فى غفلة من الزمن وفى عالم اليوتوبيا أصبح الأقباط هم الاغلبية واصبحوا هم من بيدهم مقاليد الحكم وسلطة الحاكم واصبحت لهم اليد العليا المسيطرة على كل شىء فى بر وبحر وجو مصر المحروسة .
وفى يوم يليه آخر ،وشهر يعقبه شهور، وأجيال تورث أخرى مفهوم واحد الا وهو ان ..شركاؤكم فى الوطن اقلية وليس لهم كل حقوقكم .وايضا اصبحت الاقلية المسلمة تعيش على قدر ماهو متاح لها من هامش الحرية، فاذا هدم مسجد او ألحق به ضرر لاتستطيع أن تعيد بنيانه مرة اخرى؛ كما انه ورثوا ايضا فى ريف المحروسة ان الاغلبية المسيحية هى من تضع كل النظم وايضاهى صاحبة حق طرد او ايواء الشرذمة المسلمة التى هى فى نظرهم كافرة ولن تشم ريح الجنة .
وفى مصر ايضا عاشت الاقلية المسلمة المهمشة وهى ترى وتلاحظ ان الابناء قد تربوا على الا ياكلوا من اكل المسلمين غير المتطهرين وإن يشاركوهم الاحتفال والتهنئة بكل مناسباتهم من قبيل اكرام الجار ، تربت اجيال واجيال وفى ظل هذه التربية المنقوصة كانت الاقلية المسلمة تسعى سعيا دؤوبا شأنها كشأن اى اقلية فى العالم ان تجود من نفسها وتتميز عن الاغلبية ؛فانتهجوا نهج الفروع العلمية النادرة وتفوقوا فيها وتميزوا تميزا مبهرا عن كل من فى اغلبيتهم القاهرة ، ليس هذا فقط بل امتد سعيهم ليشمل التجارة والتعامل مع مكتسبات القوة فى الوطن ؛ كرجال اعمال وتجار ذهب وعقارات وغير ذلك من احتلال لمراكز قوى المجتمع الاقتصادى .وبنوا لهم منظومة تعوضهم الى حد ما عن قهر الاغلبية لهم.
ولكنهم كانوا يريدون ان تشملهم الدولة بعين الرعاية وقدموا كل فروض الولاء والطاعة واصبحوا اكثر الملتزمين بروح القانون وبالالتزام بهيبة الدولة والامتثال لها ، وعلى الرغم من كل ذلك وشعورهم بمحبة ابناء الوطن واندماجهم معا فى بنيان بدا مرصوصا الا ان هذا البنيان يعتريه من حين لاخر تراكمات البنيان الاعظم وهو الميراث التربوى وايضا التجاهل الحكومى المتمثل بسياسة القائمين على الحكم بتنفيذ مفهوم "معلهش" كلما طغت فئة ضالة من الاغلبية المسيحية الباغية على الاقلية المسلمة المستأنسة.
ولفظة معلهش تفرض نفسها دائما عقب اعتداء الاغلبية على الاقلية وتنفذ بصورة حضور ائمة الاغلبية ونظرائهم من الاقلية برعاية الدولة الام المتغاضية الطرف عن ابناءها الطاغين وفى هذه الجلسة التى يحلق فوقها حمام السلام وهو يحمل معه الف والف معلهش يتم التقاط الصور والقاء التصريحات من الجانبين باننا سمن على عسل ايا كان لونه وطعمه ، وبعدها يمضى كل فى حاله ويتنسم الحاكم رحيق كلمة معلهش ويضيف عليها حقكم عليا احنا مالناش الا بعض .
وهكذا اصبح صعيد مصر وريفها وبرها وبحرها يعيش عند هذه الازمات وهو مستعد لاطلاق المعلهش لتعقبها حوادث اخرى واخرى فى المنيا واسيوط وشبرا وسيناء واى مكان فقط دولة معلهش هى التى تحكم وتتحكم والغريب ان الاقلية لم تسع لان تقاوم هذا المعلهش بل اصبحت هى الاخرى ترضى به وتعيش فى نطاق المعلهش كما الاغلبية هى الاخرى اصبحت تسعى لأن تختزل من حروف ومعانى المعلهش مادام هناك رضا من الاقلية واصبح الاثنان يتصارعان فى محاولة لاكتساب او فقدان المزيد من الحروف الباقية من كلمة كان يجب أن تزال بتربية الاباء لابنائهم وبتشديد سلطة القانون وبتغليظه حتى يكون الكل متفهما انه يحيا فى دولته التى تحترم مواطنته ولاتعامله على اساس دينه، لان الأخير هو علاقة بينه وبين ربه .. وكم من ساجد ظالم وكم من غافل عابد؛ وكم من صائم طالح ؛وكم من فاطر صالح ..يادولة المعلهش سامحينا ان بغينا فقد كفرنا من العيش بقانون معلهش...