قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

موارنة لبنان وأقباط مصر

×

كثيرًا ما يروج بعض الموتورين أن الأوضاع في مصر ستتجه إلى الأوضاع التي آلت إليها الأمور في لبنان، في إشارة إلى التوترات والفتن المتنقلة التي تطال الأقباط في مصر والنتائج التي ستترتب عليها إن استمرت لفترة أطول، وذلك استنادا إلى ما يقولون عنه مما تعرض له المسيحيون الموارنة في لبنان قبل الحرب الأهلية اللبنانية.

إن المقاربة بين موارنة لبنان وأقباط مصر مقاربة ظالمة جدا بحق مصر عموما والأقباط خصوصا، فالأوضاع الحقيقية في لبنان ليست بالصورة التي يتم تناقلها حاليا، وذلك إما بسبب جهل ناقلي هذه المقارنة بالتاريخ اللبناني، أو بسبب علمهم بالحقيقة ورغبتهم بتزويرها وتحويرها لتتناسب مع الأوضاع الحالية وتقديم الحجج والمبررات لإذكاء الفتنة وإيصالها إلى مصاف المواجهات الحقيقية.

وأسباب ظلم أقباط مصر بسبب محاولة نشر هذه المقولة كثيرة، منها أن أقباط مصر ولطالما كانوا من الوطنيين المخلصين لوطنهم، ولم يقوموا يوما بأي تمرد مسلح ولم يتم إنشاء أي تجمع مسلح تحت أي مسمى كان، ولم يسبق لهم أن تعاونوا مع أي دولة عربية أو أجنبية لدعمهم في حرب قد يقومون بها ضد شركائهم في الوطن، وتجتمع الآراء على أن أسباب عدم القيام بهذه الأمور الروح القومية الخالصة وشعور الانتماء الصافي لديهم وإيمانهم المطلق بأن محركا خفيا يتلاعب بالشارع المصري لإيصاله إلى حد الانفجار.

أما في لبنان وباختصار، فقد بدأ المسيحيون بالتجمعات الحزبية المسلحة منذ العام 1936 مع إنشاء حزب الكتائب اللبنانية على يد بيار الجميل، والذي لعب الدور الأساسي في تجييش الشارع المسيحي وإطلاق شرارة الحرب الطائية اللبنانية، ويلي حزب الكتائب حزب الوطنيين الأحرار الذي أسسه رئيس الجمهورية اللبناني الراحل كميل شمعون سنة 1958، الذي شارك أيضا بالكثير من المعارك الداخلية خلال الحرب الأهلية، كما تجدر الإشارة إلى حزب القوات اللبنانية الذي تأسس في العام 1976 من قبل الرئيس اللبناني الراحل بشير الجميل ليكون الذراع العسكرية للجبهة اللبنانية ذات التوجه اليميني المتطرف، التي كانت تضم آنذاك معظم التيارات السياسية والعسكرية المسيحية.

حزب الكتائب اللبنانية وخلافًا لما يشاع بدأ منذ نشأته بإعداد الكوادر المسلحة وتجييش الشارع المسيحي ضد الشارع المسلم والمسلمين، ومن يقول إن الكتائب بدأت بهذه التصرفات بعد الانتشار الفلسطيني في لبنان على خلفية توافد اللاجئين بعيد العام 1948 وانتشار الأحزاب اليسارية، فهو خاطئ جدا، إذ إن التمهيد بدأ فعليا قبل النكبة بعقدين من الزمن، علما أن بيار الجميل أسس حزبه بعد رحلة قام بها قبل العام 1936 إلى ألمانيا وتأثره بالنازية، أي أنه أسس الحزب على قواعد نازية لا تؤمن إلا بالتطرف والإقصاء والقتل بدم بارد.

