«5 أسباب» لزيادة عدة المتوفى عنها زوجها على المطلقة
قال الدكتور محمد الشحات الجندي عضو مجمع البحوث الإسلامية، إن معرفة الحكمة من أمر الله أو أمر رسوله -صلى الله عليه وسلم له طريقان-، الأول: أن تكون الحكمة قد ورد النص عليها في الكتاب أو السنة كقوله تعالى: «وَمَا جعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ» البقرة/143.
وأضاف «الجندي» لـ«صدى البلد»، أن الطريق الثاني: أن يستخرجها العلماء عن طريق الاستنباط والاجتهاد، وهذا قد يكون صوابا، وقد يكون خطأ، وقد تخفى الحكمة على كثير من الناس، والمطلوب من المؤمن التسليم لأمر الله تعالى وامتثاله في جميع الأحوال، مع الاعتقاد الجازم بأن الله تعالى حكيم، له الحكمة التامة والحجة البالغة، لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون.
وأكد أن الله تعالى فرض العدة على المطلّقات، والمتوفّى عنهنّ أزواجهنّ بقوله تعالى: «وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ» البقرة/228، وقوله سبحانه: «وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» البقرة/234.
وأوضح المفكر الإسلامي، أن الله تعالى أمر المرأة المتوفى عنها زوجها أن تعتد 4 أشهر و10 أيام، والمطلقة عدتها 3 أشهر كما نصت الآيتان السابقتان، مشددًا على ضرورة الامتثال لأوامر الله تعالى.
وشدد على أن الواجب على المسلم السّمع والطّاعة، والتّسليم لنصوص الوحي، والأحكام الشّرعيّة، وإن لم يعرف الحكمة منها، قال الله تعالى: «فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا» النساء/65، وقال سبحانه وتعالى: «إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» النور/51 ، وقال تعالى: «وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ» الأحزاب/36 .
وأشار إلى أن هذا لا يمنع من ذكر العلّة للأحكام، وقد ذكر أهل العلم للعدّة عللاً منها: التّعبّد بامتثال أمر الله عزّ وجلّ حيث أمر بها النّساء المؤمنات، ومعرفة براءة الرّحم حتى لا تختلط الأنساب بعضها ببعض، تهيئة فرصة للزّوجين في الطّلاق؛ لإعادة الحياة الزّوجيّة عن طريق المراجعة، والتّنويه بفخامة أمر النّكاح؛ حيث لا يتمّ الطلاق إلاّ بانتظار طويل، ولولا ذلك لأصبح النكاح بمنزلة لعب الصّبيان، يتمّ ثمّ ينفكّ في السّاعة، وإظهار الحزن والتّفجّع على الزّوج بعد الوفاة؛ اعترافاً بالفضل والجميل.
وزادت عدّة المتوفّى عنها زوجها لما يلي: إنّ الفراق لمّا كان في الوفاة أعظم؛ لأنّه لم يكن باختيار، كانت مدّة الوفاء له أطول، وإنّ العدّة في المتوفّى عنها زوجها أنيطت بالأمد الذي يتحرّك فيه الجنين تحرّكاً بيّناً؛ محافظة على أنساب الأموات، ففي الطّلاق جعل ما يدلّ على براءة الرّحم دلالة ظنيّة؛ لأنّ المطلّق يعلم حال مطلّقته من طهر وعدمه، ومن قربانه إيّاها قبل الطّلاق وعدمه، بخلاف الميت، وزيدت العشرة الأيام على أربعة الأشهر؛ لتحقّق تحرّك الجنين احتياطاً؛ لاختلاف حركات الأجنّة قوّة وضعفاً.
وتابع: إنّ ما يحصل من الحزن والكآبة عظيم، يمتدّ إلى أكثر من مدّة ثلاثة قروء، فبراءة الرّحم إن كانت تعرف في هذه المدّة، فإنّ براءة النّفس من الحزن والكآبة تحتاج إلى مدّة أكثر منها، وإنّ تعجّل المرأة المتوفّى عنها زوجها بالزّواج ممّا يسيء أهل الزّوج، ويفضي إلى الخوض في المرأة بالنّسبة إلى ما ينبغي أن تكون عليه من عدم التهافت على الزّواج، وما يليق بها من الوفاء للزّوج، والحزن عليه.
واستكمل: إنّ المطلقة إذا أتت بولد يمكن للزّوج تكذيبها ونفيه باللّعان، وهذا ممتنع في حق الميت، فلا يؤمن أن تأتي بولد فيلحق الميتَ نسبُه، فاحتيط بإيجاب العدة على المتوفّى عنها زوجها، مشيرًا إلى أن هذه المدّة قليلة بالنسبة للمدّة التي كانت المتوفّى عنها زوجها تمكث فيها في الجاهليّة، حيث كانت تُحِدّ على زوجها حولاً كاملاً.