تعرض عدد كبير من العلماء المصريين على مر العصور لمحاولات اغتيال كان السبب الرئيسى فيها هو نبوغهم العلمى ورغبتهم فى رفعة وطنهم، مما جعل الدول المعادية لمصر تعتبرهم خطرا كبيرا لابد من التخلص منه.
وفى ذلك التقرير سنتناول أشهر عمليات الاغتيال لأبرز العلماء البارزين.
"سميرة موسى":
هى أول عالمة ذرة مصرية ولقبت ب"مارى كورى الشرق"، ولدت "سميرة موسى" فى 3 مارس عام 1917، والتحقت بكلية العلوم جامعة القاهرة ونظرا لشدة نبوغها أصبحت أول معيدة فى كلية العلوم بجامعة فؤاد الأول، كما كان يطلق على جامعة القاهرة آنذاك.
وكان من أبرز أنجازاتها توصلها إلى معادلة هامة يمكن من خلالها تصنيع االقنبلة الذرية من مواد متوفرة للجميع؛ وكانت "سميرة موسى" تطمحدائما إلى أن يكون علاج السرطان بالذرة رخيصا ومتوفرا للجميع مثل الأسبرين.
وفى عام 1952، تلقت "موسى" دعوة للسفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية لأجراء أبحاث نووية، كانت أول شخص غير أمريكى يسمح له بالدخول الى المنشأت النووية الأمريكية، وتلقت بعد ذلك عرضا للبقاء والاستمرار فى العمل بالولايات المتحدة لكنه رفضته، وبعد ذلك وتحديدا فى يوم 15 أغسطس 1952 كانت فى طريقها لزيارة معامل نووية فى ولاية كاليفورنيا استجابة لدعوة وجهت إليها، عندما اصطدمت سيارة نقل بالسيارة التى كانت تركبها، وقفز السائق من السيارة، فيما سقطت "موسى" فى وادى عميق ولقت حتفها.
الجدير بالذكر أن سائق الشاحنة كان يحمل أسما مستعارا، كما أكدت إدارة المفاعل على أنها لم تبعث أحد لأصطحابها.
"على مصطفى مشرفة":
هو عالم فيزياء نظرية وكان يلقب بـ "أينشتاين العرب" نظرا لقيامه بمناقشة أبحاثه مع العالم الشهير "ألبرت أينشتاين" الذى وصفه بأنه واحد من أعظم علماء الفيزياء، ولد عام 1898 وتوفى عام 1950.
يذكر أن الإذاعة الأمريكية قدمت "مشرفة" على أنه واحد من أبرز سبعة علماء فى العالم يعرفون سر تفتت الذرة؛ فضلا عن أنه وكان أول من توصل الى فكرة صناعة القنبلة الذرية من الهيدروجين، لكنه لم يتمنى أن تصنع تلك القنيلة بشدة حيث كان من المعارضين لأستخدامها فى الحروب، لكن ذلك جدث بالفعل بعد وفاته بسنوات، حيث قامت الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا بصناعة القنبلة الهيدروجينية.
وكان لـ"مشرفة" العديد من الأبحاث والنظريات الهامة التى ساهمات فى تقدم العلم وفسرت الكثير من الظواهر. وإيمانا منه بحق الجميع فى التعليم ودور العلم فى نهضة الأمم، ألف مجموعة من الكتب تشرح العلوم المعقدة للمواطن البسيط.
وتم اغتيال "مشرفة" بالسم فى 15 يناير 1950، ويشار إلى أن النظام الملكى المصرى آنذاك من الممكن أن يكون له يد فى اغتياله، حيث قام "مشرفة" بتشكيل جماعة تسمى "شباب مصر" ضمت عددا كبيرا من العلماء والنابغين وكانت تسعى لأنهاء الحكم الملكى وإعلان مصر جمهورية مستقلة، مما يعطى لذلك النظام سببا للتخلص منه.
"جمال حمدان":
هو أحد أعلام الجغرافيا فى القرن العشرين، ولد فى 4 فبراير عام 1928، وكان له مؤلفات عظيمة كان له دور كبير فى فضح أكاذيب اليهود من أبرزها كتاب "اليهود أنثروبولوجيا" الذى صدر عام 1967.
