"بحيرة المنزلة" محمية في مهب الريح.. تحولت من مصدر للإنتاج السمكي لـ"وكر لتجارة المخدرات"

- الغياب الأمني والمخلفات داخل البحيرة زاد المعتدين والمخالفين
- المحمية تحولت من ثروة قومية الى وكر لتجار الاسلحة والمخدرات
- تعديات الصيادين على المحمية مخالف لقانون الصيد رقم 124 لسنة1983
- المحمية من اخصب البحيرات الشمالية بمصر واغناها بالعناصر الغذائية
- مساحتها قلت من 750 الف فدان الى 130 بسبب الجفاف
- خبراء: ضرورة مداهمة وحدات قتالية من القوات المسلحة للمحمية للاستفادة منها
عندما يكون الماء اصل الحياة ولا يمكن ان تقوم اي حضارة وتزدهر دون المياه وعندما تكون من ضمن نعم الله علي مصر الحبيبة ببحيرات طبيعية عظيمة الجمال والمنفعة منه الله تعالي لتحقق لنا الكثير من المصالح.
مصرف بحر البقر بما تحمله مياهه من مخلفات سائلة صناعية وعندما تكون من هذه البحيرات بحيرة المنزلة الأن او بحيرة "تنيس" فيما مضي من الزمان، فلزم على الجميع التكاتف من اجل عودة هذه البحيرة لتكون احدى الثروات الخصبة التى تدر الخير على الوطن وابنائه بعد ان تحولت الى اوكار للخارجين على القانون يقبعون بها لتهديد الامن القومى وترويع المواطنين وسط تجاهل وتلاعب من الانظمة المتعاقبة من خلال الاجهزة المسئولة عن حماية هذه الثروات الطبيعية ووسط ملايين الجنيهات التى تصرف سنويا بلا فائدة على الحملات وازالة التعديات دون النظر الى مشروع قومى كبير وحل جذرى طويل المدى ليغنى على المسكنات واهدار المال العام وتهديد امن الوطن والمواطن لبحيرة كبرى بدأت تندثر معالمها وتحولت الى ما يشبه بجبل الحلال وكرا للجريمة والارهاب.
"محمية بحيرة المنزلة" كانت تعرف قديما باسم "تنيس"، نسبة الي تنيس ابن حام ابن نوح، وحتي القرن الخامس الميلادي كانت منطقة بحيرة المنزلة اراضي خصبة يزرع فيها اجود الخضروات والفواكه وكانت تروي من فرع النيل القديمة، البيلوزي والتانيس والمانديس" وكلها كانت تصب في البحر الابيض المتوسط وتعرف آثار فتحاتها باسم البواغيز وبالقرب من هذه البواغيز كانت توجد مدن مصرية زاهرة لها الشهرة خاصة الي ان ثارت الطبيعة فحدث زلزال في القرن السادس ميلادي فغرقت المنطقة واختفت جناتها وآثارها و تكونت بأرضها بحيرة مترامية الاطراف هي بحيرة المنزلة وبالرغم من ان البحيرة تطوي في اعماقها مدائن وحدائق الا انها قدمت حياة جديدة ومدن جديدة و اصبح اهل هذه المدن يمتهنون الصيد ويمدونا بأفخر انواع الاسماك.
ويوجد بالبحيرة عدد من الجزر المتناثرة والتلال الاثرية من اهمها "تل الدهب، تل بوان، تل الشقافة وغيرها"
وتقع مساحة كبيرة من بحيرة المنزلة في نطاق محافظة بورسعيد، وقد كانت من اخصب البحيرات الشمالية بمصر واغناها بالعناصر الغذائية والهائمات المائية المطلوبة لتغذية الاسماك.
كانت في الماضي من اهم مصادر الانتاج السمكي بمصر يربطها بالبحر الابيض مجموعة من البواغيز وقنوات الاتصال تعمل علي تبادل المياة والاسماك بين البحر والبحيرة اهمها بوغاري الجميل ( اشتوم الجميل ) القديم، والجديد قناة الاتصال بالقابوطي التي تربط بين البحيرة وقناة السويس وجميعها داخل محافظة بورسعيد يصب في بحيرة المنزلة مجموعة من المصارف اهمها مصارف بحر البقر وحادوس ورمسيس والسرور.
تناقصت مساحتها الي حوالي 130 الف فدان لتجفيف مساحات كبيرة منها لاغراض التوسع الافقي الزراعي او العمراني او لشق الطرق.
