الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

وداعا زويل !!!


ودعت مصر، في جنازة عسكرية مهيبة تقدمها الرئيس عبد الفتاح السيسى، الراحل الدكتور أحمد زويل العالم المصري الجليل، حيث وضع الجثمان على عربة مدفع تجرها الخيول، وتقدمها جنود يحملون أكاليل الزهور والأوسمة التي نالها زويل على مدى حياته.

وبدأت عمليات نقل الجثمان من مسجد المشير طنطاوي بعد أداء صلاة الجنازة والجنازة العسكرية، متجهًا إلى مدينة زويل بمدينة السادس من أكتوبر، لإقامة جنازة شعبية في مدينته العلمية، ثم يوارى الثرى في مقابر الأسرة بالسادس من أكتوبر.

أحمد زويل، هو عالم كيميائي مصري وأمريكي الجنسية حاصل على جائزة نوبل في الكيمياء لسنة 1999، لأبحاثه في مجال كيمياء الفيمتو حيث قام باختراع ميكروسكوب يقوم بتصوير أشعة الليزر في زمن مقداره فمتوثانية يمكّن من رؤية الجزيئات أثناء التفاعلات الكيميائية، وهو أستاذ الكيمياء وأستاذ الفيزياء في معهد كاليفورنيا للتقنية.

ولد أحمد حسن زويل في 26 فبراير 1946 بمدينة دمنهور، وعندما كان عمره 4 سنوات، انتقل مع أسرته إلى مدينة دسوق التابعة لمحافظة كفر الشيخ حيث نشأ وتلقى تعليمه الأساسي.. و بعد حصوله على الثانوية العامة، التحق بكلية العلوم بجامعة الإسكندرية وحصل على بكالوريوس العلوم بامتياز مع مرتبة الشرف عام 1967 في الكيمياء، وعمل معيدًا بالكلية ثم حصل على درجة الماجستير عن بحث في علم الضوء.

سافر إلى الولايات المتحدة في منحة دراسية وحصل على درجة الدكتوراه من جامعة بنسلفانيا في علوم الليزر.. ثم عمل باحثًا في جامعة كاليفورنيا، (1974 - 1976).. وبعد ذلك انتقل للعمل في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا (كالتك) منذ 1976، وهي من أكبر الجامعات العلمية في أمريكا.. وحصل عام 1982 على الجنسية الأمريكية.

وتدرج في المناصب العلمية الدراسية داخل جامعة كالتك إلى أن أصبح أستاذًا رئيسيًا لعلم الكيمياء بها، وهو أعلى منصب علمي جامعي في أمريكا خلفًا للينوس باولنج، الذي حصل على جائزة نوبل مرتين، الأولى في الكيمياء والثانية في السلام العالمي.

ورد اسم العالم المصري الجليل في قائمة الشرف بالولايات المتحدة التي تضم أهم الشخصيات التي ساهمت في النهضة الأمريكية. وجاء اسمه رقم 9 من بين 29 شخصية بارزة باعتباره أهم علماء الليزر في الولايات المتحدة (تضم هذه القائمة ألبرت أينشتاين، وألكسندر جراهام بيل).

وفي يوم الثلاثاء 21 أكتوبر 1999، حصل أحمد زويل على جائزة نوبل في الكيمياء عن اختراعه ميكروسكوب الفمتوثانية (بالإنجليزية: Femtosecond Spectroscopy) ودراسته للتفاعلات الكيميائية باستخدامها، ليصبح بذلك أول عالم مصري وعربي يفوز بجائزة نوبل في الكيمياء، وليدخل العالم كله في زمن جديد لم تكن البشرية تتوقع أن تدركه لتمكنه من مراقبة حركة الذرات داخل الجزيئات أثناء التفاعل الكيميائي عن طريق تقنية الليزر السريع.

