شعبان شهر يغفل عنه الناس.. ترفع فيه الأعمال وتتجلى فيه الرحمات.. وحرص الرسول على صيامه لسببين
مستشار المفتي:
شعبان شهر ترفع فيه الأعمال إلى الله تعالى
الإكثار من الصيام في شعبان مستحب شرعا وكيل الأوقاف السابق:
«سببان» لإكثار الرسول من الصيام في شعبان
حلّ علينا اليوم أول أيام شعبان شهر المنحة الربانية التي يهبها الله لأمة محمد -صلى الله عليه وسلم-، وهو شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين؛ وتتجلى فيه رحمة الله تعالى بعباده، فيهبهم من خزائن خيراته، ويجزل لهم فيه من عطياته.
قال الدكتور مجدي عاشور المستشار العلمي لمفتي الجمهورية، إن شهر شعبان له منزلة كريمة، ومكانة عظيمة، فقد اختصه الله تعالى بأنه الشهر الذي ترفع فيه الأعمال إلي رب العالمين، ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يكثر من الصيام فيه.
واستشهد «عاشور» بما روى النسائي عن أسامة بن زيد رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله، لم أرك تصوم شهرًا من الشهور ما تصوم من شعبان، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ».
وأضاف مستشار المفتي، أن شهر شعبان جعله الله تعالى تهيئة لرمضان، فهو مثل الوضوء يكون استعدادًا للصلاة، مؤكدًا أنه يستحب الإكثار من الصيام في شعبان، ولا يفضل صيامه كاملاً، حتى لا يكون شبيهاً برمضان.
وأكد أنه وردت أحاديث تدل على أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يكثر الصيام في شهر شعبان ومنها: عن أبي سلمة، أن «عائشة رضي الله عنها، حدثته قالت: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شهرًا أكثر من شعبان، فإنه كان يصوم شعبان كله».
وتابع: عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول: لا يفطر، ويفطر حتى نقول: لا يصوم، وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا رمضان وما رأيته في شهر أكثر منه صياما في شعبان».
واستطرد: عن أبي سلمة، قال: سألت عائشة رضي الله عنها، عن صيام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: «كان يصوم حتى نقول: قد صام ويفطر حتى نقول: قد أفطر، ولم أره صائما من شهر قط ، أكثر من صيامه من شعبان كان يصوم شعبان كله، كان يصوم شعبان إلا قليلا». وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: «لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشهر من السنة أكثر صياما منه في شعبان».
من جابنه، قال الدكتور سالم عبد الجليل، وكيل وزارة الأوقاف سابقًا، إن النبي -صلى الله عليه وسلم- اهتم بشهر شعبان اهتماماً عظيماً؛ فكان يصومه حتى إنه لم يكن لشهر أكثر صياماً منه لشهر شعبان.
واستدل «عبد الجليل» بما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كَانَ رَسُول اللهِ صلّى الله عليه وسلّم يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ لا يَصُومُ، فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إِلاَّ رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ» [متفق عليه]، وفي زيادة عند مسلم: «... وَلَمْ أَرَهُ صَائِمًا مِنْ شَهْرٍ قَطُّ أَكْثَرَ مِنْ صِيَامِهِ مِنْ شَعْبَانَ، كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ، كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلاَّ قَلِيلاً».
وأشار إلى أنه لاحظ بعض الصحابة -رضوان الله عليهم- اهتمام النبي -صلى الله عليه وسلم- بهذا الشهر؛ فأدركوا أن هذا الحرص النبوي فيه من الخير ما لم يطّلعوا عليه أو يدركوا كنهه؛ فما كان منهم -كما هي عادتهم- إلا أن سألوا عن سرِّ هذا الاهتمام النبوي بهذا الشهر؛ فعن أسامةَ بنِ زيدٍ رضي الله عنه قال: قلت: «يا رسولَ اللهِ! لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنْ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ؟ قال: «ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ» [رواه أحمد والنسائي].
ونوه بأن وقوع هذا الشهر بين شهرين عظيمين؛ هما رجب الحرام، ورمضان شهر الصيام، جعل الناس تغفل بتعظيمهما عن إدراك ما في شهر شعبان من الفضل وعظيم الأجر؛ فنبه النبي صلى الله عليه وسلم الأمة بفعله ثم بقوله إلى أهميته وعظيمه مكانته عند الله سبحانه وتعالى.
وأوضح أن في قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: «ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ» إشارة إلى أن بعض ما يشتهر فضله من الأزمان أو الأماكن أو الأشخاص قد يكون غيره أفضل منه إما مطلقاً أو لخصوصية فيه لا يتفطن لها أكثر الناس؛ فيشتغلون بالمشهور عنه، ويفوتون تحصيل فضيلة ما ليس بمشهور عندهم».
ولفت إلى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بيّن هذه الفضيلة -التي يجهلها الناس فغفلوا عن هذا الشهر-، وهي أن الأعمال ترفع إلى الله تعالى ليجزي ويثيب عليها؛ فجدير بالعبد أن يرفع عمله إلى الله وهو قائم على طاعته.