دعاء «ركوب المواصلات» فى القرآن الكريم
يُذكرنا الله تعالى دائما فى كتابه العزيز بنعمته علينا بتسخير الأنعام والفلك التى سخرها لنا لأن الإنسان مهما بلغت قوته لا يستطيع أن يُسخر هذه الأشياء لأمره وإنما بقدرته عز وجل جعلها مسخرةلأمر الإنسان.
ويأمرنا الله تعالى بأن نذكره عند ركوب هذه الأنعام والفلك عرفانا منا بفضله، وذلك مصداقا لقوله تعالى: «لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ* وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ» سورة الزخرف: آيات 13و14.
وأورد المفسرون فى كتاب التفسير الوسيط فى تفسير الآية الكريمة، أن المراد من قوله تعالى: «لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ»، أى لتستقروا على ظهورها وتتمكنوا منها ثم تذكروا بقلوبكم وألسنتكم نعمة ربكم وعطاءه لكم وتقولون: «سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا» أى تجعلون ألسنتكم ترجمانا على ما ملأ قلوبكم معلنا ما انطوت عليه جوانحكم فتقولون بلسان ذاكر عن قلب شاكر تنزهت يا ربنا وتقدست عن أى وصف لا يليق بك.
وتابعوا: «فأنت الذى ذللت لنا هذه المخلوقات التى تفوق قدرتنا ويستعصى علينا قيادتها ولو شئت يا الله ألا تمكننا من هذه الدواب التى لاحول لنا معها ولا قوة إلا بك لفعلت ولكنك يسرتها لنا وملكتنا أمرها».
وأضاف المفسرون أنه قيل: أن المراد من النعمة فى هذه الآية هى الهداية للإسلام وتفضله سبحانه وتعالى علينا برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وجعلنا خير أمة أخرجت للناس، أما قوله تعالى «وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ»، أى وما كنا أبدا مطيقين لذلك ولا قادرين عليه فأنت يا ربنا بيدك نواصى الأمور.
وبين المفسرون أن معنى قوله عزوجل: «وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ»، أى وإنا لراجعون وصائرون إلى الله ربنا بعد مماتنا، وفى ذلك تنبيه للعاقل أن يتخذ من أمور الدنيا عبرة يعتبرها وينظر من خلالها إلى الآخرة، فإذا ركب الأنعام والفلك ذكر ركوبه ورحيله إلى الآخرة وإذا تزود للدنيا تنبه إلى زاد الآخرة وهو التقوى.