائبة، كما أعلنت عن خطوات لإيجاد كيان يضم تحت مظلته جميع المؤسسات التي تخدم تلك المشروعات، ليكون بمثابة الأب الشرعي للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، المتفرق دمها بين القبائل.
كما تعلن الحكومة المصرية بصورة متكررة عن أهمية ضم المشروعات العاملة في إطار القطاع غير الرسمي، أي تشجيع المشروعات بجميع أحجامها على إصدار التراخيص الرسمية وذلك للاعتراف الحكومي بوجودها، ومن ثم حصر النشاط الاقتصادي في مصر، ومعرفة حجمه الحقيقي من جهة، والتزاماته من جهة أخرى.
إلا أن العقل يقول، إنك عندما تسعى إلى ترغيب أحد الأشخاص في شيء ما، فعليك أن تسرد مميزات هذا الشيء أولًا، وأن تتجنب الحديث عما يثير مخاوفه ثانيًا.
الغريب في الأمر، أنه أثناء التوجه الحكومي والجهود المبذولة في سبيل إصلاح الإطار المؤسسي المنظم للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، والسعي نحو اجتذاب المشروعات العاملة في الاقتصاد غير الرسمي من جانب.
ومن جانب آخر، الارتفاع الجنوني في الأسعار، والمرتبط بانخفاض قيمة الجنيه المصري مقابل ارتفاع الدولار، وهو ما ينعكس على غلاء المعيشة لجميع المواطنين، والتي قد لا يشعر بها الصفوة، نجد من يخرج علينا ليتحدث عن مشروع لقانون الضرائب على القيمة المضافة.
وبالطبع عندما تترك المجال لأي فرد ينتمي إلى الإطار المؤسسي المنظم للضرائب، كي يتحدث عن أهمية الضرائب، ودورها في تنمية المجتمع، وكيفية التفنن في فرض أنواع جديدة من الضرائب، سيدافع وباستماتة عن فوائد الضرائب، والتي لا أختلف معه فيها، فلا أنكر أهميتها في بناء وتنمية الدولة، ولا أنكر أهمية قانون الضرائب على القيمة المضافة نفسه.
إلا أنني أميل إلى شيئين، أولهما هو إصلاح وتنقية الإطار التشريعي المنظم للضرائب برمتها، أو إيجاد نظام ضريبي عادل، وليكن الضرائب التصاعدية، وذلك بدلًا من طرح قوانين ضريبية جديدة.
أما الأمر الثاني الذي أؤكد عليه، ألا وهو انتقاء عنصر الوقت، انتقاء الوقت المناسب لكلٍ من الحكومة وأفراد الشعب، وذلك لطرح هذا الأمر على الرأي العام، فمن غير المقبول أن تسعى الحكومة إلى أمرين وكلٍ منهما مضاد للآخر، فالمحصلة ستكون "صفر".
فمن غير المقبول أن أسعى لتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وأسعى جاهدًا لاجتذاب العاملين في إطار الاقتصاد غير الرسمي، وفي ذات الوقت أعلن عن مشروعات لقوانين ضريبية جديدة يناقشها مجلس النواب.
فقط بعض التنسيق في الخطوات وتحديدًا للأهداف، كي لا تكون المحصلة "صفر"، وإذ ربما ما دون الصفر.
قنا
الطلاب الوافدين
التعليم العالي
التنسيق
الخارجية
الحج
الري
الكيف
العيد
الصناعة
الرقابة
القمة
الكومي
مجلس النواب
دولار