كانت محمية بحيرة المنزلة من اخصب واغني بحيرات العالم انتاجا للعديد من اجود اصناف الاسماك وخاصة البحرية مثل الدنيس والقاروص والحنشان وسمك موسي والعائلة البورية والجمبري والكابوريا حيث كانت بيئتها المائية تنحصر بين الشروب والمالحة، ونظرا لعذوبة وسوء مواصفات مياهها اختفت الاسماك البحرية وتعاظم وجود انواع البلطي.
في ستينات القرن السابق كانت مساحتها 750 الف فدان وكانت تطل علي خمسة محافظات "بورسعيد ـ دمياط ـ الدقهلية ـ الشرقية ـ الاسماعلية " تناقصت مساحتها المائية لتصل الي 130 الف فدان ونطل علي ثلاثة محافظات رئيسية فقط "بورسعيد، دمياط، الدقهلية".
واكد الخبراء ان الغياب الامني ادى الي ضعف دور الدولة في مقاومة التعديات والمخالفاتة داخل البحيرة مما زاد من اعداد المتعدين والمخالفين بها و انتشار البلطجية داخل البحيرة وعلي اطرافها واصبحت بجزرها ومرحاتها وكرا لتجار الاسلحة والمخدرات والخارجين علي القانون وانتشار ظواهر اجرامية مستحدثة لم تكن موجودة من قبل مثل الخطف والابتزاز واعتراض السيارات وسرقتها والسرقة بالاكراه و التراشق بالاسحلة النارية و معاقبة سلطات الدولة الجادة في تطبيق القانون.
واوضح المهندس حمدى عرفات بالثروة السمكية ان التعديات التى يقوم بها اباطرة الصيادين لحرف الصيد مخالفة لقانون الصيد رقم 124 لسنة1983 ولا ئحتة التنفيذية واخطرها السدة، الحوشة، التحويطة، الدورة، البشتين، ورد النيل، المداد الطويل، القربة، الطارة" وهي حرف تكون مناطق نفوذ وسيطرة لكبار الصيادين وتمنع الصياد البسيط من الحصول علي قوت يومه وجميع هذه الحرف المخالفة تعمل ايضا علي بطء حركة المياه داخل البحيرة مما يزيد من ترسيب الموارد العضوية والملوثات وتؤدي تلك الترسيبات الي ارتفاع قاع البحيرة وقلة عمق المياه بها بل و انحسار المياه عن بعض اجزاء من البحيرة.
واضاف عرفات ان من اهم المشاكل التى تواجه المحمية يرجع الى انتشار ظاهرة صيد وتهريب الزريعة من بواغيز البحيرة وخاصة من صائدي المطرية دقهلية وغرب بورسعيد لكونها تجارة رابحة تفوق تجارة المخدرات رغم مخالفتها للمادة 19 من قانون الصيد 124 لسنة 1983 وتكون من خلال فترة من بداية زريعة البوري في شهر سبتمير حتي نهاية زريعة الطوبارة في نهاية شهر ابريل من كل عام وتستخدم في صيد وتهريب الزريعة لنشات ذات قوة مواتير عالية وسيارات نقل ذات كفاءة عالية ومسلحين بكل انواع الاسلحة وذلك لمقاومة الجهات الامنية ويساعدهم علي ذلك الغياب الامني وضعف العقوبات الواردة في القانون 124 لسنة 1983.
وارجع حمدى عرفات ان السبب فى عدم السيطرة على الظاهرة الى ضعف العقوبات منها في حالة الزريعة تقوم النيابة العامة يمعاقبة المخالف للمادة19 بتغريمه باقصي مبلغ و هو خمسمائة جنيه ما يعادل ثمن الف وحدة زريعة بوري من الاف وحدات الزريعة المخالفة التي يتم صيدها.
وفي حالة التعديات علي البحيرة بالحوش والسدود التي تدر اموال طائلة يتم معاقبة المخالف بغرامة من خمسمائة الي الف جنيه مع ازالة المخالفة علي نفقته.
واشار العميد محمد الغنام مدير التنفيذى للبحيرة الى ان من الاسباب الرئيسية لمشاكل البحيرة هى التجفيف بعد ان قامت العديد من الوزرات والمحليات بتجفيف مساحات شاسعة منها لاغراض التوسع الافقي الزراعي والصناعي و العمراني وشق الطرق والترع و المصارف مما ادي الي تدهور مساحتها ومع زيادة ملايين الامتار المكعبة من المخلفات السائلة المختلفة التي تلقي فيها ازدادت درجات تلوثها.