وبالطبع لم تنل آرائه ومؤلفاته اعجاب الموساد الأسرائيلى الذى وضعه على قائمة اغتيالاته، وذلك على حد قول رئيس المخابرات السابق "أمين هويدى" الذى أكد على أن لديه ما يثبت تورط الموساد فى قتل "حمدان".
يشار إلى أنه تم العثور على جثة "حمدان" فى 17 أبريل عام 1993،وكان النصف الأسفل منها محروقا، واعتقد الجميع أنه لقى حتفه نتيجة لتلك الحروق، لكن الطب الشرعى المصرى أكد على أنه مات مختنقا من الغاز لأن الحروق لم تصل لدرجة إحداث الوفاة.
"يحيى المشد":
كان من أهم عشرة علماء فى العالم فى مجال تصميم المفاعلات النووية والتحكم فيها، ولد عام 1932 فى مصر ودرس الهندسة الكهربائية فى الجامعة التكنولوجية فى العراق، ثم حصل على دكتوراة فى هندسة المفاعلات النووية من موسكو.
وبعد تجميد البرنامج النووى المصرى بعد نكسة يونيو 1967، سافر الى العراق لمواصلة أبحاثه الذرية بعد تلقيه عرض من الرئيس العراقى "صدام حسين"، وهو ما جعله هدفا للموساد الأسرائيلى.
يذكر أن "صدام حسين" قام بتوقيع اتفاقية للتعاون النووى مع فرنسا عام 1975، وكان لها أثرا كبيرا فى جذب العديد من العلماء المصريين للعمل فى العراق.
وتم العثور على جثة "المشد" فى 13 يونيو عام 1980 فى حجرته بفندق الميريديان فى باريس، وكانت رأسه مهشمة ودمائه تغطى سجادة الحجرة، وأغلقت السلطات الفرنسية القضية على أن الفاعل مجهول.
وكان السبب فى وجود "المشد" فى باريس آنذاك يرجع إلى أن فرنسا اصرت على حضوره شخصيا لتنسيق استلام اليورانيوم بعد أن رفض استلام بعض شحنات اليورانيوم الفرنسية لأنه اعتبرها دون المواصفات.
الجدير بالذكر أن الولايات المتحدة الأمريكية وأسرائيل اعترفت رسميا باغتيال "يحيى المشد" فى قيلم تسجيلى مدته 45 دقيقة بعنوان "غارة على المفاعل" وتم عرضه على قناة "ديسكفرى" الأمريكية، كما تم تصويره بالتعاون مع الجيش الأسرائيلى.
ويذكر الفيلم أن الموساد اخترق مفوضية الطاقة الذرية الفرنسية وتوصلوا إالى العالم المصرى البارز "يحيى المشد"، وعندما رفض "المشد" عروضهم بالمال والسلطة والجنس مقابل معلومات حول المفاعل، اقتحم عملاء الموساد غرفته بالفندق وقتلوه.
ومن جانبها اعتبرت الولايات المتحدة الأمريكية اغتيال المشد خطوة تأمينية ضرورية لضمان القضاء الكامل على المشروع النووى العراقى.
"نبيل القلينى":
هو عالم ذرة مصرى، ولد فى المنصورة عام 1939، درس فى كلية العلوم جامعة القاهرة، ونظرا لنبوغه أرسلته الجامعة فى بعثة إلى تشيكوسلوفاكيا للقيام بالمزيد من الأبحاث والدراسات فى الذرة.
وأشادت جميع الصحف التشيكية بعبقريته العلمية التى أبرزتها الأبحاث الذرية التى قام بها، وحصل بعد ذلك على الدكتوراة من جامعة براج.
اختفى "نبيل القلينى" فى 27 يناير عام 1975، وكشفت السلطات التشيكية عن أن "القلينى" خرج من بيته بعد مكالمة هاتفية ولم يعد حتى الأن.
وحتى يومنا الحالى لا أحد يعلم مصير "القلينى"، هو فقط خرج ولم يعد.
الجدير بالذكر أنه لم يتم فتح تحقيق رسمى فى حوادث اغتيال "سميرة موسى" و"مصطفى مشرفة" و"يحيى المشد" و"نبيل القلينى" حتى الآن.