قال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف: إن "الصحابي": هو الذي صحب النبي -صلى الله عليه وسلم- على الخلاف الذي فصلناه عن مجرد اللقاء ولو للحظة، كما يقول المحدِّثون، أو لابد أن تطول الصحبة؛ كما يقول علماء أصول الفقه، وهناك قضية خطيرة تعد من أهم القضايا التي تفصل فصلا حاسما بين أهل السنة وبين الشيعة؛ وهي قضية عدالة الصحابة، فأهل السنة والجماعة كلهم يعتقدون أن الصحابة كلهم عدول، فأي صحابي ثبتت صحبته للنبي -صلى الله عليه وسلم- لا بد أن يثبت له وصف العدل، إذ العدالة والصحبة وجهان لعملة واحدة.
وأضاف، في حديثه اليومي، الذي يذاع في هذا الشهر المبارك على الفضائية المصرية قبيل الإفطار، أن السنة والشيعة مسلمون ومؤمنون، فنحن أمة واحدة، وأبناء دين واحد، وفي زورق واحد، وهذه قضية لا يجب أن نقترب منها، لكن نحن الآن نتحدث عن قضايا مذهبية داخل الإسلام، فمن القضايا المذهبية الفارقة بين السنة والشيعة هي قضية "عدالة الصحابة"، فأهل السنة يعتقدون أن الصحابة عدول، والشيعة للأسف الشديد ينكرون هذه القضية، ولا يعتقدون أن الصحابة كلهم عدول، وهم يفتحون باب النقد على صحابة النبي-صلى الله عليه وسلم- على مصراعيه، وأحيانًا هذا النقد يؤدي بالغلاة والمتطرفين منهم إلي الجرأة علي تكفير صحابة الرسول -صلى الله عليه وسلم، وهذه من المصائب الكبرى التي حلت بالمسلمين، أن يعتقد مسلم أنه يمكن أن يكفر أصحاب النبي-صلى الله عليه وسلم- والسيدة عائشة - رضي الله عنها- أم المؤمنين وأُمّنا جميعًا -شاء مَن شاء وأبى مَن أبى-، هذا بنص القرآن الكريم، وأنا أعجب كيف يحتفظ هذا الشخص الجريء بإيمانه بمحمد -صلى الله عليه وسلم- بل إيمانه بالقرآن الذي سوف نحتج به في عدالة الصحابة، وفي نفس الوقت يحكم بالكفر على أبي بكر وعمر وعائشة -رضي الله عنهم-.
وأكد الإمام الأكبر أن هذه القضية هي أول منزلق يلجأ إليه المبشرون بالتشيع بين أهل السنة بعد أن يدخلوا إليه من السيدة فاطمة وسيدنا علي -رضي الله عنهما- والنص على الإمامة وآل البيت، ثم بعد ذلك يقولون: إن عمر، رضي الله عنه –وحاشاه وهذا كذب– ضَرَب السيدة فاطمة، وعندها يقول: إن هذا الرجل ظالم، فهل هناك أظلم أو حتى أكبر ممن يضرب بنت الرسول؟ وأحيانا يحكمون عليه بأنه ارتد عن الإسلام، وهذه جريمة كبرى للأسف تُروَّج الآن بين أبنائنا في مصر، لدرجة أن زوجة شكت إليّ من أن زوجها حينما يريد أن يهينها يسب السيدة عائشة أو يسب أبا بكر -رضي الله عنهما-، وللأسف الشديد كثير مِن الشيعة يصرحون بأنهم يربون على كره الصحابة وشتمهم، وهناك إحدى الشيعيات المعتدلات المثقفات، قالت لي: نحن نلعن الصحابة بعد كل صلاة، وهذا لا يصح أبدا، إذ لا يمكن أن ينبني دين أو عقيدة صحيحة وحقة على مثل هذه التجاوزات.
وشدد، على أن الأزهر الشريف لا يريد فُرقة، فالوقت ليس وقت للفرقة، ولكن لا يمكن للأزهر أن يقف مكتوف الأيدي أمام ترويج قضايا تطعن مباشرة في عقيدة أهل السنة، وهم 90% من المسلمين، موضحًا أن الحديث في هذا الموضوع إنما جاء في هذا التوقيت بالذات؛ لأنه كثر علينا الهجوم من التبشير الشيعي، وتحول إلى تدخل في الدول وإلي قضايا سياسية ثم إلى اقتتال، فنحن نحصن شبابنا من الآن، وننصحه ألا يصدق هذا الكلام؛ لأنه مختلق ومكذوب ولا يرضاه مؤمن صادق أبدا، وأنا أنصح شباب الشيعة أيضًا بأن يتعالوا عن مثل هذه السفاسف التي يلقونها.
واختتم الإمام الأكبر حديثه بأن أهل السنة جميعا اتفقوا على أن الصحابة عدول، وأهل الشيعة يخالفونهم ويعتقدون أن الصحابة ليسوا عدولا، ويرتكبون الكبائر، وأحيانا يصفونهم بأنهم غير مؤمنين، وأنهم أعداء الله ورسوله، إلي آخر هذه الأكاذيب، لافتًا إلى أن العدالة هي الطبيعة التي تتكون لدى إنسان ما تمنعه من ارتكاب الكبائر أو الصغائر المسيئة أو المباحات المخلة بالمروءة، فالشخص العدل لا يمكن أن يسرق تمرة، مع أنها صغيرة؛ لكون ذلك مخلاًّ بالشرف، ولا تجده يأكل بالشارع، مع أنه مباح؛ لكونه مخلاًّ بمروءته.