دلت السنة النبوية على ثواب إكرام الضيف، واحتسابه من الأعمال الصحالة التي يكتبها الله عز وجل صدقة للمضيف.
فعَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزاعِي رضي الله عنه قَالَ: سَمِعَتْ أُذُنَايَ وَأَبْصَرَتْ عَيْنَايَ حِينَ تَكَلَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ جَائِزَتَهُ» قَالَ: وَمَا جَائِزَتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَالضِّيَافَةُ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ، فَمَا كَانَ وَرَاءَ ذَلِكَ فَهْوَ صَدَقَةٌ عَلَيْهِ» رواه البخاري (5673) وفي لفظ لمسلم (48): «الضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَجَائِزَتُهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ».
وقال ابن القيم في شرحه للحديث: إن للضيف حقّاً على مَن نزل به، وهو ثلاث مراتب: حق واجب، وتمام مستحب، وصدقة من الصدقات، فالحق الواجب: يوم وليلة، وقد ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- المراتب الثلاثة في الحديث المتفق على صحته من حديث أبي شريح الخزاعي – وساق الحديث السابق -. «زاد المعاد» (3/658).
والضيف الذي يجب إكرامه، وله حق على المضيف، هو الضيف المسافر، وهو القادم من بلد آخر، واختلف العلماء في حكم الضيافة، وعلى من تجب فذهب الحنفية والمالكية والشافعية إلى أن الضيافة سنَّة، ومدتها ثلاثة أيام، وهو رواية عن أحمد، والرواية الأخرى عن أحمد أنها واجبة، ومدتها يوم ليلة، والكمال ثلاثة أيام، وبهذا يقول الليث بن سعد، ويرى المالكية وجوب الضيافة في حالة المجتاز الذي ليس عنده ما يبلغه ويخاف الهلاك.
والضيافة على أهل القرى والحضر، إلا ما جاء عن الإمام مالك، والإمام أحمد - في رواية - أنه ليس على أهل الحضر ضيافة، وقال سحنون: الضيافة على أهل القرى، وأما أهل الحضر فإن المسافر إذا قدم الحضر وجد نزلاً - وهو الفندق - فيتأكد الندب إليها ولا يتعين على أهل الحضر تعينها.