باحث ترميم يكشف تفاصيل مثيرة عن تقطيع ونقل وإعادة تركيب معابد أبو سمبل قبل 50 عاما

كشف "كريم السيد" الباحث في ترميم الأثار الكثير من كواليس وأسرار عملية نقل آثار أبو سمبل التي تمت قبل أكتر من 50 سنة عن طريق تقطيعها , حيث قال إن تلك الطريقة كانت الأفضل حينها نظرا للحجم الهائل للأُثار والمعابد وكان لا بد من نشرها وتقطيعها,لإنقاذ المعبد من الغرق بواسطة مياه بحيرة السد العالي في بداية الستينيات.
تغيير توقيت تعامد الشمس بعد نقل المعابد
وأشار "كريم" في تصريحات خاصة لصدي البلد إلي أن عملية النقل وإعادة التركيب أدت لتغيير في توقيت تعامد الشمس علي وجه تمثال رمسيس الثاني في منطقة «قدس الأقداس» داخل معبد أبو سمبل يومي 21 أكتوبر(مولده) و21 فبراير (تتويجه ملكا) قبل عام 1964,حيث أن عملية نقل المعبد من موقعه القديم الذي تم نحته داخل الجبل إلى موقعه الحالي,أدت لتغير تاريخ الظاهر ليصبح يومي 22 أكتوبر و22 فبراير.
تكلفة ومدة عملية النقل
وقال إن عملية انقاذ معابد أبو سمبل بدأت في عام 1964 وتكلفت هذه العملية 40 مليون دولار واستمرت 4 سنوات لتنتهي عام 1968، حيث تم تقطع الموقع كله إلى كتل كبيرة ما بين 20 و 30 طنا، وتم تفكيكها وأعيد تركيبها في موقع جديد على ارتفاع 65 م أعلى من مستوى النهر، وتعتبر تلك العملية واحدة من أعظم الأعمال في الهندسة الأثرية.
لماذا بنى "رمسيس" معبده بهذا المكان ؟
وأشار إلى أن رمسيس الثانى بنى هذا المعبد كبيان ليعيد الناس حساباتهم ولاسيما أولئك الذين يفكرون فى مهاجمة الحدود المصرية سواء من طرفى الجزيرة او من الجنوب، ووراء المدخل تنتشر سلسلة من الأروقة والغرف المبنية في عمق الجبل تملاؤها الأعمدة والكتابات الهيروغليفية، والتى تزين جدرانها وترتفع الأرضية تجاه أهم غرفة هى قدس الاقداس.
الطريقة الأمثل لإنقاذ آثار أبو سمبل
وحول الطرق التي كانت مقترحة لحل الأزمة وإنقاذ المعبد وأُثاره , قال "خبير الترميم" أنه في عام 1960 اطلق نداء عاجل لانقاذ ابوسمبل، حيث اجتمع خبراء اكثر من 50 دولة لايجاد طريقة لإنقاذ المعبد، وطرحت حينها أفكارا كثيرة ومقترحات كان منها تطويق المعبد داخل مركب من الأسمنت المقوى، مستخدمين ارتفاع منسوب المياه لصالحهم، لكن العقبة كانت أن ذلك الحل يستغرق 6 سنوات لتنقل المياه الحمولة الثقيلة تلك إلى موقعها الجديد، بخلاف أن المعبد سيكون مهددا بالتدمير في حال هبت عواصف.. وفي النهاية توصل الخبراء إلى أن أفضل طريقة هى تفكيك المعابد ونقلها.
وأشار إلى أنه عام 1964 بدأ فريق من الفى مهندس ومقاول من فرنسا والسويد وإيطاليا ومصر في تفكيك معابد ابى سمبل، حيث قاموا ببناء سد عازل حتى لا تفيض مياه النهر وتصل لقمة المعبد، لذلك أعطاهم هذا السد 13 شهرا إضافيا لعملية النقل,وبعد أن تمت عملية النشر قاموا بالنقل باستخدام قضيبين فولاذيين داخل القطعة المراد نقلها,ثم رفعها باستخدام الرافعة علي الشاحنة لمنطقة التخزين,حيث كانت القطع مرتبة بعناية ومرقمة بدقة حتي يتمكنوا بعد ذلك من عملية التركيب بسهولة.
"فن وهندسة" في الحفاظ على كتابات ونقوش المعابد
وتابع: ضمن ما خطط له المهندسون أنهم ارادوا إعادة بناء الجبل حول المعابد ليضاهي موطنه الاصلي، وهذا أصعب ما واجهوه لكنهم توصلوا لحل عبقري، حيث قاموا ببناء قبة خرسانية ضخمة فوق المعبد، وستحمل القبة الوزن الكامل للحجارة المكدسة حولها وستحمى المعابد، حتى يبدو المعبد ومحيطه كانه لم يتم نقله وأنه فى مكانه الأصلي، واستغرقت عملية التركيب حوالى 19 شهرا لإعادة بناء المعبد.
وقال كريم السيد إنه اثناء عمليات التقطيع حاولوا بقدر الإمكان التقطيع فى المناطق التي لا تعيق عملية القراءة بالنسبة للكتابات،وفي التماثيل قاموا بعمليات القطع فى مناطق لا تشوه المنظر ولم يقطعوا مثلا الأعين والأنف أو الفم نصفين ,لذلك كانت عملية التقطيع غير متساوية ولا منتظمة,
وربما لو كانت عملية التقطيع تمت متساوية لأصبح الشكل مدمرا، وسيكون هناك تشوه ملحوظ خاصة فى الأوجه وسيؤدى هذا إلي فقد أجزاء منه وتدميره،ـ لذلك استبعدوا عملية التقطيع المتساوى وقرروا التقطيع غير المتساوي وغير المدمر للمنظر والشكل العام.
نقل وجه "رمسيس الثاني"
وقال " خبير الترميم" إنه مثلا بالنسبة لوجه رمسيس كان وزنه ثقيل جدا ولن يجدي معه اللص، ,ولذلك قاموا بتثبيت وازن حديد على شكل حرف L باستخدام قضبان فولاذية و"أسفين" من الأسمنت المقوى ومثبت بقضبان فى الوجه عبر مجرى داخله علي طريقة العاشق والمعشوق،وهذه الطريقة تضمن تحمل وجه الوزن الثقيل جدا والذي كان من الممكن سقوطه لو تم لصقه، وكل وجوه تماثيل المعابد المنقولة تمت تقريبا بنفس الطريقة.