قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

هى الدائرة المفرغة .. ولن نخرج منها أبدا


أوقات تحتاج أن تبعد عن إلتصاقك بالمشهد عدة خطوات للوراء حتى تراه كاملا أمامك فتستخلص منه رؤية تؤهلك لتقييمه كما ينبغى ، البعد عن المشهد الجارى وفيه مصر المكلومة تودع أبناءها منتحبة يوما بعد يوم عدة خطوات للوراء سيجعلك تراه دائرة مفرغة ، نلف فيها جميعا ببطء شديد ونمر فى كل لفة على نفس التفاصيل بنفس حذافيرها.
قامت ثورة 25 يناير للمطالبة أولا بالحرية ، والآن وبعد أربع سنين منها تقريبا يرمى المزاج العام إلى سحب هذه الحرية كحل لا بديل عنه لمنع مزيدا من الفوضى ومزيدا من الدموع ، ولترشيد إعلان الحداد العام الذى إستعملناه لدرجة أن أصبح معتادا ففقد هيبته ووقاره وألفناه ، من يستطيع اليوم أن يعترض على قرارات عودة المحاكمات العسكرية التى طالما بح الصوت للتنديد بها ورفضها ؟ من لديه الجرأة أن يطالب الآن بحرية بعض النشطاء المسجونين بعد أن كان للمطالبة بحريتهم من قبل معارك مع النظام دارت فيها صولات وجولات؟
من يمكنه معارضة الهجوم الضارى الذى تعرض له إعلاميون كثر معروفون بمواقفهم المعارضة وأسفر عن إستبعادهم من شاشاتهم إلى أجل غير مسمى بعد أن كان الرأى العام يساندهم ويدعمهم كل رواد مواقع التواصل الإجتماعى ؟ ، للأسف لا أحد ، الوضع تغير الآن وكثرة الدماء التى أريقت هى التى هيأت الظروف لإستقبال خبر وفاة الحرية بالراحة والترحاب بعد أن أريقت دماء كثيرة للمطالبة بتحقيقها !!
هذه هى الدائرة المفرغة التى أعنيها ، هذا هوة ما نلف فيه ببطء وسنظل نلف إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، دماء تراق من أجل الحرية ودماء تراق لتقضى عليها !!
أما الآن فحان وقت القضاء عليها حسب التوقيت المحلى لأوجاع الوطن ، وليس فى مقدورك أن تعترض بعد ما رأيت الأم الثكلى تجرى وراء سيارة نقل الموتى وفيها إبنها جثة هامدة ، خرج من الحياة فى عز ما كانت تراه مقبل عليها ، وكيف تعترض وأنت تشاهد دموع زوجة مات زوجها وتركها تواجه الدنيا بطفلين أو ثلاثة أو حامل حتى ؟ ، وكيف تتحدث وأمامك طفل أو طفلة حرموا من السند والكفيل وحكم عليهم بالمشيب قبل الأوان ؟
ستسألنى ما العلاقة التى تربط القضاء على الإرهاب والفوضى بالقضاء على الحرية ؟ ، وأجيبك ، هى أوثق علاقة طبعا ، بدون القضاء على الحرية ستجد علاء عبد الفتاح وأمثاله يروجون لقناعاتهم الرعنة وأفكارهم الخربة الغير محسوبة بكل قوتهم وهى بدورها تدعو للخروج عن القانون والآداب العامة وسيستجيب لهم كل أهوج لاغى عقله ولا يفهم الفرق بين الحرية وتجاوز حدود الأدب والإحترام والوطن منهك جدا ولم يعد يحتمل ذلك.
بدون القضاء على الحرية ستجد كثير من عديمى الشغلة والمشغلة يروجون كل يوم لمسيرات ومظاهرات ومليونيات بداعى وبدون داعى وهى البيئة الخصبة التى يريدها الإرهاب ليبعث من خلالها رسائله ، والوطن لم يعد يحتمل ذلك ،بدون القضاء على الحرية ستجد العقول التى لا زالت تعيش فى ماء البطيخ تطالب بعودة ما يعتقدوها شرعية وما يروه رئيس الجمهورية والوطن لم يعد يحتمل ذلك..
علينا جميعا أن نعترف بأننا شعب يعانى من الإفراط فى كل شئ ، تأتينا الحرية فنفرط ونسئ إستخدامها وتأتينا الديكتاتورية فتفرط هى فى إستخدام القسوة معنا ، علينا ان نعيش ونتعايش قدر ما إستطعنا فى هذه الدائرة المفرغة !