لم يكن مستغربا أن يقوم رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو بزيارة إثيوبيا وتوقيع اتفاقات تعاون بين تل أبيب وأديس أبابا ولكن الغريب هو غياب الرد الرسمى والتحرك الفعلى المصرى لاحتواء التغلغل الإسرائيلى الأفريقى وأيضا المثير للدهشة الصمت الرسمى المصرى على المهاترات الإثيوبية التى تتجلى فى استكمالها تشييد ما أسمته بسد النهضة.
فمنذ أن تركت مصر أفريقيا إثر محاولة الاغتيال الفاشلة التى تعرض لها الرئيس المتنحى حسنى مبارك منذ ذلك التاريخ الأسود وأصبح الجنوب الأفريقى مفتوحا على مصراعيه للكل بصفة عامة ولأعداء مصر بصفة خاصة ففيه وضعت الصين أقدامها ونمت تجارتها ومشاريعها وتعاونها وأيضا هناك عززت تركيا من حجم نشاطها التجارى وأرصدتها الاقتصادية وأيضا دخلت قطر بخبث سياسى وبضخ مادى وكل هؤلاء باركتهم الولايات المتحدة وأعطت لهم كارت المرور الأمن ووسط هذه المباركة وجدت إسرائيل نفسها هناك وأصبحت لها يد طولى فى التعامل معتمدة على نسبة كبيرة من اليهود الذين كانوا يشكلون عبئا نفسيا على أديس أبابا ذات الغالبية المسيحية وعليه أظهرت أوراق اللعب الدينى وهجرت ماعرفهم التاريخ باسم يهود الفلاشامن اثيوبيا الى ارض الميعاد كما يقولون عنها فى توراتهم وبهذا التحرك وضعت اسرائيل يدها على قلب مشاكل اثيوبيا المتمثلة بمساحة كبيرة مليئة بالخيرات يعيش عليها سكان فقراء وانتهزت اسرائيل غياب مصر وفعلت كل مايحلو لها لاستقطاب اثيوبيا شعبا وحكومة وتم لها ما أرادت واصبح التقارب الاسرائيلى الاثيوبى واقعا محتوما.
وتكتمل مقدرات التعاون والتجاذب بإنشاء سد النهضة الذى يقول عنه كل الجيولوجيين بأنه شوكة فى حلق مصر وتساعد إسرائيل حكومة الحبشة كما كان يطلق عليها فى القديم باستكمال بناء سد المآسى والآلام لمصر مستقبلا. وبما أن القاهرة تتخذ من الصمت أسلوبا ومن التجاهل دربا ومن اللامبالاة طريقا.
تجبرت إسرائيل وقام نتنياهو بزيارة يعلن فيها نجاحه فى توطيد أواصر الصلة بين بلاده وبين بلاد أباطرة الحبشة القدامى وليس هذا فقط بل تعلن تل أبيب عن تر حيب أديس أبابا بان تتمكن إسرائيل من الحصول على صفة مراقب فى الاتحاد الأفريقى ضاربة عرض الحائط بأية ردود أفعال مصرية أفريقية على شغلها هذا المنصب الخطير..وبين سعى إسرائيل الدائم لتضييق الخناق على قاهرة المعز ووضع قيادتها فى حتمية الصدام الشعبى واظهار الفشل ينمو مع هذا السعى اصرار اثيوبيا على رفض مصافحة ايادى القاهرة الممدودة دوما وايضا يتواكب مع كل ذلك غياب الرؤية القيادية المصرية لمواجهة مشكلة حيوية لن تؤثر فقط على المصريين حاليا ولكنها ستعصف بمستقبل اجيال قادمة وانطلاقا من هذا الموقف العصيب نناشد نحن المقهورين فى الارض رئيسنا وحكومتنا وأهل العلم أن يخرجوا عن صمتهم ويوضحوا لنا ماذا ستأتى به الأيام من تداعيات إنشاء سد النهضة الإثيوبى.