وجاءت مشكلة التلوث ضمن اهم المشاكل التى تؤثر على الثروة السمكية بالبحيرة والتى يشكل اكبر عائق بها مصرف بحر البقر بما تحملة مياهه من مخلفات سائلة صناعية و زراعية وصرف صحي و بترولية وصحية لخمسة محافظات تزيد عن 1.5 مليون متر مكعب / يوم . وتحمل مياهه مركبات معادن ثقيلة ـ فينولات ـ كلوريدات ـ مخصبات ـ مبيدات وغيرها ، وثؤثر جميعها علي الكائنات المائية وانسجة اسماك البحيرة مما يؤدي لمخاطر صحية للانسان الذي يتناولها.
وتدخل المصارف الزراعية حادوس ورمسيس والسرو والعنانية واولاد حمام ضمن الملوثات الرئيسية بما تحمل مياهها مخلفات الاسمدة والمبيدات والمخصبات الزراعية و غيرها.
وشدد الغنام على ان مخلفات المصانع الصلبة هى اساس فى تلوث البحيرة نظرا لكونها تطل على مناطق صناعية كثيرة و تلقي مخلفاتها مباشرة عليها دون معالجة مثل المنطقة الصناعية جنوي بورسعيد وغيرها بالاضافة الى السيب النهائي لمحطات معالجة الصرف الصحي والصناعي للمحافظات المطلة عليها يتم القائها في بحيرة المنزلة دون معالجة (حيث ان اغلبها منعدم الكفاءة).
كما المح الخبراء ان البواغيز التي تربيط بين البحر الابيض وقناة السويس والبحيرة ، تعتبر المغذيات الرئيسية للبحيرة بمياه المالحة و الاسماك كما تعمل تلك البواغيز علي خفض تركيز الملوثات بها وخاصة اثناء عمليتي المد والجزر واطمائها بارتفاع قاعها يؤدي الي عدم قيام هذه البواغيز بوظيفتها كما تؤذي زيادة كميات مياة المصارف التي تصب في جنوب البحيرة الي عذوبة مياهها مما يزيد من هجرة الاسماك البحرية منها وانتشار النباتات المائية و خاصة الغاب والبوص وورد النيل مما يؤثر علي الطبيعة البيولوجية للبحيرة بالسلب.
ولفت الغنام الى ان اهم هذه الواغيز الجميل القديم ببورسعيد والجميل الجديد ببورسعيد وقناة الاتصال التي تربط قناة السويس بالبحيرة ببورسعيد وبوغار الصفارة بدمياط.
واكد الغنام ان ارتفاع قاع البحيرة في جنوبها عن قاعها في الشمال يعد من المشاكل نتيجة لترسيب المواد العضوية والمخلفات الواردة للبحيرة من المصارف التي تصب في جنوبها يرتفع قاعها في الجنوب عنه في الشمال مما يؤدي الي تدفق مياه المصارف العذبة الي شمالها حاملة معها النباتات المائية وخاصة ورد النيل وصل لمنطقة الجميل و هو مالم يحدث في تاريخها السابق وساعد علي ذلك اطماء البواغيز.
وشدد الخبراء ان حل مشكلة بحيرة المنزلة يلزم ان ياتى فى اطار خطتين احداهما تعتمد على الحلول التكتيكية العالجة لانقاذ تدهور البحيرة والاخرى الحلول الاستراتيجية الآجلة لانقاذها بالاضافة الى عودة هيبة الدولة بالبحيرة والضرب بيد من حديد علي الخارجين علي القانون يمنع صيد الزريعة و التعديات و انتشار المخالفات والبلطجة واوكار الاجرام داخل البحيرة ويتم ذلك بالتنسيق بين الشرطة والقوات المسلحة حيث ان مداهمة وحدات قتالية من القوات المسلحة لاوكار الاجرام ببحيرة المنزلة قضية امن قومي لخطورة المواقف علي جميع خطط التنمية والمحافظات المطلة والمجاورة لبحيرة المنزلة.
واكدوا ان الحلولة التكتيكية تتضمن ضرورة اتخاذ الاجراءات القانونية والتشريعية اللازمة لان يتم مصادرة سيارات ولنشات الزريعة المستخدمة في صيد وتهريب الزريعة الصالح الثروة السمكية وكذا مصادرة الحفارات واللوادر والبلدوزات المستخدمة في انشاء التعديات و المخالفات لصالح الثروة السمكية.
