اختلف الصحابة في مكان دفن النبي صلى الله عليه وسلم، وفي كيفيته، أما المكان فقال بعضهم: يدفن في مسجده. وآخرون: يدفن مع أصحابه، فقال سيدنا أبوبكر الصديق: إني سمعت رسول الله يقول: "مَا قُبِضَ نَبِيٌّ إِلاَّ دُفِنَ حَيْث يُقْبِضُ".
فقرروا أن يدفنوا الرسول في المكان الذي مات فيه تمامًا، وهو أسفل سريره في حجرة عائشة رضي الله عنها. والرواية التي ذكرت قول الصديق هذا في سنن ابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما.
أما عن كيفية الدفن، فقد اختلف الصحابة كذلك في الطريقة التي يحفرون بها قبره، ومن المعروف أن هناك طريقتين شرعيتين للدفن، الأولى فهي طريقة أهل مكة، وهي ما يعرف بالشق أو الضريح، وكان الذي يقوم بذلك من الصحابة هو أبو عبيدة بن الجراح، وأما الطريقة الثانية وهي اللحد، وهي طريقة أهل المدينة، وفيها يتم الشق والحفر بصورة عادية، ثم يتم بعد ذلك الحفر بطريقة أفقية جانبية، فيصبح القبر مثل الزاوية القائمة، ويدفن الميت في المكان الجانبي الذي تم حفره في أسفل القبر، وكان الذي يقوم بذلك من الصحابة هو أبو طلحة الأنصاري.
ويروي ابن ماجه من حديث عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: لما مات رسول الله اختلفوا في اللحد والشق، حتى تكلموا في ذلك، وارتفعت أصواتهم، فقال عمر: لا تصخبوا عند رسول الله حيًّا ولا ميتًا، فأرسلوا إلى الشقَّاق واللاَّحِد.
وقالوا كما جاء في رواية ابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما: اللهم خِرْ لرسولك.
بمعنى أن اختر له الطريقة، فوجدوا أبا طلحة، ولم يجدوا أبا عبيدة، فعلموا أن الله قد اختار لنبيه طريقة اللحد، فجاء أبو طلحة الأنصاري، ورفع فراش رسول الله، وحفر اللحد الذي سيدفن فيه.
بدأ الصحابة في (ليلة الأربعاء) في إنزال رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبره، ونزل في قبره علي بن أبي طالب، والفضل بن العباس، وقثم بن العباس، وشقران مولى الرسول ، رضي الله عنهم أجمعين. وقيل: نزل معهم عبد الرحمن بن عوف. وقيل: أوس بن خولي، وبعد أن وُضِعَ رسول الله أهالوا عليه التراب.