حازم"بن الفرات".. وشيوخ العار

أسوأ ما في المشهد المرتبك الذي نعيشه الان هو اختلاط الديني الثابت بالسياسي المتغير،وتطويع الثابت لصالح مشروع أو رأي المتغير،واسباغ قدسية مزيفة على المتغير وترويجه باعتباره الثابت المقدس،ما يعني تحويل الإسلام من دين سماوي مقدس ونبيل وعظيم إلى مطية يركبها بعض شيوخ العار في زمن الانهيار.
ركزوا على مشهدين حدثا في ساعة واحدة تقريبا في مكانين متقاربين،انتعل أبطالهم الإسلام ونصبوا أنفسهم أوصياء عليه وتحدثوا باسمه،وسط تهليلات وتكبيرات الاف البسطاء والمخدوعين في اللحى السوداء والحمراء وخطاب الورع المفتعل.
المشهد الأول..مكانه مسجد أسد بن الفرات في الدقي الذي يحمل اسم أسد بن الفرات قاضي القيروان وأمير الجيش الذي فتح صقلية،والذي تحول إلى مقر رسمي لغرفة قيادة عمليات حازم صلاح أبو إسماعيل ضد المخابرات الأمريكية والصهيونية والروسية والمصرية وربما الصومالية التي جندت رجالها وأجهزتها الأمنية والإعلامية لابعاده عن ورقة ال13التي ينتخب منها المصريون رئيسهم، باعتباره خطرا أشد فتكا من قنبلة إيران النووية.
من بيت الله طالب"دراويش"أبو إسماعيل مبايعته على الموت والدم،في الجولة الأولى من معركته التي حملت اسم السيدة والداته،وراح يبشرهم بالانتصار العظيم ضد فلول الشر والبهتان.
أمس واصل أبو إسماعيل استغلال بيت الله لتنفيذ مشروعه الشخصي بعدما غسل يديه من دماء العباسية،وراح يحدث البسطاء عن الأوراق المجحودة(هل تعرفون معنى المجحودة) التي تنطق بغيرحقيتها(هل فهمتم شيئا)وسط تهليلات وتكبيرات لا معنى لها سوى استمرار مسلسل الكذب والخداع باسم الإسلام، وفي نهاية محاضرته أعطى الاتباع أوامره وطالبهم بالتصويت له في ورقة منفصلة ليعرف"الأعداء"حجم شعبيته المتناسب مع حجم جسده!
رجل القانون يدعو اتباعه إلى مخالفة القانون،والاستهزاء بأول انتخابات رئاسية حقيقية في تاريخ مصر..وصاحب اللحية يستخدم المسجد للترويج لأفكاره ومشروعه السياسي،ويخلط بين المحامي والداعية،وإذا كنا نعرف انه أصبح محاميا بعد ان حصل على ليسانس الحقوق،فلا نعرف مؤهلاته للفتوى واعطاء الدروس الدينية؟
المشهد الثاني..تجمعت كل أطرافه في منصة واحدة بالقرب من حديقة الحيوان،ووضع مهندس الجماعة وموجهها وممولها ومرشدها الفعلي خيرت الشاطر إلى جواره خليط من شيوخ العار وكومبارس السياسة،لنشاهد:
الأول هو الدكتور عبد الله الاشعل،رجل دخل إلى الساحة من باب عدائه الشخصي لعمرو موسى،وتحول إلى معارض للنظام اكتسب احترام بعض القطاعات التي سمعت عنه،وفجأة أعلن ترشحه للرئاسة في هوجة كلنا مرشحون التي أعلن فيها الف رجل أو يزيد نيتهم الترشح،وعند ضربة البداية أعلن في مشهد درامي مؤثر تنازله للشاطر،لكن أحدا لم يهتم بالمشهد لانعدام تأثيره،قبل بعدها ان يصبح"استبن الاستبن"بعدما دفع به الشاطر بعد دفعه للاستبن الأساسي محمد مرسي خوفا من أية احتمالات مفاجاة،ومساء أمس جاء "استبن الاستبن"وفي مشهد عبثي هذه المرة ليعلن تنازله للاستبن الأساسي،خازلا العشرات الذين منحوه أصواتهم(انتخابات المصريين في الخارج بدأت منذ الجمعة الماضية)وطاعنا بقايا احترامه.
الثاني هو صفوت حجازي من منح نفسه لقب أمين الثورة،جاء طائعا لمن أيقظوه ليلا في آخر أيام الترشح للدفع به كأحد الاحتياطين،وبعد ان وصل إلى مقر اللجنة العليا للانتخابات تراجعوا عن قراراهم وسحبوه من أمام كاميرات الفضائيات،وقال انه جاء ليستطلع الامر(باعتباره قائدا لكتيبة الاستطلاعين) وأعلن فضيلته(هكذا ينادونه)ان مرسي هو الاقدر على تطبيق شرع الله،ساخرا من كل شيوخ الدعوة السلفية الذين أيدوا أبو الفتوح،باعتبار ان"فضيلته"هو الوكيل الحصري لشرع الله،وكاننا في معركة لاختيار إمام مسجد وليس رئيس دولة!
الثالث هو محمد عبد المقصود نائب رئيس الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح (هل سمعتم بها أو تعلمون متى أنشئت ومن يمولها ومن هم أعضائها وما هى طبيعة عملها)،خرج ليعلن ليس فقط تأييده لمرسي وهذا حقه،ولكنه أرهب الناخبين من التصويت لأبو الفتوح باسم الله وهذا ليس من حقه،ويفسر الشيخ أسبابه الفقهية المبينة على كتاب الله وسنة نبيه بان أبوالفتوح (الذي أصبح نصف كافر)لا يمانع في تدريس رواية أولاد حارتنا في المدارس (للداعر نجيب محفوظ)
وأجزم ان عبد المقصود وآلاف المهللين لم يقرأو سطرا واحدا من تلك الرواية ولاغيرها،واكتفوا بنقل التحريم جيلا بعد جيل،ورأو ان انتصار أبو الفتوح لحرية الفكر والابداع،آية فسق وفجور تخرجه عن الملة وتستوجب الاصطفاف وراء من يريد تطبيق شرع الله،وكأننا كنا أمة من الكفرة والملحدين طوال 15 قرنا،أو شعب من الزنادقة المنتظرين"للمرسي المنتظر"وشيخه عبد المقصود ليعلمهم أصول دينهم.
انه الخلط المهين بين الله والبشر..بين الفقه والسياسة..بين الآيات المقدسة وتفسيرها على مقاس الهدف الدنيوي.
كفاكم تدليسا باسم الله وضحكا على الذقون يا شيوخ العار.