وقد أعربت الأكاديمية السويدية الملكية للعلوم أنه قد تم تكريم د. زويل نتيجة للثورة الهائلة في العلوم الكيميائية من خلال أبحاثه الرائدة في مجال ردود الفعل الكيميائية واستخدام أشعة الليزر حيث أدت أبحاثه إلى ميلاد ما يسمى بكيمياء الفمتو ثانية واستخدام آلات التصوير الفائقة السرعة لمراقبة التفاعلات الكيميائية بسرعة الفمتوثانية. وقد أكدت الأكاديمية السويدية في حيثيات منحها الجائزة لأحمد زويل أن هذا الاكتشاف قد أحدث ثورة في علم الكيمياء وفي العلوم المرتبطة به، إذ أن الأبحاث التي قام بها تسمح لنا بأن نفهم ونتنبأ بالتفاعلات المهمة.

وكأي إنسان، للعالم الجليل حياته الخاصة الشخصية، كان دائم الاستماع إلى أغاني كوكب الشرق، وكانت أغنية "يا مسهرنى" من أغانيه المفضلة التي حفظها عن ظهر قلب، وكانت أولى محطات الحب في حياته أثناء فترة عمله معيدًا بجامعة الإسكندرية، ومن بين الطالبات اللاتي كان يدرس لهن، كانت تجلس "ميرفت" الحب الأول والزوجة الأولى أيضًا، فكان زويل يصفها دائمًا بالطالبة الوقورة والجادة، والتي ينم جمال وجهها عن عدد من الصفات الحميدة، التي كانت سبب إعجاب زويل بها، وتقدمه لوالدها ليتم زواجه الأول وينجب منها إبنتيه.. لكن عقب ولادة ابنته الثانية أماني في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث كانت ظروف زويل العملية تفرض عليه ترك الولاية التي يعيش فيها مع أسرته، ومن هنا بدأت المشكلات، وقرر الانفصال عن زوجته وتكريس حياته للعلم.
لكنه تزوج مرة أخرى عندما التقى زوجته السورية، ديما الفحام التي أحبها وشاركته حياته على الحلوة والمرة، حيث تعرف عليها في المملكة العربية السعودية.. ووالدها هو العالم الجليل الدكتور شاكر الفحام رئيس مجمع اللغة العربية في سوريا.. وكان وزيرا وسفيرا.

والتقى بها حينما كان في زيارة للسعودية لتسلم جائزة الملك فيصل في العلوم.. وهو كان يتسلم أيضا جائزة الملك فيصل في الأدب العربي.. وتزوجها لتشاركه الحياة.

كان زويل يعشق أبناؤه ولحظات الدفء العائلي.. حيث لديه أربعة أبناء، إبنتيه من زواجه الأول، مها خريجة جامعة "كالتك" الأمريكية، وأماني درست الطب في جامعة "شيكاغو"، ولديه ولدان ثمرة الزواج الثاني، نبيل 22 عام وهاني 21 عاما.

ونختتم المقال بكلمات من العالم المصري زويل، عن تربيته لأبنائه حيث كان دائمًا يقول: "ستكون لحظة سعيدة حتما، إذ علمت أبنائي احترام العلم والمعرفة والتفوق.. لم أقل لهم يوما لازم تكونوا أثرياء.. وإنما أقول لهم دائمًا لازم تنجحوا وتتفوقوا وتحترموا العادات والتقاليد والأخلاق الشرقية.. معنديش بنت تعيش علي الطريقة الغربية.. أنا بقي فلاح شرقي في المسألة دي.. الأدب والتربية والأخلاق".

وتوفى فقيد مصر الدكتور زويل، الثلاثاء 2 أغسطس 2016 الماضي عن عمر ناهز الـ 70 عامًا في الولايات المتحدة.

من كل قلبي: العلماء لا يرحلون ولكن يظلون أحياء بالعلوم التي يورثونها للأجيال القادمة.. فالاكتشافات العلمية تساعد الناس على تخطى المعاناة التي يعانون منها، مثل الأمراض.. عاشت مصر التي أنجبت هؤلاء العلماء.. ومصر مازال بها كفاءات كبيرة، وشبابها متحمس، لكن السؤال المُلح: ألم يحن الوقت لمصر أن تحتضن هؤلاء بدلا من أن يحتضنهم الغرباء؟
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط