لن تنتهى مأساة التعليم فى مصر وعذاب الثانوية العامة إلا إذا كانت هناك إرادة سياسية حقيقية لحل مشاكل التعليم حلا جذريا، ولن يكون هناك حل حقيقي إلا باستجابة الدولة وأصحاب القرار لآراء الشعب – أولياء الأمور والطلاب – قبل آراء أصحاب المصالح من مافيا التعليم الخاص سواء تعليم قبل الجامعى أو تعليم جامعى
الدولة تعتبر أن حل مشاكل التعليم يعنى مزيدا من الانفاق على دعم التعليم المجانى وبالتالى فإن هذا الملف مؤجل حله جذريا وكل ما يصدر فيه من قرارات تزيد مشاكل التعليم وتزيد من العبء على الطلاب واسرهم وتساهم فى مزيد من فقدان الانتماء عند الطلاب والشباب.
وباختصار فإن أخطر مشاكل التعليم التى حولت حياة المصريين إلى عذاب هى
1 – المناهج الدراسية التعجيزية بل والانتقامية فى جميع المراحل الدراسية بدءا من الصف الأول الابتدائى
2 – قلة أعداد الجامعات الحكومية وقلة أعداد الكليات التى يقبل عليها الطلاب وعدم استيعابها لخريجى الثانوية العامة مما أدى لارتفاع درجات التنسيق لنسب غير معقولة تصل إلى 98 % لبعض الكليات
3 – مشكلة الدروس الخصوصية فى كل المواد وهى ناتجة أصلا عن المشكلتين السابقتين
ولاشك أن أخطر مشاكل التعليم هى المناهج الدراسية التعجيزية فى كافة المراحل الدراسية قبل الجامعية التى ابتدعها نظام مبارك بهدف شيطانى يهدف لتعجيز الطلاب واسرهم وارغام أكبر عدد منهم على الاتجاه للتعليم الفنى بدلا من الالتحاق بالجامعات الحكومية التى ضاقت أماكنها مقارنة بأعداد خريجى الثانوية العامة فبدلا من إنشاء جامعات حكومية جديدة تستوعب أعداد خريجى الثانوية العامة سعى أبالسة نظام مبارك بموافقته ودعمه على تعجيز الطلاب عن دخول الجامعات أو الالتحاق بالثانوية العامة أصلا من خلال المناهج الدراسية المكتظة التى تفوق أعمارهم بمراحل.
هذا التفكير الشيطانى كان المنبع الأساسى لتفشى ظاهرة الدروس الخصوصية فى كل المواد الدراسية وفى كل المراحل الدراسية بدءا من الصف الأول الابتدائى حيث أصبح من المستحيل على أى طالب استيعاب أى مادة بمفرده أو بمساعدة الأسرة وأصبح الدرس الخصوصى هو السيد.
عشرات المليارات تنفقها الأسر المصرية سنويا من لحمها الحى وعلى حساب حاجتها الأساسية وفى حالات كيبرة بالاستدانة على مافيا الدروس الخصوصية التى أصبح من مصلحتها استمرار المناهج الدراسية التعجيزية والإيحاء للقيادة السياسية ولمتخذ القرار بأن صعوبة المناهج هى التى ستؤهل الطلاب لمستوى أرقى من التعليم وتؤهل البلد لمزيد من التقدم.
أما الثانوية العامة فى مصر فقد أصبحت - بسبب شياطين عهد مبارك - رحلة تعذيب وتنكيل بالأسرة المصرية ومؤامرة لتدمير اى ولاء وانتماء للطلاب لوطنهم بعد ان اصبحت المناهج انتقامية وليست تعجيزية وتحول التعليم لحشو معلومات ليس لحفظها عن ظهر قلب اى قيمة تذكر فى ظل عصر الانترنت وتحولت الاسرة المصرية ونشطت مافيا الدروس الخصوصة لتلتهم مليارات الجنيهات سنويا من دم الاسرة المصرية التى تعيش الأمرين بين الغلاء وجنون الاسعار من ناحية وبين مافيا الدروس الخصوصية والمدارس الخاصة والجامعات الخاصة من ناحية أخرى.
السعى لحل مشكل التعليم دون البدء بهذه المشاكل لن يؤدى إلا إلى مزيد من حوار الطرشان بين الحكومة والمواطن صاحب المشكلة.
الحل يبدأ من مشروع قومى للدولة تحت إشراف الرئاسة يشمل تخفيف ما لا يقل عن 40 % من مناهج "التعذيب" الدراسى للمصريين فى جميع المراحل الدراسية بما يسمح للطلاب واسرهم ان يعيشوا حياتهم الطبيعية مثل باقى البشر فى كل دول العالم وبلاد الدنيا ..وفى نفس الوقت انشاء العدد المطلوب من الجامعات والكليات الحكومية بما يقترب ولا اقول يصل للمعدل العالمى المتعارف عليه.
لو تم هذا ستختفى تلقائيا الحاجة لاى دروس خصوصية وسيجد كل طالب ناجح فى الثانوية العامة بمجموع 70% مكانا له فى الكلية التى يرغبها مثل كل الطلاب فى كل الدنيا وستختفى الظاهرة الشاذة والعجيبة التى وصلت بدرجات التنسيق للقبول بالجامعات الى 98 % والتى تعامل الطالب الحاصل على 90 % انه فاشل فى حين أن كل دول العالم تنظر للطالب الحاصل على 80 % بانه متفوق جدا