الدفاع الباطل عن ونيس

لم يكن ضبط النائب علي ونيس متلبسا بفعل فاضح في سيارة مع فتاة منقبة-ان ثبتت الواقعة- خبر يستحق التوقف أمامه طويلا، باعتباره حادثا متكررا إلا من زاويتين:
الأولى:ان ونيس شيخ مسجد ونائب عن حزب النور السلفي وممثل عن الأمة في مجلس الشعب ومفوض من قبل جماعة من البشر للحديث باسمهم،ومن هذا المنطلق فقط أصبح شخصية عامة له حقوق وعليه واجبات، أولها احترام ناخبيه وقيمهم ومبادئهم التي تستوجب منه كبح رغباته وشهواته.
الثانية:هى هوس قطاع كبير من التيار السلفي بالجنس واعتباره محركا لكل مواقفهم وآرائهم وفتاويهم، وانظر إلى اهتمام نوابهم بمظاهر الورع المصطنعة،وتمعن في أولوياتهم التشريعية ستجدها تقنين الختان، وتخفيض سن زواج الفتاة، وتغطية وجه المرأة باعتبارها مصدرا للغواية، والقي نظرة على برامج الفضائيات الإسلامية وتأمل في نوعية الاسئلة والاجابات لتتأكد من دون عناء ان التفكير بالنصف السفلي صفة غالبة على معظم شيوخ التيار السلفي، الذين لم يشغلوا بالهم بالسياسة واعتبرها بعضهم كفرا لانها تحكم شريعة البشر لا الله، واصطف معظمهم وراء النظام الفاسد طوال عقود مضت بحجة عدم جواز الخروج على الحاكم، وأيد بعضهم التوريث باعتبار ان جمال بالنسبة لهم هو ولي العهد، ولم يلتحق بقطار الثورة منهم سوى عدد محدود جدا أراد لاحقا حصد مغانمها في غزوة الصناديق.
وإذا اعتبرت ان ونيس وقع في خطأ بشري يمكن ان يقع فيه أي إنسان في لحظة ضعف، فانني أرفض تماما ما جنح إليه الفريقان سواء المدافع عن ونيس بالحق والباطل، أو المنتقد له من دون انتظار نتائج التحقيقات وثبوت ارتكابه لفعل فاضح في الطريق العام،وتعالوا نتأمل مواقف الفريقين.
الأول تيار السلف الذي يحاول جاهدا انقاذ سمعته من التدهور اثر الضربات المتتالية التي ساهمت في تراجع شعبيته، وفقدان قطاع عريض من المصريين الثقة به، بعد ثبوت كذب شيخه الكبير حازم أبو إسماعيل في جنسية والدته، ثم كذب نائب حزب النور أنورالبلكيمي.
هذا التيار يريد ان يقنعنا–كما حاول- في حادثتي حازم والبلكيمي ان هناك مؤامرة كونية على الإسلام تقودها أجهزة مخابرات العالم، لصالح الفريق شفيق خاصة قبل جولة اعادة انتخابات الرئاسة.
والفريق الثاني يعمل بكل بقايا أجهزة أمن الدولة ورجاله في كتائب التضليل الإعلامي لوصم تيار الإسلام السياسي برمته بالنفاق والكذب والخداع.
والحقيقة ان الطرفين وقعا في الخطأ نفسه وهو التعميم المخل، فلا ونيس ولا حازم ولا البلكيمي يمثلون الإسلام، وليس معهم توكيلات للحديث باسم السماء، وخطأهم البشري يحسب على شخوصهم ولا يحسب على التيار أو الحزب أو التوجه الذي يمثلونه، صحيح ان الانحرافات الأخلاقية تأتي دائما ممن يرفعون في وجوهنا راية الأخلاق والفضيلة، وممن يتحدثون باسم الإسلام وكاننا اكتشفنا فجأة بعد 15 قرنا ان مصر دولة إسلامية وأهلها مسلمون، لكن الصحيح أيضا ان التعميم خطا منهجي والبناء عليه يؤدي لصورة غير حقيقة.
النتيجة الأهم في رأيى ان الناس بدأوا يتعاملون مع هذا التيار ورجاله باعتبارهم بشرا وليسوا نصف آلهة أو رسلا أو معصومين،وانهم لا يملكون تفويضا باسم الإسلام، وان تواجدهم في ميدان السياسة بعد الثورة سواء من آمن منهم بالديموقراطية أو حتى من اعتبرها الديموقراطية مطية تصل به إلى غرضه قبل ان يفرض استبداده،نقل الخلاف إلى أرضيتة السياسية الصحيحة، ولن يستطيع أحد بعد ذلك ارهابنا بتهمة التكفير، ولن نسقط أسرى لصراع الاستقطاب الحاد بين السياسي المتغير والديني المقدس.