يسجل بصفحات التاريخ الأسود للجبهة اللبنانية التي تضم الكتائب والأحرار والقوات، أنها كانت أول من استنجد بالخارج ضد اللبنانيين، ففي العام 1975 تم الاستنجاد بسوريا للحماية من الفلسطينيين، ودخل الجيش السوري فعلا ونكل بالأحزاب اليسارية لفترة طويلة قبل أن ينقلب على الجبهة وتتحول إلى ألد أعدائه، كما أن الاجتياح الإسرائيلي للبنان في العام 1982 تم بالتنسيق الكامل بين الجيش الإسرائيلي والأحزاب اللبنانية، علما أن هذه الفترة شهدت انتشارا لهذه الأحزاب التي استغلت تقهقر الأحزاب اليسارية لتنشر القتل والإعدامات والدمار في المناطق اللبنانية المختلفة التي دخلتها.

ولا يجب تناسي أو نسيان أن الرئيس شمعون، رئيس الوطنيين الأحرار، كان أول من استنجد بالخارج بشكل رسمي في العام 1958، إذ طلب من القوات الأمريكية التدخل لحماية المسيحيين، وفي التفاصيل أن لبنان في يوليو 1958، كان مهددًا بحرب أهلية بين المسيحيين المارونيين والمسلمين، وابتداء التوتر مع مصر في عام 1956 عندما رفض الرئيس اللبناني كميل شمعون، المسيحي الموالي للغرب، قطع العلاقات الدبلوماسية مع الدول الغربية التي هاجمت مصر أيام أزمة السويس والعدوان الثلاثي، والذي أثر على الرئيس المصري جمال عبد الناصر، وزادت حدّة هذا التوتر عندما أعلن كميل شمعون تقربه من حلف بغداد الذي اعتبره عبد الناصر تهديدًا للقومية العربية، وعند قيام الوحدة بين مصر وسوريا باسم الجمهورية العربية المتحدة. دعم رئيس الوزراء اللبناني السني رشيد كرامي جمال في 1956 و1958. طالب اللبنانين المسلمين من الحكومة اللبنانية الانضمام للوحدة بينما أراد المسيحيون التحالف مع الدول الغربية.

واستجاب الرئيس الأمريكي وقتها أيزنهاور، لطلب شمعون فيما سمي عملية الخفاش الأزرق في 15 يوليو 1958، وكان هذا أول تطبيق لمبدأ أيزنهاور الذي أعطى الحق لأمريكا بالتدخل في الدول المهددة بالشيوعية. كان الهدف من العملية دعم حكومة كميل شمعون الموالية للغرب المهددة من سوريا ومصر (الجمهورية العربية المتحدة). كانت تقضي الخطة باحتلال وتأمين مطار بيروت الدولي، وميناء بيروت ومداخل المدينة. شارك في العملية 14000 جندي من الجيش والمارينز. نجح وجود القوات الأمريكية في قمع المعارضة وسحبت أمريكا قواتها في 25 أكتوبر 1958.

بعد هذا الاختصار لحقبات من التاريخ اللبناني فهل يعقل تشبيه الموارنة بالأقباط؟ هل يعقل تشبيه المواطن الحقيقي الوطني بمن يستنجد بالخارج للقضاء على شريكه بالوطن؟ هل من الممكن تساوي من قام بأبشع المجازر والإعدامات الميدانية بسبب الطائفة أو الدين بمن يقابل الإساءة بالتسامح والقتل والحرق والإهانة بطلب الغفران والقبول والسعي إلى التصالح والصلح والعيش بأمان مع شركاء الوطن؟ لا يا سادة فهذه المقاربة تسيء للمسيحيين في مصر أكثر من الإساءات التي يقوم بها عناصر الإخوان والسلفيين ومن ينجر وراءهم من السفهاء والسخفاء، وإن كانت الغاية هي إيصال مصر إلى مرحلة الحرب الأهلية والمواجهات الطائفية فالمساعي ستفشل، لأنه إن كان في الهند غاندي واحد استطاع فرض السلام بقوته الناعمة، ففي مصر مليون غاندي قوتهم الناعمة تتمثل بحب مصر والإيمان بالسلام والعيش المشترك...

وللحديث تتمة ...