وبين الخبراء ان من بين الحلول التكتيكية حل مشكلة التجفيف من خلال تفعيل مواد قانون الصيد رقم 124 لسنة 1983 ولائحته التنفيذية بعدم قيام اية جهة عامة او خاصة وزارية او محلية بتجفيف ايه مساحات من بحيرة المنزلة تحت اي مسمي ويكون التوسع العمراني و الزراعي و الصناعي في المناطق الصحراوية عديمة الجدوي الاقتصادية و حل مشكلة اطماء البواغيز و ارتفاع قاع البحيرة عن شمالها من خلال التنسيق مؤخرا بين وزارة الزراعة متمثلة في الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية وهيئة قناة السويس وهيئة حماية الشواطىء وبدعم من رئيس مجلس الوزراء لقيام شركة الكراكات المصرية التابعة لهيئة قناة السويس بعمليات التطهير والتعميق للبواغيز المغذية لبحيرة المنزلة وتفادي عمليات النحر و الاطماء و علاج عيوب انشاء بوغاز الجميل الجديد.
وذلك لسهولة تبادل المياه و الاسماك بين البحر الابيض و البحيرة بالاضافة الى شراء شفاط بقدرة 1600 حصان بملحقاته والمعدات المساعدة له لتطهير و تعميق البواغيز التي تغذي بحيرة المنزلة بالمياه والأسماك بصفة دورية مع قيام شركة الكراكات او الشفاط الجديد يعمل قنوات شعاعيه داخل البحيرة تؤدي الي مناطقها المختلفة لوصل مياه البحر الي مناطقها الجنوبية لعلاج مشكلة ارتفاع قاعها الجنوبي عن الشمالي.
ولفت الخبراء الى انه من بين الحلول التكتيكية حل مشكلة التعديات من خلال تدعيم مناطق الثروة السمكية المطلة علي بحيرة المنزلة بحفارات برمائية لاتقل عن 15 حفارا علي الاقل يتم توزيعها حسب مساحة بحيرة المنزلة التابعة لكل منطقة وذلك لتدعيم وتفعيل عمليات الازالة والتطهير والتعميق داخل البحيرة و كذلك عمليات تنمية المسطح المائي لها بربط مناطقها المختلفة بممرات مائية عميقة لتحقيق دائرية المياه داخل البحيرة مما يخفف ايضا من تركيزات التلوث الموجودة داخل البحيرة.
وجاءت اهم الحلول الاستراتيجية الآجلة لانقاذ بحيرة المنزلة انشاء محطات معالج بيولوجية وكيميائية لمصرف بحر البقر فعالة تتناسب مع مواصفات المياه وما تحتويه من مركيات وكمياتها المتزايدة عام بعد عام وتحويل كل او جزء من مياه مصرف بحر البقر لمناطق صحراوية قريبة من المحافظات التي تلقي مخلفاتها السائلة عليه ليتم استخدامها في زراعة غابات شجرية خشبية تدعم الاقتصاد القومي.
وتضمنت الحلول الاستراتيجية دراسة اعادة استخدام مياه المصارف الزراعية بعد معالجتها و استخدام مبيدات تتحلل وتتكسر بعد استخدامها بفترة زمنية مناسبة علي ان تكون اثارها الجانبية السمية منعدمة ويمكن استخدام المياه المعالجة منها في تنمية البحيرة وفي الاستزراع السمكي ايضا والزام اصحاب المنشآت الصناعية في المناطق المختلفة بإنشاء محطات تنقية ومعالجة مركزية لكل منطقة علي حدة تتناسب مع نوعية المخرجات السائلة لمصانع كل منطقة.
ويتم التمويل بالتعاون و التنسيق بين اصحاب هذه المنشآت وجهاز شئون البيئة علي ان تكون محطات معالجة فعالة وليست مسميات للهروب من القانون بالتزامن مع تطوير وتحديث محطات معالجة الصرف الصحي و الصناعي الحالية لتقوم بالمعالجة البيولوجية و الكيمائية الفعالة وليست بالاكسدة فقط وبما يتناسب مع المركبات التي تصل اليها مع المياه الواردة لها، ليكون السيب النهائي لها مطابقا للقياسات المحددة في القانون وعدم انشاء ايه محطات معالجة جديدة تلقي بالسيب النهائي لها علي بحيرة المنزلة.
وشدد الخبراء انه لزم على القيادة السياسية التحرك الفورى لانقاذ اهم الثروات الطبيعية التى تعتبر من اساسيات الثروة السمكية والسياحية و الاثرية مع الاخذ فى الاعتبار انها لاتقل اهمية عن اى مشروع قومى تنفذه الدولة اليوم فى مختلف بقاع مصر المحروسة بدأ من توشكا جنوبا وصولا الى شبه جزيرة سيناء شمالا وانطلاقا الى محافظات الوجه البحرى والدلتا حتى الانتهاء بالتنمية الشمالية الغربية للبلاد من الاسكندرية الى مطروح.