قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

أزمة الدولار.. فاعلة أم مفتعلة؟


من منا لم يقرأ أو يسمع عن أزمة الدولار في مصر، بدءًا من أصغر عامل وحتى أكبر رجل أعمال، فالجميع شغله الشاغل أزمة الدولار وسعر الجنيه مقارنةً بالدولار.

لقد أصبحنا جميعًا بكل فخر خبراء في سوق النقد، متابعين بكل شغف لسياسات البنك المركزي في مواجهة أزمة الدولار، وماذ سيقدم من حلول للخروج من تلك الأزمة.

عفوًا؛ فتلك المتابعة ليست في محلها، فالبنك المركزي ليس هو المتسبب الأوحد في تلك الأزمة، وبالتالي لا يجب أن نلقي على عاتقه وحده حل الأزمة.

لا يمكن إنكار أن البنك المركزي هو بمثابة القلب الذي يدفع بالدورة الدموية في الجسد الاقتصادي، ويقصد بالدورة الدموية بالطبع النقود، إلا أن باقي أعضاء الجسد الاقتصادي أين دورها؟ فتلك الأعضاء هي القطاعات الاقتصادية المختلفة، ويجب عليها أن تتحرك بصورة مستمرة كي لا يتجلط الدم بها، وتتسبب في توقف القلب، ومن ثم يموت الجسد.

البنك المركزي هو المنظم لعرض النقود في السوق، وفقًا لمحددات الطلب عليها، وتلك المحددات تتنوع ما بين شراء سلع وخدمات استهلاكية، وأخرى استثمارية، تتمثل في استكمال المشروعات القومية، والاستثمارية المختلفة، والبنية التحتية.

وفي دولة مثل مصر تسعى لإعادة بنيتها التحتية واستكمال مشروعاتها القومية والتوسع في المشروعات الاستثمارية ومن ثم البنية التحتية، بهدف تحقيق التنمية الاقتصادية، يصبح الطلب متزايدا على العملة الأجنبية في ذلك الوقت، نظرًا لاعتمادنا على استيراد مستلزمات الإنتاج، والسلع الرأسمالية من آلات ومعدات، ناهيك عن ارتفاع التطلعات الاستهلاكية للسلع المستوردة، وهو الأمر الذي ينعكس على ارتفاع قيمة العملة الأجنبية مقارنةً بالعملة المحلية التي لم تجن ثمار التنمية الاقتصادية بعد، وهو ما يزيد من تفاقم الأزمة التي يقف البنك المركزي بمفرده متصديًا لها.

ونظرًا لأن سعر صرف العملة المحلية ما هو إلا انعكاس للحالة الاقتصادية التي تعيشها الدولة، فبالتالي تعتبر أزمة الدولار أزمة فاعلة، فكلما ارتفع مستوى التنمية الاقتصادية في الدولة، كلما أصبحت عملتها ذات قيمة أعلى.

وما أعنيه من تنمية اقتصادية هو تنمية لجميع الأنشطة القطاعية في الدولة، التي تمثل مختلف أعضاء الجسد الاقتصادي دون استثناء، فالجميع مشاركون في صناعة الأزمة، وعلى الجميع أن يتحدوا لحلها، بدلًا من إلقائها على عاتق البنك المركزي وحده، والوقوف متفرجين، بل ومتابعون لخطواته التي يستهدف بها الإبقاء على حياة العملة المحلية.

وكلٌ منا يجب أن يلعب دوره بإتقان وتفان بهدف الخروج من تلك الأزمة، على سبيل المثال؛ القائمون على التعليم في حالة إتقانهم لما يقدمونه من خدمات تعليمية، ترسخ في الوجدان؛ المبادئ والقيم، فلن نجد المتلاعبين بمصير الدولة أو المتاجرون بأقوات الشعب.

والعاملون في مجال الصناعة والزراعة، في حالة إتقانهم ما يقدمونه من سلع صناعية وزراعية، فستتمتع منتجاتنا المصرية بالجودة والسعر المناسب، وهو ما يطلق عليه "التنافسية"، وبالتالي ستصل منتجاتنا بجميع أنواعها بسهولة إلى الأسواق الخارجية.

وكذلك بعض العاملين في مجال السياحة والخدمات المرتبطة بها، في حالة تخليهم عن استغلال السائحين، واهتمامهم بحسن المعاملة، فسيتركون انطباعًا بأننا بلد الحضارة عن جد، وسيروجون دون أن يشعروا للسياحة في مصر.

فكلُ منا يجب أن يؤدي دوره باتقان من أجل إعادة إحياء العملة المحلية، وليس البنك المركزي بمفرده، وفي مقدمة تلك الأدوار المطلوب تحقيقها وبإخلاص، هي أن يعي كل فرد أنه بشرائه للمنتج المصري، فإنه بذلك يدعم عملتنا الوطنية، وعلى الحكومة أن تعمل على سرعة إنجاز المشروعات القومية، واستكمال البنية التحتية، وتشجيع الاستثمار، بهدف تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة، وفي تلك الحالة ستتحول الأزمة من أزمة فاعلة لأزمة مفتعلة يسهل السيطرة عليها.

[email protected]